الرأي

الغذامي وثقافة تويتر

شاهر النهاري
في ليلة من ليالي الرياض الثقافية، تسنى لي للمرة الأولى حضور الدكتور الغذامي، في محاضرة عن أفكاره المرصودة في كتابه (ثقافة تويتر).

وقد صاحبني لمكان المحاضرة صديقي (الفضول)، وهو يصطحب معه عددا من بناته المتسائلات، فماذا تراني سأسمع، والغذامي يتكلم عن موضوع مستهلك، سبق ونظر فيه الكبير والصغير من المثقفين والكتاب ومن رواد تويتر، وحتى من كارهينه، وبشكل أظنه قد نزع كل ريشات طيره الأزرق ليتعرى.

ريش تويتر مهدر، والآراء حوله لا تنتهي، وهي جدلية متضاربة فماذا عسى الغذامي أن يضيف على ثقافة التويتر، وهل يستحق الموضوع ذلك العناء من قامة باسقة في الثقافة العربية مثله، وهل سيكون كتابه، وبالتالي محاضرته شيئا فريدا لم يتسن لنا سماعه من قبل!.

التويتر، هو ثقافة وصحافة ومنبر الجميع، دون تحديد أعمار، ولا تمييز ثقافة ولا جنس، فالرجل قد يكون أنثى، والعكس صحيح، بمعمعة اختلاط الأسماء الحقيقية والمستعارة، وامتلاك عدة معرفات، تؤيد، وتعادي، وتعيد التغريد لذاتها، وتشتري المتابعين، وفيه من يقيم الدنيا ويقعدها وثقافته لا تعدو الصفر، والعكس!.

طير مرحلة من تطور تقني مرحلي تبع منتديات الانترنت، والفيس بوك، وقد تبعه انستقرام، وكيك، وسناب شات، وغيرها، وهو يمر حاليا بحالة كساد، كسابقيه، كونه أصبح مملا، يفتقد للجديد، والمفاجآت.

برنامج عابر من عوالم العنكبوتية، له حسناته، وسيئاته، وله فلسفته البسيطة؛ والتي قد لا تفترق كثيرا عن فلسفة كل عمل فردي يقوم به الشخص على الشبكة وبدون رقيب أو مصحح.

وكانت المحاضرة، تقول نفس الكلام، الذي نعرفه، ولكن بأستاذية في القدرة على التحدث والبيان والحجة، والربط، وترقية الشأن، فكأن الدكتور يتكلم عن فلسفة فكرية واجتماعية وسياسية جديدة، ويضرب الأمثال عن تمييع الأصم من اللغة، وتمييع الأصم من الأشخاص بظهورهم دون رتوش، وبجميع مشاعرهم وهفواتهم اللغوية، وتساقط ريش البعض، وسيطرة قوة جمعية غير عاقلة على قوة عاقلة في إطار (التابع والمتبوع)، وكشف صلابة الثقافة وحقيقتها، والقدرة السياسية، والقدرة على التظاهر بما هو غير موجود، وغيرها مما يمكن أن ينطبق على أغلب أعمال الشبكة العنكبوتية كما فعلت المنتديات في السابق.

خرجنا من عالم التويتر، وعاودنا الدخول إليه، في المحاضرة وما تلاها من المداخلات باعتبار أن الحضور عشاق للغذامي ورواد لتويتر لهم حكايات ومشكلات ومرئيات في استخداماته، وسياسته، ومحاذيره، وعدم جدية المقاضاة عما يتم فيه من تجاوزات اجتماعية.

ساعة قضيتها وأنا أستمع إلى هذا الرمز البارز في ثقافتنا، وكنت أحاول أن أندهش، فلا يحدث لي ذلك، وأحاول التمعن، فلا أجد المختلف عما نسمعه في جلساتنا الثقافية البسيطة.

حقيقة لقد وجدتني أمتلك ذات الكم من المعلومات عن طيرنا المغرد قبل وبعد المحاضرة، وإن كانت التسميات والحالات قد أعيد ترتيبها؛ فحزنت، وطلبت مداخلة، لأعبر له عن إحباطي بكل صراحة، ولكن الإذن تأخر، والحمد لله على ذلك، فلربما اتهمني البعض بالجلافة، وعدم تقدير المقامات.

نظرت لهاتفي، والذي ينقذني كثيرا من مواقف محرجة كثيرة، وخرجت مسرعا قبل أن يؤذن لمداخلتي.

لا أدري هل فعلا كان ما قاله عاديا لا يستحق التوقف عنده، أم أن توقعاتي كانت أكبر، على قدر أهل العزم.