الرأي

إعلامنا.. «حبيتك تنسيت النوم»

لا أدري إن كانت المقاييس لدى البعض منا مهترئة بحكم الوقت أو النوعية، فأصبحنا لا نرى ما يراه الآخرون بنفس المعيار!

بالطبع هذه الفكرة تنطبق على كثير مما يمر بنا في الحياة، ولكني ومنذ وقت أشعر برغبة في التحدث أو التعليق على كثير مما يصرح به إعلاميون في قنوات مختلفة تليفزيونيا أو إذاعيا أو تواصلا اجتماعيا.

ألا ترى معي أن الوضع أصبح فيه شيء من «المسخرة»؟ وأعتذر لك عزيزي القارئ عن الكلمة، ولكن الوضع محزن، وربما مخز إن أردت، ومشبع أحيانا بتضخيم الأنا. لو أن هذا أو ذاك من الإعلاميين عرف أنه سيحاسب على كل ما يصرح به لما ألقى على أسماعنا هذا الكم من السخف وعدم احترام عقلياتنا، ولو وُضع قانون للمحاسبة هذه لارتحنا من عناء هجمات تصريحاتهم الرعناء أو «النص نص».

أتحدث عن تصريحات الإعلاميين لأنهم الأولى باحترامنا من خلال قنوات تبث ما يمارسونه بحكم «الصنعة»، والأولى بمعرفة مقدار الأمانة التي يتطلبها عملهم. ولا أتحدث عن تصريحات تقضي على ما بقي فينا من صبر وعقل عجيبة غريبة «مودرن» مثل تصريحات ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي الذي يقترح أن تنضم إسرائيل للجامعة العربية وتُلغى دولة فلسطين، ونتوقف عن الشعور بالعداء لليهود، وينتقد الحكومات العربية التي لا فائدة منها والتي يرى أن حكومة كإسرائيل هي أفضل. وقد تفضل علينا منذ فترات مضت بتصريحات واقتراحات لا أدري أين هي الآن.

من حقه أن يقترح علنا، ومن حقه أن يبدي إعجابه بإسرائيل علنا كدولة وحكومة، ومن حقه هو وآخرين من كل حدب وصوب أن يصرحوا ويقترحوا ويتفلسفوا و«يعروا» من يريدون بتصريحاتهم، ويستروا من يريدون ويتهكموا - كما أفعل أنا الآن؟ لا طبعا - من حقه ومن حقهم وعلينا أن نستقبل كل ذلك في إعلامنا المثقل بكثير من سطحية، لا أدري إن كانت مقصودة، أو هي «بالفطرة» نرثها مع كل ما نرث من تسخيف للفن، فنحوله لإغراء وعري وفتنة، وتسخيف للكتابة فنحولها لمنافسة حول خبر يركض خلفه أكبر عدد، لا لأنه فكرة تستحق وإنما لأنه فضيحة أو «تريقة» أو تقليعة نتيجة تصرف سمج، مثل تصرف «معيض» وسواه.

كم نحن قساة على عقولنا حين نرمي بها تحت هاوية هذه التفاهات والتي يبدو أنها لم تعد تفاهات، وإنما هي كل إعلامنا وكل ما هو مطلوب لنظل هكذا في نفس دائرة الاستخفاف بعقولنا وعقول سوانا، إذا الإعلام لم يكن قويا جميلا عميقا فماذا سيبقى لنا مع كل هذا الذي نخسره يوما بعد يوم؟

mona.s@makkahnp.com