الرأي

طمس العار

تقريبا

فواز عزيز
ليست فقط الصورة الجميلة تتحول إلى القبيحة إذا دنستها بـ«أفعالك».. بل حتى الصورة السلبية بالإمكان تغييرها، وطمس ما فيها من سوء، متى أردت ذلك بـ«أفعالك» أيضا..

تقول تلك القصة التي لا أمل من ترديدها، يحكى أنه منذ زمن بعيد وفي بلاد بعيدة كان أخوان شابان يكثران من جرائم سرقة الخراف من جيرانهم الفلاحين، وهو جرم كبير في ذاك الزمن وتلك البلاد.

وفي يوم من أيام السرقة قُبض على الأخوين متلبسين بجريمة السرقة، فاتفق الفلاحون على اختيار عقوبة لتأديبهما وردع غيرهما ممن يفكر باقتفاء أثرهما، فكانت العقوبة «وشم» الأخوين على جبينيهما بالحرفين «س. خ»، رمزا إلى «سارق خراف»؛ ليرافقهم هذا العار طوال حياتهما ويكون عبرة للناس.

أحد الأخوين شعر بخزي شديد بسبب الوشم، فرحل عن ذاك المكان، ولم يعرف أحد عنه شيئا بعدها، أما الآخر فقد شعر بالندم من سوء جريمته وليس من «الوشم» الذي على جبينه، فقرر إصلاح خطئه نحو الذين سرق أغنامهم، فشكك الفلاحون في البداية بنيته وابتعدوا عنه، لكنه أصر على التكفير عن ذنبه فواصل، فحين يمرض أي من الفلاحين يأتيه «سارق الخراف» ليساعده بالطعام والمواساة، وعندما يجد من يحتاج إلى مساعدته كان يمد له يد العون، ولم يفرق في عمله بين غني وفقير، ولم يقبل على ذلك أجرا، وعاش حياته من أجل الآخرين تكفيرا عن ذنبه.

وبعد سنوات طويلة مر مسافر على تلك البلاد، وجلس في مطعم على الطريق ليتناول الطعام، فرأى رجلا طاعنا في السن، موشوما على جبينه بحرفين «س. خ»، ولاحظ أن كل من يمر بالعجوز الموشوم يقف ويتحدث معه أو يقدم احترامه حتى الأطفال يتوقفون ليحتضنوه أو ليحتضنهم بحب متبادل، فبحث عن سر هذا الرجل وسأل صاحب المطعم عما يرمز إليه الوشم على جبين العجوز.

فقال: لا أعرف، لكن أظن أنه يرمز إلى «ساعي خير».

(بين قوسين)

بعض المسؤولين، يتولى شرف «المنصب» الذي يرسم له صورة جميلة في أعين الناس ويقدمه عليهم اجتماعيا، فيعمل الكثير من الجميل، لكنه ببعض «أفعاله» أو كثير من «أقواله» يشوه صورته بأعين الناس.