الرأي

ابن تيمية وعدالة أهلنا في كينيا!

نبض

عصام موسى
يذكر التاريخ لشيخ الإسلام ابن تيمية موقفه الأشهر مع قائد المغول قازان الذي أغار على ضواحي دمشق وأخذ العديد من الأسرى، وذهب شيخ الإسلام مع بعض من وجهاء دمشق طلبا لإطلاق سراحهم، وأعجب أمير المغول بفصاحة ابن تيمية وشجاعته فأمر بإطلاق الأسرى، ولكن الشيخ علم بوجود أسرى من اليهود والمسيحيين، فطلب من قازان إطلاق سراحهم أيضا، ولكن الرجل رفض وقال لقد أخذناهم من القدس، فصمم الشيخ أن يذهب بجميع الأسرى وإلا فلا، وقال «إنهم أهل ذمة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأهل ذمتنا من بعده ولن نتركهم أبدا»، وأكبر قازان للرجل رأيه وصلابته وهو يدافع عن أناس ليسوا من دينه وأطلقهم له.

تذكرت هذا الحديث وأنا أقرأ لصديق لي يعمل أستاذا بإحدى الجامعات الأمريكية عن حادثة قرأها «ولا أشك في صدقه» قال استوقفت مجموعة من جماعة شباب المجاهدين الصومالية حافلة في كينيا وأنزلت ركابها وأرادت فصل المسلمين عن المسيحيين ليقتلوا المسيحيين، فما كان من المسلمين إلا أن رفضوا ذلك، وخلع بعض النساء المسلمات أحجبتهن وأعطينها للمسيحيات حتى يختلط الأمر على الإرهابيين فلا يميزون بين مسلمة ومسيحية.

ما بين الحادثتين أكثر من سبعة قرون وهما تحملان المعنى نفسه بأحداث مختلفة، ويبقى التشابه في ضعف المسلمين حتى تجرأت عليهم الأمم في الحادثة الأولى، واشتداد الضعف في الثانية حتى خرجت الجماعات المارقة من داخلهم، وفى الحالتين يبقى للأمة عاصم من ضعفها.. عدالتها التي تحفظ لها تميزها وتبقيها خير أمة أخرجت للناس، مهما كان موقف الآخرين معها، وصدق الله عز وجل في قوله في سورة التوبة آية 8 «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون»، صدق الله العظيم.