ساعتي يا ساعتي.. لا يمين ولا يسار
الجمعة / 23 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 20:00 - الجمعة 1 أبريل 2016 20:00
صافحته بيدي اليمنى وشد على كفي ولم يترك يدي رغم مضي دقائق على مصافحتنا وراح يسألني عن حالي وعيالي وأحوالي وأين أنا منذ زمن؟
لم ترق لي هذه الطريقة وددت أنه لم يكتب القدر لي ساعة ألقاه فيها، لأن من الناس من هو «ثقيل» الظل، فاللحظات التي تصادفه فيها تتذكر قوله تعالى: «ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون» وتنظر لساعتك في يدك اليسرى لتتهرب.
نظرت لساعتي التي تعودت أن أضعها في يدي اليسرى الحرة من إمساك هذا الرجل الثقيل وقلت له في ابتسامة متصنع وأدب متوجع: أدركنا الوقت، فبعد نصف ساعة ستطير طائرتي، نلتقي مجددا، داعيا في سري أن لا يستجيب الله لأمنيتي المزورة، وانطلقت أركض في المطار أبحث عن طائرة مغادرة لأبعد نقطة في هذا العالم تريح أصابع يدي التي تورمت وهو يعصرها بكفه المشتاق.
جلست في كرسي أنظر لساعتي في يدي اليسرى أرجوها أن تسير بسرعة وتلتهم الساعتين المتبقيتين على وقت الرحلة خوفا أن يلمحني مدمن المصافحة الثقيلة ويقضي على ما بقي من مجاملتي له، لكن الجلسة أخذتني لتفكير بعيد عن المصيبة التي نجوت منها بأعجوبة «ساعتي» في يدي اليسرى، وقلت ليدي: لماذا تستأثرين «بساعتي» عن أختك اليمنى مع أن كل ما نحبه نتواصل معه باليمين؟
هذا السؤال قادني لزمن ماض حين أثار حفيظتي من اتهموا مجتمعاتنا بالمخالفة لحد قالوا فيه «بأن وضع الساعة في اليد اليسرى مخالف للسنة» لأن الدين يدعو للتيامن، وتنفيذا لفهمهم الخاص لأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، بتنا حينها لا نرى من يلبس الساعة في يده اليسرى إلا على استحياء وكأنه يشرب الخمر سرا.
وأضحى في ذلك الوقت «وضع الساعة في اليمين» من علامات الالتزام، إضافة لعلامات أخرى ابتدعها أهل ذلك الجيل، وهكذا تركت لبس الساعة موقتا حتى لا أضطر لفعل شيء لست مقتنعا به، بينما تسنى لهؤلاء أتباع ومقلدون نقلوا ساعاتهم من يسارهم ليمينهم تمهيدا ليمنية فكر - ربما - كنت أجهلها.
كثيرون يضعون ساعاتهم في معصمهم الأيسر كتقليد لم أعرف سببه، لكني وعند «زنقتي» مع الرجل الثقيل عرفت بأن وضع الساعة في اليد اليسرى مدعاة لكشف العذاب به، فاليد اليمنى مشغولة بمصافحة، وحينها لا يمكن النظر في الوقت الذي لم يكن متاحا الاطلاع عليه إلا عبر ساعات تسكن معاصم الأيدي أو جيوب الكبار في السن قبل عصر الجوالات، والوقت في ذلك الزمن كالسيف، وإفراد يد تخصه ذكاء وحيطة.
قيل: بأن ارتباط اليسرى بالقلب لضخ الدم هو السبب، فالوقت معتمد على دقات القلب التي تعبر عن الثواني في الأغلب، ومن يعرف الساعات قديما يتذكر صوت عقارب الثواني، وقد حدثونا ونحن صغار عن ساعات تعمل على حرارة الجسم ودقات النبض التي تنشط في الناحية اليسرى، وكنا نصدق وما زلت أميل للتصديق.
الساعات اليوم لم تعد ظاهرة لملاحظة عادات الناس اليمينية أو اليسارية، فالتقنيات والبدائل أغنت عن أمر كان من ضروريات الحياة والأناقة، فقلما أشاهد رجلا يضع ساعة إلا من هم في سني أو أكبر.
وللنساء مع الساعات شؤون موضة، وربما لو نتفحص ساعات أغلب المتزينات بها لوجدنا أغلب ساعاتهن ليست ذات وقت، لكن المظهر أهم من وقت متوفر في الجوال والسيارة والتلفزيون.
«شعبان عبدالرحيم» يضع أكثر من ساعة يمينا ويسارا، ودافع في مقابلة معه عن تصرفه أنه حرية شخصية وأناقة تخصه معبرا عن هواية له منذ صغره في جمع الساعات واقتنائها ويحب اصطحابها في حفلاته، وربما شعبان لا يعني له الوقت شيئا لكنه أحب أن يرضي كلا من الذوقين ويضع ساعات في اليمين لأهل اليمين «رغم قلتهم» وساعات في اليسار لأهل اليسار «وهم زبائنه».
وفي المسلسلات كنا نشاهد الطبيب المنزلي يمسك يد المريض باليمين وينظر لساعته في يده اليسرى ليعد نبضات المعصم، ولعل المخرج أكد على الممثل «الطبيب» وضع الساعة في اليسار لتتم الحبكة الدرامية دون إحراج.
ربما يكون وضع الساعة في اليسار تصرفا عفويا، لأن وضعها يحتاج ليد أخرى تقوم بتثبيتها، وهذه اليد في الغالب أنها اليمنى، فكيف تمارس اليمنى في نفسها ذات العمل بلا معاناة ؟
وخروجا من هذا المأزق اخترت أن أطلق يداي لحرية دائمة بدون ساعة لا يمين ولا يسار، وللتفكير ساعات.
لم ترق لي هذه الطريقة وددت أنه لم يكتب القدر لي ساعة ألقاه فيها، لأن من الناس من هو «ثقيل» الظل، فاللحظات التي تصادفه فيها تتذكر قوله تعالى: «ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون» وتنظر لساعتك في يدك اليسرى لتتهرب.
نظرت لساعتي التي تعودت أن أضعها في يدي اليسرى الحرة من إمساك هذا الرجل الثقيل وقلت له في ابتسامة متصنع وأدب متوجع: أدركنا الوقت، فبعد نصف ساعة ستطير طائرتي، نلتقي مجددا، داعيا في سري أن لا يستجيب الله لأمنيتي المزورة، وانطلقت أركض في المطار أبحث عن طائرة مغادرة لأبعد نقطة في هذا العالم تريح أصابع يدي التي تورمت وهو يعصرها بكفه المشتاق.
جلست في كرسي أنظر لساعتي في يدي اليسرى أرجوها أن تسير بسرعة وتلتهم الساعتين المتبقيتين على وقت الرحلة خوفا أن يلمحني مدمن المصافحة الثقيلة ويقضي على ما بقي من مجاملتي له، لكن الجلسة أخذتني لتفكير بعيد عن المصيبة التي نجوت منها بأعجوبة «ساعتي» في يدي اليسرى، وقلت ليدي: لماذا تستأثرين «بساعتي» عن أختك اليمنى مع أن كل ما نحبه نتواصل معه باليمين؟
هذا السؤال قادني لزمن ماض حين أثار حفيظتي من اتهموا مجتمعاتنا بالمخالفة لحد قالوا فيه «بأن وضع الساعة في اليد اليسرى مخالف للسنة» لأن الدين يدعو للتيامن، وتنفيذا لفهمهم الخاص لأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، بتنا حينها لا نرى من يلبس الساعة في يده اليسرى إلا على استحياء وكأنه يشرب الخمر سرا.
وأضحى في ذلك الوقت «وضع الساعة في اليمين» من علامات الالتزام، إضافة لعلامات أخرى ابتدعها أهل ذلك الجيل، وهكذا تركت لبس الساعة موقتا حتى لا أضطر لفعل شيء لست مقتنعا به، بينما تسنى لهؤلاء أتباع ومقلدون نقلوا ساعاتهم من يسارهم ليمينهم تمهيدا ليمنية فكر - ربما - كنت أجهلها.
كثيرون يضعون ساعاتهم في معصمهم الأيسر كتقليد لم أعرف سببه، لكني وعند «زنقتي» مع الرجل الثقيل عرفت بأن وضع الساعة في اليد اليسرى مدعاة لكشف العذاب به، فاليد اليمنى مشغولة بمصافحة، وحينها لا يمكن النظر في الوقت الذي لم يكن متاحا الاطلاع عليه إلا عبر ساعات تسكن معاصم الأيدي أو جيوب الكبار في السن قبل عصر الجوالات، والوقت في ذلك الزمن كالسيف، وإفراد يد تخصه ذكاء وحيطة.
قيل: بأن ارتباط اليسرى بالقلب لضخ الدم هو السبب، فالوقت معتمد على دقات القلب التي تعبر عن الثواني في الأغلب، ومن يعرف الساعات قديما يتذكر صوت عقارب الثواني، وقد حدثونا ونحن صغار عن ساعات تعمل على حرارة الجسم ودقات النبض التي تنشط في الناحية اليسرى، وكنا نصدق وما زلت أميل للتصديق.
الساعات اليوم لم تعد ظاهرة لملاحظة عادات الناس اليمينية أو اليسارية، فالتقنيات والبدائل أغنت عن أمر كان من ضروريات الحياة والأناقة، فقلما أشاهد رجلا يضع ساعة إلا من هم في سني أو أكبر.
وللنساء مع الساعات شؤون موضة، وربما لو نتفحص ساعات أغلب المتزينات بها لوجدنا أغلب ساعاتهن ليست ذات وقت، لكن المظهر أهم من وقت متوفر في الجوال والسيارة والتلفزيون.
«شعبان عبدالرحيم» يضع أكثر من ساعة يمينا ويسارا، ودافع في مقابلة معه عن تصرفه أنه حرية شخصية وأناقة تخصه معبرا عن هواية له منذ صغره في جمع الساعات واقتنائها ويحب اصطحابها في حفلاته، وربما شعبان لا يعني له الوقت شيئا لكنه أحب أن يرضي كلا من الذوقين ويضع ساعات في اليمين لأهل اليمين «رغم قلتهم» وساعات في اليسار لأهل اليسار «وهم زبائنه».
وفي المسلسلات كنا نشاهد الطبيب المنزلي يمسك يد المريض باليمين وينظر لساعته في يده اليسرى ليعد نبضات المعصم، ولعل المخرج أكد على الممثل «الطبيب» وضع الساعة في اليسار لتتم الحبكة الدرامية دون إحراج.
ربما يكون وضع الساعة في اليسار تصرفا عفويا، لأن وضعها يحتاج ليد أخرى تقوم بتثبيتها، وهذه اليد في الغالب أنها اليمنى، فكيف تمارس اليمنى في نفسها ذات العمل بلا معاناة ؟
وخروجا من هذا المأزق اخترت أن أطلق يداي لحرية دائمة بدون ساعة لا يمين ولا يسار، وللتفكير ساعات.