صناعة الجمال في مدائن الحرام
دبس الرمان
الجمعة / 23 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 19:30 - الجمعة 1 أبريل 2016 19:30
لا أملُّ حقيقة، فعلا لا أمل من مراقبة النافورة الراقصة في مركز دبي التجاري، خاصة إذا ما تراقصت على أنغام جميلة لموسيقى موزارت، أو تمايلت على ألحان (اِنت عمري) للسيدة أم كلثوم. أنسحب لعالم جميل لا وجود فيه إلا لمشاعر المتعة والانسجام، وحيث تتلاشى كل المشاكل والظروف ولو لدقائق، تاركة إياي في حالة من السعادة والتصالح مع نفسي والعالم، وابتسامة واسعة تشق خدودي لمن أعرفه ولمن لا أعرفه. والعجيب أن كل تلك الأمم الواقفة مثلي في الزحام والحرارة لا تتدافع، لا تتأفف، لا تسقط على بعضها، لا تحاول بكل أنانية وإجحاف الاستئثار لنفسها بأفضل الأماكن، بل الأعجب أنهم يفسحون لبعضهم بترحيب والابتسامات تتلاقح على الوجوه كما الطلع ينثره النحل على الزهور، فإذا ما بدأت المقطوعة لا صوت ولا همس ولا حركة، فالكل في حضرة الجمال والفنون والإبداع متسامون.
ولن أنسى يوما تلك التجربة الجميلة لزيارتي لقصر تشيس وورث الأثري في مقاطعة شيفيلد الإنجليزية، فما بين جمال الحدائق العابقة بكل أنواع الزهور والنباتات المُعتنى بها، وما بين جمال القصر نفسه وقاعاته المنقوشة جدرانها بالرسومات والمكتظة ممراته باللوحات والفنون التي تراصت بجانبها المعلومات، ذهبت لساعة أو ساعتين في رحلة إلى الماضي لأتواصل مع تراث وتاريخ وعراقة وأصالة شعرت بها تربطني بالمكان وتشعرني بجمال الحياة ورقيها وحضارتها.
ما زالت أمنيات الهجرة تتكاثر من حولي. وما زالت عبارات الشعور بالاختناق تسقط كما الصواعق على سمعي. وما عاد بيدي أن أدافع أو أحاول المنطق الذي يقول إن أوضاعنا وظروفنا مقارنة بغيرنا ممتازة بل ونعتبر منعمين، فحتى إذا ما استطعت مخاطبة العقول وإقناعها، فكيف بإمكانك منطقة المشاعر وتهدئتها!
غابت نعمة الجمال التي خلقها الله - وهو الجميل الذي يحب الجمال - عن مدننا، فضاقت الصدور، وتحشرجت الأنفاس، وما عاد لنا مكان أو متنفس لنفرغ شحناتنا السلبية ونستزيد بالطاقات الإيجابية. غابت الممارسات البسيطة والمتمثلة في جلسة على شاطئ مفتوح، تواصل مع أثر تاريخي، أو إمتاع النفس بنوع من أنواع الفنون التي تسر العين والأذن والقلب، والتي تشعرنا بأننا بشر قبل أن نكون كائنات، أننا روح قبل أن نكون مجرد أجساد. فيا أيتها البلاد التي تمثل السماوات والأرضين والناس.. التي نحب ونعشق ونألف، ساعدينا على التعايش، شجعينا على التواؤم، بأن تجمعي عقولنا وقلوبنا على المزيد من الجمال، فتتسامى النفوس، وتنتعش الروح، ويعم على بلادنا المزيد من النماء والأمان.
heba.q@makkahnp.com
ولن أنسى يوما تلك التجربة الجميلة لزيارتي لقصر تشيس وورث الأثري في مقاطعة شيفيلد الإنجليزية، فما بين جمال الحدائق العابقة بكل أنواع الزهور والنباتات المُعتنى بها، وما بين جمال القصر نفسه وقاعاته المنقوشة جدرانها بالرسومات والمكتظة ممراته باللوحات والفنون التي تراصت بجانبها المعلومات، ذهبت لساعة أو ساعتين في رحلة إلى الماضي لأتواصل مع تراث وتاريخ وعراقة وأصالة شعرت بها تربطني بالمكان وتشعرني بجمال الحياة ورقيها وحضارتها.
ما زالت أمنيات الهجرة تتكاثر من حولي. وما زالت عبارات الشعور بالاختناق تسقط كما الصواعق على سمعي. وما عاد بيدي أن أدافع أو أحاول المنطق الذي يقول إن أوضاعنا وظروفنا مقارنة بغيرنا ممتازة بل ونعتبر منعمين، فحتى إذا ما استطعت مخاطبة العقول وإقناعها، فكيف بإمكانك منطقة المشاعر وتهدئتها!
غابت نعمة الجمال التي خلقها الله - وهو الجميل الذي يحب الجمال - عن مدننا، فضاقت الصدور، وتحشرجت الأنفاس، وما عاد لنا مكان أو متنفس لنفرغ شحناتنا السلبية ونستزيد بالطاقات الإيجابية. غابت الممارسات البسيطة والمتمثلة في جلسة على شاطئ مفتوح، تواصل مع أثر تاريخي، أو إمتاع النفس بنوع من أنواع الفنون التي تسر العين والأذن والقلب، والتي تشعرنا بأننا بشر قبل أن نكون كائنات، أننا روح قبل أن نكون مجرد أجساد. فيا أيتها البلاد التي تمثل السماوات والأرضين والناس.. التي نحب ونعشق ونألف، ساعدينا على التعايش، شجعينا على التواؤم، بأن تجمعي عقولنا وقلوبنا على المزيد من الجمال، فتتسامى النفوس، وتنتعش الروح، ويعم على بلادنا المزيد من النماء والأمان.
heba.q@makkahnp.com