الرأي

الكتب.. عمليات الشهرة السريعة!

صهيب الصالح
بعد جولة استكشافية بمعرض الكتاب، نجد أن هناك اختراقا متعمدا لمفهوم الكتاب، وخيانة لا تغتفر للأشجار التي آثرت أن تتخلى عن جمالية المناظر المشاركة في رسمها، وتحملت آلام المصانع أثناء تقطيعها وتحويلها إلى ورق بهدف الإثراء المعرفي، صدمنا بحضور الكثير من المؤلفات لمن لا يحمل من مواصفات الكاتب شيئا، بل إنه أوجد فراغا كبيرا رغم وجود آلاف الكلمات بين الغلافين، وشغل كتابه والبهرجة المصاحبة له حيزا من مساحة المعرض، وهذه جريمة بحق الأرض والبشر، والمخلوقات الأخرى.

ما معنى أن يصل عدد الزوار لأكثر من مليون زائر خلال 10 أيام، وتتجاوز العناوين ثلاثة ملايين عنوان في آخر خمس سنوات، ويكون الكتاب الذي تصدر مبيعات المعرض لشخص وسيم فاه بكل ما لا فائدة فيه، أو كتاب يحمل عنوانا علميا صرفا لمؤلف لا يتجاوز عمره بضع سنوات، وليس لنا أن نتساءل كيف استطاع مؤلفه جمع المعلومات وتحليلها ومعالجتها لتزيد من الوعي العلمي وتحقق أهدافها المعلنة، إذ إننا بذلك نعتبر غير محفزين على الإبداع ومحاربين للنجاح، وحسادا لم نستطع أن نضع أسماءنا على الأغلفة ونكتب خلفها إهداء لمن شاركنا ودفعنا لاقتراف هذا الإثم.

قيل إنك يجب أن تحصل على الممحاة قبل حصولك على القلم، وتقرأ ألف مقال قبل أن تكتب واحدا، وإن شيخا حكيما يجب أن يعيش داخل مخيلتك، ولا تكتب إلا حينما تجد ما يدفعك للكتابة فعلا، ولا تكتب أيضا بغير فنك الذي تتقنه وإلا ستأتي بالعجائب، فالكتابة نتاج لتفكير عميق وقاعدة معلوماتية وتفاعل عاطفي، هدفها مناقشة الأفكار

لا النوم طويلا على سرير أبيض في غرفة العمليات السريعة للشهرة، الكتابة وسيلة تعبير عن الإنسان والحياة، تحفظ وتقيد الواقع والرؤى والأمنيات، وتحررنا من الكبت والغضب، وتهوي بنا من أعلى قمم الحزن إلى أعماق الفرح، الكتابة لا بد وأن تكون سجلا حافلا للأخبار والأحوال، يجد فيها القارئ معظم مظاهر الحياة، التي بدأت بالتلاشي مع انحدار مستوى التأليف، ولا أضعف حيلة من جيل سيخلفنا، لا يجد ما يعتبر حقا خير صديق في الزمان.