معرفة

فوضى غزو العراق وراء كتابة الحبل

u0643u0646u0639u0627u0646 u0645u0643u064au0629
قبل الغزو الأمريكي للعراق في 2003، كان الكاتب كنعان مكية من الدعاة للإطاحة بالرئيس صدام حسين، لكن حجم الفوضى الهائل الذي تسبب به الغزو للعراق صدم مكية وجعله ينظر إلى الأمور بطريقة مختلفة.

وعاد من منفاه في أمريكا إلى العراق بعد الغزو مباشرة في 2003 وعاش حتى 2006، فشاهد كيف انهار البلد بشكل سريع، ولم يكتب الكثير في تلك المرحلة، ولكنه كسر جدار الصمت في روايته الجديدة «الحبل» التي توجه انتقادات شديدة للوضع في العراق، وخاصة إلى قادة الشيعة في مرحلة ما بعد صدام.

المتحدث

تظهر الشخصية الرئيسية في الرواية، شاب شيعي ناشط في ميليشيات «جيش المهدي» التي يقودها مقتدى الصدر، والتي لعبت دورا كبيرا في قتال الأمريكيين والعراقيين السنة، وهو يروي أحداث الرواية من وجهة نظره، ويظهر في الرواية مرتديا بدلته العسكرية الجديدة كعنصر ضمن الجيش العراقي الجديد ويقف على المنصة التي ينتظر أن يشنق عليها صدام، وينظر إلى الجمهور الذي جاء لحضور إعدام الرئيس السابق ويصفهم بأنهم كانوا «سكارى بالنشوة والتعطش للدماء».

رائحة نتنة

«عندما سقط الطاغية من خلال فتحة الإعدام، وهو يحرك قدميه المقيدتين بقوة، مقاتلا حتى آخر لحظة من حياته، أحسست بأنني أرى نفسي للمرة الأولى بكل كياني، شيء ما في داخلي أصبح متعفنا، لا يمكن لأحد أن يعكس الرائحة النتنة التي تصدر مني الآن».

قلق الشاب العميق من وحشية عملية الإعدام ينقله في رحلة يعود فيها إلى الماضي، إلى طفولته في النجف وهي المكان الذي يقع فيه اغتيال عبدالمجيد الخوئي، وهو شخصية حقيقية أيضا، في أبريل 2003، وهي الحادثة التي تلعب دورا مركزيا في الرواية.

مقتل الخوئي

عاد الخوئي إلى بلاده من المنفى في لندن قبل دخول القوات الأمريكية إلى العراق، ويقول مكية إن الخوئي كان يأمل في المساعدة على تعزيز القوى المعتدلة في النجف التي تتمتع بأهمية دينية خاصة لدى الشيعة، لكن مجهولين هاجموه وقتلوه طعنا بالسكاكين قرب ضريح الإمام علي بن أبي طالب.

مقتله والطريقة التي قتل بها، والسبب وراء ذلك، والأشخاص الذين كذبوا حول الحادثة وتجاهلوها، كان مقدمة ونموذجا لتدهور العراق بالكامل فيما بعد.

ويعثر الشاب الشيعي -الشخصية الرئيسية- على جثة الخوئي الممزقة في أحد أزقة النجف، ولم يتعرف عليه، لكن عمه وهو قيادي من منظمة الصدر، أكد له أنه «عميل أمريكي» لأنه كان «يحمل دولارات، كمية كبيرة منها»، ولكن الشاب لم ير أي دولارات قرب الجثة، وكل ما رآه هو 100 طعنة في جسده.

الانقسام الدموي

تستكشف الرواية الانقسام الدموي داخل العائلات الدينية البارزة لدى الشيعة، ويميز مكية بين تيارين بارزين في الشيعة: «شيعة الرحمة» و»شيعة الانتقام».

بعد القبض على صدام وإيداعه السجن بانتظار إعدامه، يلاحظ الشاب أن الأمور لم تتغير كثيرا في العراق.

ولا يزال البلد مليئا «برجال مرضى ومليئين بالحقد، أنانيين، فارغين، غادرين مستعدين لإيذاء حتى آبائهم وإخوتهم وبيعهم للشيطان مقابل ثمن زهيد».

الرواية بشكل عام تصور ولادة السياسة الطائفية في العراق، وتترك القارئ مع لمحة من الأمل بأن الممارسات الإنسانية والنزيهة حتى على المستوى الفردي سيكون لها أثر كبير في مستقبل البلد.
  • كنعان مكية من مواليد بغداد، سافر إلى أمريكا في ستينات القرن العشرين ودرس الهندسة المعمارية، لكنه لم يعد إلى بلاده حتى 2003 بعد الغزو الأمريكي، وله كتابات عدة قبل هذه الرواية أشهرها كتاب «جمهورية الخوف» (1989).
  • يعيش حاليا في أمريكا ويعمل أستاذا في جامعة برانديز.