الرأي

اللعب على المكشوف

محمد العقلا
فوجئ العالم بقرار الرئيس الروسي بوتين بسحب الجزء الأكبر من قواته من سوريا، مثلما فوجئ بدخولها إلى ساحة القتال قبل أشهر عدة إلى جوار نظام متهالك فقد شرعيته وقتل شعبه وشرده ودمر بلده، مستعينا في ذلك بنظام إرهابي صفوي وميليشيات طائفية بغيضة متمثلة بحزب الشيطان اللبناني.

ويجد المتأمل في أوضاع هذا البلد الذي أنهكته الحرب المدمرة، تحول ساحته إلى حلبة صراع بين أطراف عدة أسهم تردد المجتمع الدولي في عدم حسمها منذ البداية، وعلى وجه الخصوص أمريكا التي اكتفت بالتنديد وتهديد نظام الأسد باللجوء إلى القوة مرات عدة دون أن تفعل شيئا، وتوقع كثيرون تدخلها بعد استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية قبل نحو عامين ضد شعبه بعد تهديد الرئيس أوباما هذا النظام بقوله «إن هذا خط أحمر تم تجاوزه من قبل نظام الأسد»، لكنه لم يفعل شيئا كعادته، مما أصاب العالم بذهول وحيرة من جراء هذا التردد، وكان أكبر المستفيدين من هذا الوضع المأساوي هو الكيان الصهيوني، أمام تراجع قوات الأسد وانهيار معنوياتها وانسحاب معظمها إلى داخل دمشق واللاذقية وضواحيهما، ثم أتى التدخل الروسي بحجة قتال ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث بصفة أساسية، بل انصبت الغارات الجوية الروسية على المعارضة المعتدلة وعلى ما تبقى من أفراد الشعب السوري المغلوب على أمره، وكان هذا الأمر يتم بالتنسيق مع الكيان الصهيوني، مما يعكس أبعاد المؤامرة على هذا الشعب الضحية، حيث تكالبت قوى الشر المتمثلة بنظام بشار الدموي والنظام الصفوي الإيراني وميليشيات حزب الشيطان اللبناني وأخيرا روسيا عليه، ولم تفلح جميعها في وقف انتفاضته ضد طغيان وجبروت ووحشية رئيسه ونظامه وأعوانه.

وعلى الرغم من جولات المفاوضات التي عقدت بجنيف قبل سنوات عدة برعاية الأمم المتحدة بين النظام السوري وبين قوى المعارضة، إلا أنها لم تفلح في إيقاف هذه الحرب الدامية، بسبب تعنت النظام ورفضه قبول الأمر الواقع، وكان موقف المملكة منذ اللحظة الأولى لانتفاضة الشعب السوري يتمثل في ضرورة استجابة نظام بشار لمطالب الشعب المشروعة، خاصة وأن هذه الانتفاضة كانت سلمية في بدايتها ولم تتحول إلى مواجهه مسلحة إلا بعد استخدام النظام لكل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا ضده.

وحاولت المملكة بكل ما أوتيت من سبيل في حل الأزمة سلميا، وقامت بجمع كل قوى المعارضة المعتدلة بالرياض قبل أشهر عدة، ونجحت في تنسيق جهود هذه القوى سلميا وتشكيل وفد يمثلها للتفاوض، ولم تكتف المملكة بذلك، بل إنها أعلنت استعدادها للمشاركة بقوات للتدخل البري شريطه موافقة الأمم المتحدة على ذلك، وكان لها الدور الرئيس في انسحاب الروس من الساحة السورية، وكانت مصرة منذ لجوء بشار إلى القوة والاستعانة بجهات خارجية، إلى تنحيه عن الحكم لأنه شخص لا يمكن القبول به وبنظامه.

وكل ما أرجوه وأتمناه أن تنجح الهدنة وتضع الحرب أوزارها، ويتنحى بشار وتتشكل حكومة وفاق وطني تنتشل البلاد من جحيم الحرب والدمار، وينعم الشعب السوري بالأمن والأمان فهل يتحقق هذا الأمر، أرجو ذلك.. والله الهادي إلى سواء السبيل.

aloqla.m@makkahnp.com