معرفة

رباط صليبي.. مكاشفات الحياة من خلال كرة القدم

استطاع الروائي سعيد الأحمد في روايته «رباط صليبي» والصادرة عن دار مدارك أن يغوص في متاهات الحارة، ومكاشفات الحياة التي تنمو عن طريق حوارات فلسفية عميقة.

الأحمد أسقط من خلال لعبة كرة القدم مفارقات يومية لم تخل من سخرية لافتة، بلغة عالية وسرد حكائي لافت.

ويصر الروائي في سرده على تكريس مقولة جان بول سارتر «كرة القدم تختصر الحياة بكل تعقيداتها وقوانينها»، ويرى أن اللغة الفلسفية في رباط صليبي هي ما احتاجه النص تحديدا، كونه نصا مبنيا كليا على مضامين لها إسقاطاتها وخوضها الخاص جدا في تعقيدات الشخوص النفسية واستنادها على تشظي تام للأحداث، وبالتأكيد منحت للنص نفسا مختلفا عن المعتاد.

العمل حمل إسقاطات على الواقع من خلال لعبة جماهيرية تماهت بين الصراعات الفردية والتكتلات الجماعية والتي كما يؤكد الأحمد ليست مجرد مباراة كما يعتقد البعض، بل هي حياة متكاملة بكل تعرجاتها ونجاحاتها وإخفاقاتها ودسائسها وجمالياتها أيضا.

ولم تتقاطع «رباط صليبي» مع أي تابوه أو تجاوز جنسي أو سياسي أو ديني، لتروج لحضورها وتقتنص أكبر عدد من القراء المتعطشين لمثل هذه التجاوزات والتي اعتاد بعض الكتاب التعرض لها في رواياتهم بغية ترويج أكبر عدد من نسخ مؤلفاتهم، وإن لم تكن تحمل أي إبداع.

وتجلى في فصول الرواية أن التحدي الحقيقي هو الاشتغال على الإنسان وأتعابه وتعاساته اليومية وقضاياه الهامشية ومقدرة الكاتب أن يصنع نصا آسرا.

وفي ملمح آخر عمد الأحمد لاختيار أسماء أبطال الرواية «جسار، نواف، سعود، المطرقة، ولد رحمة، عكار»، لتخدم المشاهد الحكائية التي تغوص في تفاصيل سيكولوجية هؤلاء الشخوص بما يتناغم مع أعمالهم وأدوارهم في الحياة، حيث إن كل اسم له دلالة واضحة على شكل الشخصية الظاهري وتركيبته النفسية ومرجعيته الأخلاقية.