الرأي

تعليمنا ودور المجتمع

محمد العقلا
أثار مقال معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى ردود فعل كثيرة من المهتمين بهذا الشأن، بين مرحب ومتفائل، وبين ناقد ومتساءل، وحتى أكون منصفا فإن المقال كان هادئا وتشخيصا لواقعنا التعليمي الذي يحمل بين طياته جوانب إيجابية وفي مقدمتها التركيز على العلوم الشرعية والعربية في مراحل التعليم العام، كما يشتمل على جوانب سلبية متعددة، لعل من أبرزها عدم تضمين هذه المناهج ما يؤدي إلى تعزيز الانتماء للوطن والمحافظة على منجزاته والافتخار بها، كما هو حال الدول الأخرى. وشدني في مقال معالي الوزير العيسى استهلاله بالثناء على الرمز الوطني معالي الدكتور محمد الرشيد وزير التربية والتعليم الأسبق رحمه الله، والذي ظلم كثيرا من بعض أطياف المجتمع، ولم يكتفوا بذلك بل هاجموه بضراوة متهمينه في دينه وعقيدته، وعند الله تجتمع الخصوم وكلمة حق أقولها عن هذا الرجل رحمه الله، إنه كان مخلصا لدينه ولوطنه وولاة أمره وعمل على تطوير التعليم، وبذل جهودا كبيرة من أجل ذلك، وهو ليس غريبا على البيئة التعليمية، بالإضافة إلى كونه متخصصا بالتربية والتعليم فقد تقلد أعمالا قيادية في هذا المجال منها عمادة كلية التربية بجامعة الملك سعود، ثم عمل مديرا لمكتب التربية والتعليم بدول الخليج العربي، ثم وزيرا للمعارف، وبعد دمج تعليم البنات مع الوزارة أصبح وزيرا للتربية والتعليم. وبصماته في الوزارة كانت واضحة وحاول جاهدا فتح قنوات تواصل مع المجتمع بكافة مؤسساته وأطيافه، إلا أنه اصطدم بشريحة أساءت فهم مبادراته وحملت عليه، وقد سبق أن أشرت في مقال سابق إلى جهود هذا الرجل المبدع في دعم مدارس تحفيظ القرآن الكريم، واستشهدت بمداخلة للمشرف العام على مدارس تحفيظ القرآن الكريم بالوزارة مع إحدى القنوات الفضائية بقوله إن مدارس تحفيظ القرآن شهدت توسعا نوعيا وكميا خلال عهد الدكتور الرشيد. الموقف الآخر رواه لي الملحق الديني بسفارة خادم الحرمين الشريفين بجاكرتا أنه أرسل خطابا لمعالي الدكتور الرشيد رحمه الله يطلب فيه ندب بعض مدرسي العلوم الشرعية والعربية للعمل في المدارس الإندونيسية فاستجاب فورا، ولم يكتف بذلك بل أمر بزيادة العدد سنويا، وبعد تركه العمل تم إعادة جميع المدرسين الذين تم ندبهم، ولم يعلق أحد على هذا الموقف أو يتهم من خلفه بشيء، فعين الرضا عن كل عيب كليلة.

وأتمنى بهذه المناسبة من معالي وزير التعليم أن يبادر بتكريم الدكتور الرشيد بإطلاق اسمه على إحدى قاعات التعليم الكبرى، كما أتمنى من معالي الوزير تشكيل فريق عمل للبدء بوضع خطة استراتيجية تعمل على ربط مخرجات التعليم العام باحتياجات خطط التنمية، وأن يعاد النظر بوضع التدريب المهني والتقني، فللأسف الشديد ما زالت مخرجاته دون المستوى المطلوب رغم الدعم الضخم الذي حظي به، وأعتقد أنه آن الأوان لربطه بوزارة التعليم أو على الأقل مشاركة وزارة التعليم في الإشراف على برامجه، وأيضا الأمل كبير بإعادة النظر في وضع برامج التعليم العالي وخططه، وأن يؤخذ بعين الاعتبار خصوصية بعض الجامعات، وأن يتم التوسع في برامج المنح الخارجية للطلاب غير السعوديين، فهم القوة الناعمة التي إذا أحسنا اختيارهم كانوا خير سفراء للمملكة.. والله الهادي إلى سواء السبيل.

aloqla.m@makkahnp.com