حكاية معيض.. ومقبولية السوط
الأربعاء / 14 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 20:45 - الأربعاء 23 مارس 2016 20:45
أعلم أن الجلد له مشروعيته في القرآن الكريم والسنة النبوية، حدا كما في زنا غير المحصن وشارب الخمر، وتعزيرا بما يقدره قاض لمصلحة اقتضت الحكم به، وتأديبا كما في الضرب غير المبرح للزوجة أو ضرب البالغ عشرا للصلاة.
وإذا كانت الأيام الخوالي في التربية تعتمد السوط لتهذيب الأبناء من والديهم أو معلميهم.. فإن العقاب بالجلد الذي كانت تسوغه للمعلمين عبارة آبائنا إذا أسلمونا لمدارسنا «لكم اللحم ولنا العظم» أو يسوغه تأخر تربوي وتعليمي في إعداد المعلم نفسيا وتربويا، إذا كان ذلك كذلك فإن زماننا هذا لم يعد يجدي فيه الضرب أسلوبا عقابيا ولا ممارسة تربوية ناجعة.. لأنه وإن سلم منه (العظم) فلم يكسر، كسر نفس الطالب، والذين تجبر كسور أنفسهم قلة قليلة نجعت إمكاناتها الشخصية وبعض المحيطين بهم في ترميم نفوسهم وإقبالهم على التعلم والتحصيل ليمروا بسلام إلى مراحل متقدمة من التعليم، أو ليسلكوا طريق نجاح بعيدا عن ما تركت العصا من تشويه نفسي.
أما الأكثر فقد توالى فشلهم فهجروا التعليم وانصرفوا عنه بغضا فيه أو في معلم جلاد..
ومن هو في عمري ومرت ببدنه خيزرانة المعلم أو ببدن أقرانه، يعرف جيدا قدر الألم الذي يحدثه أن يضرب الطالب لأمور حين أتذكرها لا تستوجب الضرب أصلا فضلا أن يضرب الطالب أمام زملائه وأن يضرب العشرة والعشرين والأربعين سوطا في (الإحرام).
أعرف جيدا ذلك وأعرف أنني أقول عن معلمي الجلاد: «الله يغفر له ويسامحه» اعتقادا جازما مني أنه أخطأ في حقي وحق زملائي.
ويمر ذكر بعض المعلمين القاسية قلوبهم، السباقين إلى عصيهم قبل أقلامهم والسبورة ممن مات ولا يعقب على ذكره إلا بالعبارة السابقة «الله يغفر له ويسامحه» ثم يوردون حكايات قسوته وتعسفه وضربه التي كانت تحكى فتقشعر لها الأبدان..
وما زال بعض زملائي وبعض من أعرف يدعون على معلميهم الذين يظنون أنهم (سدوا أنفسهم عن الدراسة) أو (كرهوا عتبة المدرسة بسببهم).
تطور التعليم وتحسن حال المعلم إعدادا وتأهيلا واختفت العصا من المدرسة، وإن استعمل قليل أكفهم وعقلهم للضرب في حالات مؤذية جسديا ونفسيا.. إلا أنها حالات قليلة وشاذة.
العجيب أن مقطعا مصورا (لمعيض) يجلد أولاده بالسوط (لم أتبين نوعه، والأقرب أنه خيزرانة مقصدرة من خيزران العرضات) لقي انتشارا واسعا وحظي بمتابعة ونقاش ظهر في كثير منها من يؤيد بلا مسوغ ما قام به (معيض).
فيما لا الفعل الذي اقترفه الأولاد يقتضي أكثر من نهي، أو حرمان من الكرة ليلتها، ولو وقع الضرب تأديبا من والد ومن في مقامه مثلا فليس مسوغا لشرعنته تربويا،
ولا الطيران في العجة لنقول إنه مثل هذا الأسلوب يصنع رجالا، ويخْرج لنا جيلا صامدا صبورا.
الأجيال السابقة لم تنجح في حياتها لأنها ضربت وأدبت بالسوط، هناك فاقة وحاجة للعمل رعيا وزراعة، وهناك مساحة آمنة للعب والنزهة، وهناك إقبال على التعليم والقراءة، إذ ليس هناك سلوى غير أن ينخرطوا في دروسهم وواجباتهم.
هناك حارة ومجتمع يحرس بعضه بعضا ويؤدب فيه الجار ولد جاره، أو القريب قريبه، دونما عنف.
اليوم وطلابنا على أعتاب العالم الأول بل هم فيه مبتعثون في التخصصات المختلفة ما زلنا نظن أن العصا هي أسلوب تربوي ناجع، ونحفل بذلك وننشره ونتباهى به، وتستغله شركات ومؤسسات لصالحها دعاية وترويجا،
ولا تستغربوا قريبا أن تشاهدوا نماذج سوء تربية أخرى، تتلقفها وسائل الإعلام والتواصل لنبدو في نظرنا ونظر الآخرين جلادين قساة، العنف فينا رابض، واللطف فينا عارض.
وإذا كانت الأيام الخوالي في التربية تعتمد السوط لتهذيب الأبناء من والديهم أو معلميهم.. فإن العقاب بالجلد الذي كانت تسوغه للمعلمين عبارة آبائنا إذا أسلمونا لمدارسنا «لكم اللحم ولنا العظم» أو يسوغه تأخر تربوي وتعليمي في إعداد المعلم نفسيا وتربويا، إذا كان ذلك كذلك فإن زماننا هذا لم يعد يجدي فيه الضرب أسلوبا عقابيا ولا ممارسة تربوية ناجعة.. لأنه وإن سلم منه (العظم) فلم يكسر، كسر نفس الطالب، والذين تجبر كسور أنفسهم قلة قليلة نجعت إمكاناتها الشخصية وبعض المحيطين بهم في ترميم نفوسهم وإقبالهم على التعلم والتحصيل ليمروا بسلام إلى مراحل متقدمة من التعليم، أو ليسلكوا طريق نجاح بعيدا عن ما تركت العصا من تشويه نفسي.
أما الأكثر فقد توالى فشلهم فهجروا التعليم وانصرفوا عنه بغضا فيه أو في معلم جلاد..
ومن هو في عمري ومرت ببدنه خيزرانة المعلم أو ببدن أقرانه، يعرف جيدا قدر الألم الذي يحدثه أن يضرب الطالب لأمور حين أتذكرها لا تستوجب الضرب أصلا فضلا أن يضرب الطالب أمام زملائه وأن يضرب العشرة والعشرين والأربعين سوطا في (الإحرام).
أعرف جيدا ذلك وأعرف أنني أقول عن معلمي الجلاد: «الله يغفر له ويسامحه» اعتقادا جازما مني أنه أخطأ في حقي وحق زملائي.
ويمر ذكر بعض المعلمين القاسية قلوبهم، السباقين إلى عصيهم قبل أقلامهم والسبورة ممن مات ولا يعقب على ذكره إلا بالعبارة السابقة «الله يغفر له ويسامحه» ثم يوردون حكايات قسوته وتعسفه وضربه التي كانت تحكى فتقشعر لها الأبدان..
وما زال بعض زملائي وبعض من أعرف يدعون على معلميهم الذين يظنون أنهم (سدوا أنفسهم عن الدراسة) أو (كرهوا عتبة المدرسة بسببهم).
تطور التعليم وتحسن حال المعلم إعدادا وتأهيلا واختفت العصا من المدرسة، وإن استعمل قليل أكفهم وعقلهم للضرب في حالات مؤذية جسديا ونفسيا.. إلا أنها حالات قليلة وشاذة.
العجيب أن مقطعا مصورا (لمعيض) يجلد أولاده بالسوط (لم أتبين نوعه، والأقرب أنه خيزرانة مقصدرة من خيزران العرضات) لقي انتشارا واسعا وحظي بمتابعة ونقاش ظهر في كثير منها من يؤيد بلا مسوغ ما قام به (معيض).
فيما لا الفعل الذي اقترفه الأولاد يقتضي أكثر من نهي، أو حرمان من الكرة ليلتها، ولو وقع الضرب تأديبا من والد ومن في مقامه مثلا فليس مسوغا لشرعنته تربويا،
ولا الطيران في العجة لنقول إنه مثل هذا الأسلوب يصنع رجالا، ويخْرج لنا جيلا صامدا صبورا.
الأجيال السابقة لم تنجح في حياتها لأنها ضربت وأدبت بالسوط، هناك فاقة وحاجة للعمل رعيا وزراعة، وهناك مساحة آمنة للعب والنزهة، وهناك إقبال على التعليم والقراءة، إذ ليس هناك سلوى غير أن ينخرطوا في دروسهم وواجباتهم.
هناك حارة ومجتمع يحرس بعضه بعضا ويؤدب فيه الجار ولد جاره، أو القريب قريبه، دونما عنف.
اليوم وطلابنا على أعتاب العالم الأول بل هم فيه مبتعثون في التخصصات المختلفة ما زلنا نظن أن العصا هي أسلوب تربوي ناجع، ونحفل بذلك وننشره ونتباهى به، وتستغله شركات ومؤسسات لصالحها دعاية وترويجا،
ولا تستغربوا قريبا أن تشاهدوا نماذج سوء تربية أخرى، تتلقفها وسائل الإعلام والتواصل لنبدو في نظرنا ونظر الآخرين جلادين قساة، العنف فينا رابض، واللطف فينا عارض.