الرأي

جمال خاشقجي يذم الوابلي بمدحه!!

بعد النسيان

في برنامج (mbc) في أسبوع، تحدث جمال (التحرير) خاشقجي عن الراحل العزيز الدكتور/‏ عبدالرحمن الوابلي؛ حيث كان رئيس تحرير (الوطن)، والوابلي كاتب مهم فيها، فقال: «كان يعرض أفكاراً تنويرية متقدمة، ولكنه ليس صدامياً»!

ولم يوضح: ما هي الصدامية المذمومة، عند نموذج عملاق لرؤساء (رقباء) التحرير، الذين كانوا ـ وما زالوا ـ يمارسون الوصاية على الأقلام التنويرية، و(يُفَلْتِرون) طرحها، ويحولون بينها وبين الناس، بل وبين قيادات الوطن؟!

أما عدم الصدامية فيعني اللعب في المنطقة الرمادية؛ لتمرَّ الأفكار مرور الكرام وأمن الطرق، دون أن توقظ نائماً، أو تزعج مُتَنَيْئِماً (مْتَنَيْوِمْ)! وهي منطقةٌ تريد الرقابة أن تجعلها النسخة الليبرالية لما نسميه مدرسة (بين هُناكين)، التي أسسها الدكتور/‏ سلمان العودة؛ ليتخلص من تركة التشدد، التي ولد وشبَّ وشاب عليها، ويبلغ منطقة (الوسطية) المزعومة!

وبالمناسبة فقد قال لي الوابلي هاتفياً ذات مرة: كلما سمعتُ كلمة (الرمادية) تذكرت العالمة (الراقصة) الشهيرة!! فقلت له على الفور: إن لم تكتبها أنت فسألطشها منك في وضح النهار! فقال: وهل كلمتك إلا لتكتبها أنت؟ فهي منسجمة مع طرحك الساخر، أكثر من طرحي الجاد في (الوطن)! كما أنني مبتعدٌ هذه الفترة (2010) عن (طاش)!!

وهذه المكالمة تؤكد ما كان يتمتع به -رحمه الله- من حرص على إيصال الفكرة ولو بصوت غيره؛ متجرداً من الأنا وحب الأمجاد الشخصية!

ولم يكن الوابلي -إذن- رمادياً، ولم يكن ليسعده وصفه بعدم الصدامية؛ لكن أسلوبه في الطرح -تحدثاً وكتابة- يأتي منسجماً مع طبيعته الأرستقراطية، وخبرته العلمية الأكاديمية، المنطلقة أساساً من علم التاريخ، الذي يجعل الماضي كمرايا السيارة الجانبية، والأمامية الموجهة للخلف: تتيح للسائق رؤية أرحب وسلامة أضمن! وهذا ما يفسر عدم الصدامية في طرحه رغم خطورته، وكأنه بالنسبة للأجيال القادمة: أستاذ حضَّر الدرس جيداً قبل أن يدخل القاعة!

فيما اختار (الطابع بأمر الله) أن يكون تلميذاً مشاغباً، يقتحم القاعة في منتصف الدرس، ويلقي أسئلته المشاكسة، ويمضي دون أن ينتظر إجابة!!

أما المحبط في مداخلة جمال خاشقجي فهو: أنه لم يبدِ ندماً ولا خجلاً من ممارسة الوصاية على كتاب الرأي، بفكر رقابي كان وما زال يكرس ثقافة (التخويف)، و.. الويل لأمَّةٍ مثقَّفُوها هم مُخَوِّفوها!!