ناشرون يفندون أزمات صناعة الكتاب العربي
الثلاثاء / 13 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 21:30 - الثلاثاء 22 مارس 2016 21:30
فند ناشرون ومهتمون الأزمات التي تواجه صناعة الكتاب العربي، وما طرأ عليه من تحولات خلال السنوات الأخيرة، ومنها أساليب تسويقه، حيث دعا المتخصص في التسويق عطاء رسولي الناشرين إلى تركيز جهود التسويق على الإعلام والإعلاميين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
جاء ذلك خلال جلسة نقاش نظمتها مجلة القافلة على هامش معرض جدة للكتاب، وأدارها الزميل الراحل عمر المضواحي -رحمه الله- بنفس تلك الروح المندفعة المتدفقة التي طبعت مقالاته، وبنفس التفكير المنظم الحاسم الذي عرف به، وبكفاءته المعهودة بدأ العمل على تحرير مجرياتها، ولكن القدر لم يمهله حتى يُكمل مهمته، فاضطر فريق تحرير مجلة القافلة أن ينوب عنه في ذلك، ونشرت في آخر عدد لها.
1 - المضواحي: أين تكمن مشكلة الكتاب العربي بالرغم من الإقبال الكبير على معارض الكتاب؟
الناشر ماهر الكيالي: هناك ضعف التسويق، ويرمى حمله على عاتق الناشر الذي لا يجد سوى المعارض، لأنها الساحة التي يمكن استغلالها لذلك، وهذه حالة غير موجودة في الغرب، حيث تتولى شركات التوزيع هذه المهمة باعتبار الكتاب سلعة تسويقية.
المتخصص في التسويق عطاء رسولي: التسويق هو الأهم في كل المجالات، وخاصة في عالم الكتاب بوصفه سلعة. أما نحن فمشكلتنا ليست مع الناشر أو الكاتب، بل هي مع المجتمع ومفهوم القراءة لديه. ونرى أن أغلب الجهود التسويقية يجب أن تحول إلى الإعلام. فبإمكان الإعلام الوصول إلى الشريحة المستهدفة. فنحن، على سبيل المثال، نستهدف الإعلاميين من خلال تويتر وانستقرام لإيصال رسالتنا ومنتجنا إلى الشريحة التي نستهدفها بهذا الكتاب أو ذاك.
المتخصصة في قطاع الأعمال والتسويق شيماء يماني: تأخر الكتاب العربي عن اللحاق بإيقاع الحياة المتسارع في عصر المعلومات الرقمية. ولفتت إلى أن هذا الضعف هو ما يجعل الناس تميل أكثر لتعلم اللغات الأخرى من أجل القراءة والوصول إلى المعلومات التي تهمها.
2 المضواحي: ما هو الدور الذي يلعبه ثمن الكتاب والحسومات عليه في المعارض؟
الكيالي: الكتب تباع في المعارض بأسعار يمكننا أن نصفها بالتعبير العامي «بين بين»، أي متوسطة. ففي الأحوال العادية، نعطي نحن الناشرين المكتبات حسومات تصل إلى 50% من السعر على الغلاف. ولكننا في المعارض غير مضطرين إلى ذلك. لأن هناك مصاريف كبيرة تواجهنا. فنحن ندفع على سبيل المثال أربعة آلاف دولار بدل إيجار جناح مساحته 24 مترا مربعا. وهو مبلغ كبير، تضاف إليه تكاليف السفر والشحن والإقامة وغير ذلك.
3 المضواحي: ما هو موقفك كناشر من تكاثر المعارض، وهل تهمك المشاركة فيها؟
الكيالي: نحن من جهتنا نرحب بذلك. ولكن يجب أن يكون هناك تنظيم وتنسيق. فكثرة المعارض وتداخل بعضها في بعض يرهق الناشر من ناحية اختيار العناوين التي يجب أن يشارك بها هنا أو هناك، وأيضا التنظيم والإشراف وتجهيز الكتب وشحنها وغير ذلك.
الباحث محمد الفضلي: من خلال رحلاتنا في البحث عن الكتب، لاحظنا أن المعارض توفر الأحدث والكتب النادرة التي لا تتوافر كلها في المكتبات حتى الكبيرة منها. فالفترة الزمنية المحددة لمعارض الكتاب، والتنافس القوي، يفرضان على الدور عرض كثير من العناوين غير تلك الرائجة في المكتبات.
4 المضواحي: هل لجودة الكتاب دور في المعرض، وهل المعرض في الأساس قادر على ترويج المحتوى الجيد؟
الناقد حسين بافقيه: أعتقد أن الأمر معقد إلى حد ما. فرواج المحتوى ليس بالضرورة تقييما للكتاب. إن تقييم الكتب مسألة صعبة للغاية، والتي تشيع ويتلقفها القراء ليست بالضرورة جيدة أو متواضعة، ونضرب مثلا على ذلك نجيب محفوظ. كم نسخة كانت تطبع من رواياته؟ نحو 10 آلاف نسخة. فهل يعد هذا الرقم كبيرا ومعبرا في المحيط المصري والعربي؟ في المقابل، نجد كتبا تباع وتوزع ويعاد نشرها على نحو كبير. فكتاب «لا تحزن» مثلا للشيخ عائض القرني بيع منه ملايين النسخ. فهل هذا الكتاب قيم أم لا؟ من يملك حق تقييم الكتاب؟ المسألة إذن صعبة، ويجب أن يكون هناك احتراز عند التطرق إليها، إنني أتحفظ كثيرا على وصف كتاب بأنه ذو محتوى قوي أو متوسط أو غير ذلك».
5 المضواحي: لدينا في جدة ثلاثة آلاف مدرسة، ولو اشترت كل مدرسة نسختين، لكانت الحصيلة بيع 6 آلاف نسخة، فما بالك بباقي مدن المملكة؟ وأين دور الجهات الرسمية في إنقاذ الكتاب؟
بافقيه: نظريا، يجب أن يكون حضور الكتاب على هذا المستوى في المكتبات. لكن ما تقوله مثالي. فأن تكون في مجتمع يهتم بالثقافة؛ فإنك تحتاج إلى بلدان تجاوزت مشكلاتها. وللوصول إلى ذلك، عليك أن تحقق كثيرا من أمور التنمية السياسية والتعليمية. إن مكتبات الجامعات عندنا فقيرة، كما أن بعض المكتبات العامة هي مجرد مبان. ونحن نعرف أن وزارة الثقافة تشرف على 84 مكتبة عامة سبق أن تحدثنا عنها في وسائط التواصل الاجتماعي. الكتاب إذن سلعة، وإلا ما كان هناك معرض له. إنه سلعة تغذي الاقتصاد ووراءها مئات العمال ما بين المطبعة والمعرض، ممن يعتمدون عليها لكسب عيشهم. وبالتالي، علينا أن نتفهم إحجام الناشر مثلا عن طباعة آلاف النسخ، لأن ما سيبيعه منها لن يوازن التكلفة.
6 المضواحي: ما هي المعايير التي تتبعونها عندما تقررون نشر كتاب؟ وما الذي يسعى إليه القارئ؟ أهو المحتوى الشيق أم الجيد والجدي؟
الكيالي: لا بد من أن يحمل الكتاب قيمة فكرية، جمالية، أدبية، كي نقدم على نشره، والنموذج الذي نسعى إليه هو الكتاب الجيد والشيق في آن. ففي الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، أصبحت الرواية موضع اهتمام الناشرين لأكثر من سبب. من ذلك، قدرة الرواية على التعبير عن الأوضاع الاجتماعية وتحولاتها التي هي شأن عام يهم كثيرين. وساعد تقديم الجوائز على تحفيز الرواية والروائيين.
«ربما هذه آخر مهمة صحفية تولى إدارتها وتحريرها الراحل عمر المضواحي، وفي الليلة التي سبقت صباح النبأ الحزين، اعتذر عن دعوة عشاء للمشاركين في النشاط نفسه، لأنه وعد بتسليم المادة محررة في الصباح. وهكذا فإن هذا الصحفي الذي يقدس أصول المهنة لم يحل بينه وبين التزامه بموعد، ما كان سيسمح لنفسه بالتخلف عنه، إلا المنية دون سواها.
ورغم أنه كان شديد الإصرار على أهمية الاحتراف في الصحافة، لم يعمل في القافلة كمنتم، إلا أنه رافقها منذ بدايات انطلاقتها الجديدة قلبا وعقلا وروحا، وكان شديد الحماس لشكلها ومضمونها، يتحدث عنهما في مجالسه بالروح نفسها التي يتحدث فيها عن قضايا يؤمن بها، وكان هو أول من وصف القافلة ببئر أرامكو الثامنة التي لا ينضب زيتها، وذلك ربما في أوسع تغطية صحفية عنها كتبها في صحيفة «الشرق الأوسط» يوم كان من ألمع محرريها. كل الصحافة السعودية تفتقد روح عمر المضواحي، واحترافيته، لكن ربما يختلف افتقاد «القافلة» له عن سواها. ربما يا عمر».
مجلة القافلة
جاء ذلك خلال جلسة نقاش نظمتها مجلة القافلة على هامش معرض جدة للكتاب، وأدارها الزميل الراحل عمر المضواحي -رحمه الله- بنفس تلك الروح المندفعة المتدفقة التي طبعت مقالاته، وبنفس التفكير المنظم الحاسم الذي عرف به، وبكفاءته المعهودة بدأ العمل على تحرير مجرياتها، ولكن القدر لم يمهله حتى يُكمل مهمته، فاضطر فريق تحرير مجلة القافلة أن ينوب عنه في ذلك، ونشرت في آخر عدد لها.
1 - المضواحي: أين تكمن مشكلة الكتاب العربي بالرغم من الإقبال الكبير على معارض الكتاب؟
الناشر ماهر الكيالي: هناك ضعف التسويق، ويرمى حمله على عاتق الناشر الذي لا يجد سوى المعارض، لأنها الساحة التي يمكن استغلالها لذلك، وهذه حالة غير موجودة في الغرب، حيث تتولى شركات التوزيع هذه المهمة باعتبار الكتاب سلعة تسويقية.
المتخصص في التسويق عطاء رسولي: التسويق هو الأهم في كل المجالات، وخاصة في عالم الكتاب بوصفه سلعة. أما نحن فمشكلتنا ليست مع الناشر أو الكاتب، بل هي مع المجتمع ومفهوم القراءة لديه. ونرى أن أغلب الجهود التسويقية يجب أن تحول إلى الإعلام. فبإمكان الإعلام الوصول إلى الشريحة المستهدفة. فنحن، على سبيل المثال، نستهدف الإعلاميين من خلال تويتر وانستقرام لإيصال رسالتنا ومنتجنا إلى الشريحة التي نستهدفها بهذا الكتاب أو ذاك.
المتخصصة في قطاع الأعمال والتسويق شيماء يماني: تأخر الكتاب العربي عن اللحاق بإيقاع الحياة المتسارع في عصر المعلومات الرقمية. ولفتت إلى أن هذا الضعف هو ما يجعل الناس تميل أكثر لتعلم اللغات الأخرى من أجل القراءة والوصول إلى المعلومات التي تهمها.
2 المضواحي: ما هو الدور الذي يلعبه ثمن الكتاب والحسومات عليه في المعارض؟
الكيالي: الكتب تباع في المعارض بأسعار يمكننا أن نصفها بالتعبير العامي «بين بين»، أي متوسطة. ففي الأحوال العادية، نعطي نحن الناشرين المكتبات حسومات تصل إلى 50% من السعر على الغلاف. ولكننا في المعارض غير مضطرين إلى ذلك. لأن هناك مصاريف كبيرة تواجهنا. فنحن ندفع على سبيل المثال أربعة آلاف دولار بدل إيجار جناح مساحته 24 مترا مربعا. وهو مبلغ كبير، تضاف إليه تكاليف السفر والشحن والإقامة وغير ذلك.
3 المضواحي: ما هو موقفك كناشر من تكاثر المعارض، وهل تهمك المشاركة فيها؟
الكيالي: نحن من جهتنا نرحب بذلك. ولكن يجب أن يكون هناك تنظيم وتنسيق. فكثرة المعارض وتداخل بعضها في بعض يرهق الناشر من ناحية اختيار العناوين التي يجب أن يشارك بها هنا أو هناك، وأيضا التنظيم والإشراف وتجهيز الكتب وشحنها وغير ذلك.
الباحث محمد الفضلي: من خلال رحلاتنا في البحث عن الكتب، لاحظنا أن المعارض توفر الأحدث والكتب النادرة التي لا تتوافر كلها في المكتبات حتى الكبيرة منها. فالفترة الزمنية المحددة لمعارض الكتاب، والتنافس القوي، يفرضان على الدور عرض كثير من العناوين غير تلك الرائجة في المكتبات.
4 المضواحي: هل لجودة الكتاب دور في المعرض، وهل المعرض في الأساس قادر على ترويج المحتوى الجيد؟
الناقد حسين بافقيه: أعتقد أن الأمر معقد إلى حد ما. فرواج المحتوى ليس بالضرورة تقييما للكتاب. إن تقييم الكتب مسألة صعبة للغاية، والتي تشيع ويتلقفها القراء ليست بالضرورة جيدة أو متواضعة، ونضرب مثلا على ذلك نجيب محفوظ. كم نسخة كانت تطبع من رواياته؟ نحو 10 آلاف نسخة. فهل يعد هذا الرقم كبيرا ومعبرا في المحيط المصري والعربي؟ في المقابل، نجد كتبا تباع وتوزع ويعاد نشرها على نحو كبير. فكتاب «لا تحزن» مثلا للشيخ عائض القرني بيع منه ملايين النسخ. فهل هذا الكتاب قيم أم لا؟ من يملك حق تقييم الكتاب؟ المسألة إذن صعبة، ويجب أن يكون هناك احتراز عند التطرق إليها، إنني أتحفظ كثيرا على وصف كتاب بأنه ذو محتوى قوي أو متوسط أو غير ذلك».
5 المضواحي: لدينا في جدة ثلاثة آلاف مدرسة، ولو اشترت كل مدرسة نسختين، لكانت الحصيلة بيع 6 آلاف نسخة، فما بالك بباقي مدن المملكة؟ وأين دور الجهات الرسمية في إنقاذ الكتاب؟
بافقيه: نظريا، يجب أن يكون حضور الكتاب على هذا المستوى في المكتبات. لكن ما تقوله مثالي. فأن تكون في مجتمع يهتم بالثقافة؛ فإنك تحتاج إلى بلدان تجاوزت مشكلاتها. وللوصول إلى ذلك، عليك أن تحقق كثيرا من أمور التنمية السياسية والتعليمية. إن مكتبات الجامعات عندنا فقيرة، كما أن بعض المكتبات العامة هي مجرد مبان. ونحن نعرف أن وزارة الثقافة تشرف على 84 مكتبة عامة سبق أن تحدثنا عنها في وسائط التواصل الاجتماعي. الكتاب إذن سلعة، وإلا ما كان هناك معرض له. إنه سلعة تغذي الاقتصاد ووراءها مئات العمال ما بين المطبعة والمعرض، ممن يعتمدون عليها لكسب عيشهم. وبالتالي، علينا أن نتفهم إحجام الناشر مثلا عن طباعة آلاف النسخ، لأن ما سيبيعه منها لن يوازن التكلفة.
6 المضواحي: ما هي المعايير التي تتبعونها عندما تقررون نشر كتاب؟ وما الذي يسعى إليه القارئ؟ أهو المحتوى الشيق أم الجيد والجدي؟
الكيالي: لا بد من أن يحمل الكتاب قيمة فكرية، جمالية، أدبية، كي نقدم على نشره، والنموذج الذي نسعى إليه هو الكتاب الجيد والشيق في آن. ففي الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، أصبحت الرواية موضع اهتمام الناشرين لأكثر من سبب. من ذلك، قدرة الرواية على التعبير عن الأوضاع الاجتماعية وتحولاتها التي هي شأن عام يهم كثيرين. وساعد تقديم الجوائز على تحفيز الرواية والروائيين.
«ربما هذه آخر مهمة صحفية تولى إدارتها وتحريرها الراحل عمر المضواحي، وفي الليلة التي سبقت صباح النبأ الحزين، اعتذر عن دعوة عشاء للمشاركين في النشاط نفسه، لأنه وعد بتسليم المادة محررة في الصباح. وهكذا فإن هذا الصحفي الذي يقدس أصول المهنة لم يحل بينه وبين التزامه بموعد، ما كان سيسمح لنفسه بالتخلف عنه، إلا المنية دون سواها.
ورغم أنه كان شديد الإصرار على أهمية الاحتراف في الصحافة، لم يعمل في القافلة كمنتم، إلا أنه رافقها منذ بدايات انطلاقتها الجديدة قلبا وعقلا وروحا، وكان شديد الحماس لشكلها ومضمونها، يتحدث عنهما في مجالسه بالروح نفسها التي يتحدث فيها عن قضايا يؤمن بها، وكان هو أول من وصف القافلة ببئر أرامكو الثامنة التي لا ينضب زيتها، وذلك ربما في أوسع تغطية صحفية عنها كتبها في صحيفة «الشرق الأوسط» يوم كان من ألمع محرريها. كل الصحافة السعودية تفتقد روح عمر المضواحي، واحترافيته، لكن ربما يختلف افتقاد «القافلة» له عن سواها. ربما يا عمر».
مجلة القافلة