الرأي

من يفسر لغز الاتحاد؟

محمد حطحوط
سيكون هذا أول خطأ ترتكبه عزيزي القارئ إن ظننت أن كاتب هذه الحروف (نمريّ) الهوى، وهو يتكلم عن ظاهرة تنمو ككرة ثلج لدى عشاق هذا الكيان، نادي الاتحاد. هي مشاهدات من رجل خارج الصندوق الرياضي تماما، يستخدم أدوات التحليل التسويقية - بحكم الشغف والتخصص - لتفكيك معادلة معقدة، لكنها غارقة جمالا. الاتحاد هو الفريق السعودي الوحيد الذي ملأ جماهيره المدرجات في أول مباراة في الدوري! الاتحاد هو الفريق السعودي الوحيد - وضع هذه المرة عشرين خطا تحت كلمة وحيد - الذي تملأ جماهيره المدرجات سواء كان الفريق في أوج عطائه أو يواجه إخفاقات داخل المستطيل الأخضر!

عندما ترى عشق الجماهير الكتلونية لبرشلونة أو اندماج المشجعين لمانشستر، فإنها ظاهرة تستطيع تفكيكها إلى عواملها الأولية.. ومعرفة أسباب التآلف غير الطبيعي بين النادي ومحبيه. ستجد أن ريال مدريد يتميز في خدمات دمج المشجع Fans Engagement من خلال زيارات خاصة للنادي، وفعاليات لإثارة المشاعر، بل تستطيع أن تقيم حفل زواجك على أرضية النادي، وتقدم لك خدمة فندقية من خمس نجوم. ستجد في برشلونة مطعما خاصا وأفكارا لا تنتهي لزيادة ولاء المشجع وتحويله من مشجع سلبي إلى محب إيجابي يقف مع النادي في كل أحواله!

بالمقابل تأمل تسويق الأندية على المستوى المحلي، وما زالت الأندية تفكر بعقلية (الإدارة العامة) وليس (إدارة الأعمال)، ولعل خصخصة الأندية ستحل هذا الإشكال، وستصعق إن أدركت أن أكبر الأندية بالمملكة ما زالت لا توفر خدمة شراء التذاكر بالنت، ونحن في عصر أمازون وبيتزا أونلاين! وتستمر الصدمة التسويقية، أن هذه الأندية لم تستفد بعد من هذه الجماهير العاشقة. ولهذا يتفهم الإنسان سر المزاج المتقلب للجمهور السعودي للأندية خلا الاتحاد. هناك جماهير ممكن أن تقلب الطاولة على النادي عند أول إخفاق! هناك جماهير حتى وعند تحقيق فريقها للدوري كانت باهتة جدا على دكة المشجعين! كل هذه الظواهر مألوفة للمشجع السعودي، لكن نادي الاتحاد هو الاستثناء الوحيد لهذه الظاهرة!

سألت صديقا أهلاويا حتى النخاع، أن يجيبني بصدق ويساعدني في فك شيفرة عشق جمهور الاتحاد لهذا الكيان في كل أحواله وتقلباته، فكان الجواب: (أكون معاك صادق.. أنا أهلاوي وأسمي الاتحاديين.. الجمهور الوفي، لأن هذا الجمهور الوحيد اللي يحضر للمدرج بغض النظر إذا كان الاتحاد الأول أو الأخير.. يعشقون الكيان لذات الكيان.. حب ينسيهم كل الإخفاقات.. حب لذات الحب.. حب يعيش ولو على أمل أن هذا القميص سيعود لمنصات التتويج قريبا).

انتهى كلام صاحبي، وما زال الفكر شاردا في تأمل حب الاتحاديين لناد بدأ (نوره) قبل قرن.. وختمه (نور) قبل أسابيع.. فهو نور على نور.. يهدي الاتحاد نوره للعشاق فقط.