من فهد الحازمي إلى تيلور سويفت
السبت / 10 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 23:15 - السبت 19 مارس 2016 23:15
ستانلي ميلغرام عالم نفس أمريكي اشتهر بـ«تجربة ميلغرام» التي غيرت من نظرتنا لدوافع الشر والغريزة عند الإنسان. لميلغرام تجربة أخرى أقل شهرة أجراها في أواخر الستينات الميلادية ولكنها ليست أقل أهمية وهي تجربة «العالم الصغير». أراد ميلغرام أن يعرف كم شخص يفصل بينك وبين أي شخص آخر في العالم. لو كان لديك رسالة للمغنية الأمريكية الشهيرة تايلور سويفت مثلا، فكم يبلغ طول سلسلة الأشخاص الذي يجب أن يمرروا رسالتك لتصل إليها مباشرة بأسرع وقت ممكن؟
ميلغرام يدرك أن عدد الأشخاص لم يكن يعني شيئا بحد ذاته؛ حيث لم يكن مهووسا بمراسلة مشاهير هوليود ونجوم البوب. ولكن هذا العدد مهم جدا في علوم الاتصال والشبكات لأنه يعطي فكرة عن مدى قرب الناس أو انفصالهم من بعضهم البعض. وزع ميلغرام رسائل عشوائية للمشاركين من وسط أمريكا وطلب منهم أن يسلموا الرسالة إلى الهدف «السيد جاكوب» تاجر ملابس مغمور في مدينة بوسطن، أو إلى شخص يستطيع أن يوصلها له ممن يعرفونهم. وصلت للسيد جاكوب 64 رسالة من أماكن مختلفة كان متوسط عدد المحطات فيها 6 محطات تقريبا.
ولكن هذا كله حصل في أواخر الستينات الميلادية، أي قبل أن نعرف عن الشبكات الاجتماعية وعوالم التواصل الجديدة، حيث تقلصت المسافات وتلاشت الحدود. فماذا عن اليوم؟ قام فريق فيسبوك قبل نحو شهر بنشر بحث حول متوسط سلسلة المستخدمين الذين يفصلون بين أي مستخدم ومستخدم آخر للموقع (والذي يتجاوز عدد مستخدميه مليار ونصف المليار مستخدم). ووجدوا أن طول السلسلة بين أي شخصين يقل بمرور الزمن. حيث لا يفصل اليوم بين أي مستخدمين في العالم سوى نحو أربعة مستخدمين أو أقل.
فكر مرة أخرى بما يعنيه أن تكون قادرا على الوصول لأي مستخدم آخر في فيس بوك من خلال أربعة مستخدمين في أغلب الأحوال، بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم وأماكن إقامتهم. حينما ينتشر مقطع فيديو بشكل سريع -فيما يسمى بالانتشار الفيروسي أو (الترند)- ترى أن العالم يشارك ذات الإعجاب والضحكة والدمعة على نفس المقطع والذي قد يكون لطفل يرى ظله للمرة الأولى أو لموهوب يصدح بالغناء أمام لجنة تحكيم. لم يشهد العالم سابقا لحظات تفاعل متشابهة كهذه بهذا المستوى. حيث اكتشفنا بفضل هذا الاقتراب الالكتروني أن ما يجمعنا بالآخرين المغايرين عنا بلغاتهم وأشكالهم ودياناتهم أكثر بكثير مما يفرقنا عنهم.
هذا الاقتراب العالمي يصوغ شكل المستقبل الذي سنعيشه، ليس في مجتمعنا فحسب بل في العالم أجمع، بشكل لم يسبق له مثيل. هيبة البعد والقدسية التي طالما أحاطت بمشاهير المجتمع تبددت بل وتشكلت شريحة جديدة من المشاهير بمعايير مختلفة كليا حيث لم تعد تتطلب التأهيل المعهود. بل إن لدينا حالات عدة من «الأطفال المشاهير» وهم الأطفال الذين يملكون أعدادا مليونية من المتابعين والمشاهدين. ناهيك عن مشاهير الكوميديا والمبادرة الاجتماعية والتطوع وما سواها. حتى في عمل المنظمات ترى أن مجالات كالعلاقات العامة وخدمة العملاء تغيرت كليا مع وسائل التواصل وتكيفت مع المسافة المتقلصة بين الناس.
قد لا تصل رسالتك إلى ذائعة الصيت تايلور سويفت مباشرة لكن ضع في حسبانك أن «الدنيا صغيرة» وأن الطريق إليها أقصر بكثير مما توحي به شهرتها الكاسحة. على الأقل بالنسبة لي، حيث لا يفصلها عني سوى 3 أشخاص فقط.
ميلغرام يدرك أن عدد الأشخاص لم يكن يعني شيئا بحد ذاته؛ حيث لم يكن مهووسا بمراسلة مشاهير هوليود ونجوم البوب. ولكن هذا العدد مهم جدا في علوم الاتصال والشبكات لأنه يعطي فكرة عن مدى قرب الناس أو انفصالهم من بعضهم البعض. وزع ميلغرام رسائل عشوائية للمشاركين من وسط أمريكا وطلب منهم أن يسلموا الرسالة إلى الهدف «السيد جاكوب» تاجر ملابس مغمور في مدينة بوسطن، أو إلى شخص يستطيع أن يوصلها له ممن يعرفونهم. وصلت للسيد جاكوب 64 رسالة من أماكن مختلفة كان متوسط عدد المحطات فيها 6 محطات تقريبا.
ولكن هذا كله حصل في أواخر الستينات الميلادية، أي قبل أن نعرف عن الشبكات الاجتماعية وعوالم التواصل الجديدة، حيث تقلصت المسافات وتلاشت الحدود. فماذا عن اليوم؟ قام فريق فيسبوك قبل نحو شهر بنشر بحث حول متوسط سلسلة المستخدمين الذين يفصلون بين أي مستخدم ومستخدم آخر للموقع (والذي يتجاوز عدد مستخدميه مليار ونصف المليار مستخدم). ووجدوا أن طول السلسلة بين أي شخصين يقل بمرور الزمن. حيث لا يفصل اليوم بين أي مستخدمين في العالم سوى نحو أربعة مستخدمين أو أقل.
فكر مرة أخرى بما يعنيه أن تكون قادرا على الوصول لأي مستخدم آخر في فيس بوك من خلال أربعة مستخدمين في أغلب الأحوال، بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم وأماكن إقامتهم. حينما ينتشر مقطع فيديو بشكل سريع -فيما يسمى بالانتشار الفيروسي أو (الترند)- ترى أن العالم يشارك ذات الإعجاب والضحكة والدمعة على نفس المقطع والذي قد يكون لطفل يرى ظله للمرة الأولى أو لموهوب يصدح بالغناء أمام لجنة تحكيم. لم يشهد العالم سابقا لحظات تفاعل متشابهة كهذه بهذا المستوى. حيث اكتشفنا بفضل هذا الاقتراب الالكتروني أن ما يجمعنا بالآخرين المغايرين عنا بلغاتهم وأشكالهم ودياناتهم أكثر بكثير مما يفرقنا عنهم.
هذا الاقتراب العالمي يصوغ شكل المستقبل الذي سنعيشه، ليس في مجتمعنا فحسب بل في العالم أجمع، بشكل لم يسبق له مثيل. هيبة البعد والقدسية التي طالما أحاطت بمشاهير المجتمع تبددت بل وتشكلت شريحة جديدة من المشاهير بمعايير مختلفة كليا حيث لم تعد تتطلب التأهيل المعهود. بل إن لدينا حالات عدة من «الأطفال المشاهير» وهم الأطفال الذين يملكون أعدادا مليونية من المتابعين والمشاهدين. ناهيك عن مشاهير الكوميديا والمبادرة الاجتماعية والتطوع وما سواها. حتى في عمل المنظمات ترى أن مجالات كالعلاقات العامة وخدمة العملاء تغيرت كليا مع وسائل التواصل وتكيفت مع المسافة المتقلصة بين الناس.
قد لا تصل رسالتك إلى ذائعة الصيت تايلور سويفت مباشرة لكن ضع في حسبانك أن «الدنيا صغيرة» وأن الطريق إليها أقصر بكثير مما توحي به شهرتها الكاسحة. على الأقل بالنسبة لي، حيث لا يفصلها عني سوى 3 أشخاص فقط.