الديمقراطيات الناشئة بغرب أفريقيا هدف للعنف المزدوج
الجمعة / 9 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 21:15 - الجمعة 18 مارس 2016 21:15
الهجوم الإرهابي الذي استهدف الأحد الماضي مدينة «جراند بسام» بساحل العاج يستبطن الأبعاد التوسعية لإرهاب مزدوج تمثله كل من القاعدة وداعش في غرب أفريقيا، وتوجها نحو الديمقراطيات الفتية كهدف مفضل للتنظيمين.
أبعاد جغرافية ونوعية يتخذها هذا التوسع خارج مناطق الضربات الإرهابية التقليدية، وذلك من خلال استهداف متسلسل انطلق بباماكو عاصمة مالي، في نوفمبر الماضي (فندق لو راديسون بلو)، ثم فندق «سبلنديد» بوجادوجو العاصمة البوركينية، في يناير الماضي، قبل استهداف منتجع سياحي أمس الأول، غير بعيد من أبيدجان، العاصمة الاقتصادية لساحل العاج.
ضربات إرهابية تنزل بثقلها في قلب عواصم بلدان غرب أفريقيا، وخصوصا تلك التي لا تزال تخطو أولى خطواتها على درب الديمقراطية. وعلاوة على تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، والذي تبنى الهجوم الأخير، إضافة لهجمات كل من باماكو ووجادوجو، فإن المسار نفسه تعتمده «بوكو حرام» الموالية لـ «داعش»، وضرباتها في النيجر ونيجيريا وحتى في تشاد والكاميرون (وسط أفريقيا)، أبرز دليل على ذلك، إذ تتواصل التفجيرات الانتحارية، علاوة على الهجمات التي تستهدف مختلف القرى في حوض بحيرة تشاد (التي تطل عليها أربع دول: تشاد، نيجر، نيجيرا، كاميرون)، حيث يتمركز خطر «بوكو حرام» بعد أن كان امتد إلى قلب العاصمة التشادية أنجامينا صيف 2015.
عامل آخر من شأنه أن يبرر استهداف هذه المناطق من قبل قطبي الإرهاب الناشط في غرب أفريقيا، وهو حقيقة أن أنظمة المنطقة لا تتوانى عن تقديم نفسها حليفة لفرنسا الحاضرة في الساحل الأفريقي من خلال عملية «برخان» العسكرية. استعراض لم يكن ليكبح أطماع الإرهابيين، وتفضيل هؤلاء للديمقراطيات الناشئة (توجه يبرز بشكل أوضح لدى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي)، يجد تفسيره في عوامل استراتيجية نابعة من الدوافع الإيديولوجية.
فالنفور الذي يبديه الإرهابيون تجاه الأنظمة الديمقراطية، يفسر استهدافها، سيما وأن معظمها في طور إعادة البناء عقب الأزمات التي عصفت بأركانها ما أدى إلى إضعافها. ساحل العاج مسرح الهجوم الإرهابي الأخير، بصدد قطع أولى خطواتها ضمن المسار الديمقراطي، من خلال تنظيمها لانتخاباتها الرئاسية في أكتوبر الأول الماضي، ضمن توجه تهدف من ورائه إلى تضميد جراح 10 سنوات من الأزمة (2002- 2011). أما هجوم بوركينا فاسو، والذي خلف في يناير الماضي، عشرات القتلى، فقد جاء بالتزامن مع مراسم تنصيب الرئيس المنتخب حديثا، روش كابوري، لوضع حد لفترة انتقالية استمرت لعام بأكمله. وفي مالي لم يكن السيناريو مختلفا بشكل كبير عن سابقيه، ذلك أن الهجوم الذي استهدف أحد أشهر فنادقها في العاصمة باماكو، في نوفمبر الماضي، جاء أيضا في وقت يعد حرجا بالنسبة لبلد وقع لتوه اتفاق سلام في العاصمة الجزائرية، استبعدت منه المجموعات الإرهابية، ويسير بحذر نحو سلام داخلي شامل يقطع الأزمة التي تهز البلاد منذ مارس 2012.
ولمواجهة المد الإرهابي المتفاقم على حدودها الشمالية مع مالي، وعقب الهجمات الإرهابية التي ضربت الجنوب المالي في يونيو الماضي، عززت السلطات الإيفوارية من تدابيرها الأمنية، اعتمادا على خطة لمكافحة الإرهاب. ورغم أن جملة هذه التدابير الوقائية اتخذت توقيا من هجوم إرهابي «محتمل»، بحسب عدد من المراقبين، إلا أن كوت ديفوار تكبدت خسائر بشرية فادحة، بمقتل 18 شخصا دون احتساب الإرهابيين الـ3 الذين قضوا في الهجوم.
ضربات تشي بوجود ثغرات أمنية من الطبيعي أن تشوب الأنظمة الأمنية لبلدان خرجت لتوها من أتون الأزمات، وهذا ما يثير أطماع المجموعات المسلحة المهووسة بتحقيق أعلى نسبة من القتلى خلال هجماتها، بما يضمن لها صدى إعلاميا ونفسيا مدويا.
بوركينا فاسو، من جانبها، لم تخل بدورها من اهتزازات أمنية انطلقت بانتفاضة شعبية أجبرت رئيسها السابق، بليز كمباوري، على الرحيل، قبل أن تدخل مرحلة انتقالية غالبا ما تتسم بالهشاشة. مسار مضطرب، ومما زاده تعثرا، محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها فوج الأمن الرئاسي السابق، في سبتمبر الماضي، وكادت تطيح بالمؤسسات الانتقالية في البلاد.
أما في مالي، فإن جذور الأزمة التي تعاني منها البلاد منذ 2012، تاريخ الانقلاب العسكري، يمكن أن تقدم معطيات حول درجة جاهزية قواتها المسلحة، وقدرتها على التنبؤ أو الرد على الأعمال الإرهابية.
أبعاد جغرافية ونوعية يتخذها هذا التوسع خارج مناطق الضربات الإرهابية التقليدية، وذلك من خلال استهداف متسلسل انطلق بباماكو عاصمة مالي، في نوفمبر الماضي (فندق لو راديسون بلو)، ثم فندق «سبلنديد» بوجادوجو العاصمة البوركينية، في يناير الماضي، قبل استهداف منتجع سياحي أمس الأول، غير بعيد من أبيدجان، العاصمة الاقتصادية لساحل العاج.
ضربات إرهابية تنزل بثقلها في قلب عواصم بلدان غرب أفريقيا، وخصوصا تلك التي لا تزال تخطو أولى خطواتها على درب الديمقراطية. وعلاوة على تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، والذي تبنى الهجوم الأخير، إضافة لهجمات كل من باماكو ووجادوجو، فإن المسار نفسه تعتمده «بوكو حرام» الموالية لـ «داعش»، وضرباتها في النيجر ونيجيريا وحتى في تشاد والكاميرون (وسط أفريقيا)، أبرز دليل على ذلك، إذ تتواصل التفجيرات الانتحارية، علاوة على الهجمات التي تستهدف مختلف القرى في حوض بحيرة تشاد (التي تطل عليها أربع دول: تشاد، نيجر، نيجيرا، كاميرون)، حيث يتمركز خطر «بوكو حرام» بعد أن كان امتد إلى قلب العاصمة التشادية أنجامينا صيف 2015.
عامل آخر من شأنه أن يبرر استهداف هذه المناطق من قبل قطبي الإرهاب الناشط في غرب أفريقيا، وهو حقيقة أن أنظمة المنطقة لا تتوانى عن تقديم نفسها حليفة لفرنسا الحاضرة في الساحل الأفريقي من خلال عملية «برخان» العسكرية. استعراض لم يكن ليكبح أطماع الإرهابيين، وتفضيل هؤلاء للديمقراطيات الناشئة (توجه يبرز بشكل أوضح لدى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي)، يجد تفسيره في عوامل استراتيجية نابعة من الدوافع الإيديولوجية.
فالنفور الذي يبديه الإرهابيون تجاه الأنظمة الديمقراطية، يفسر استهدافها، سيما وأن معظمها في طور إعادة البناء عقب الأزمات التي عصفت بأركانها ما أدى إلى إضعافها. ساحل العاج مسرح الهجوم الإرهابي الأخير، بصدد قطع أولى خطواتها ضمن المسار الديمقراطي، من خلال تنظيمها لانتخاباتها الرئاسية في أكتوبر الأول الماضي، ضمن توجه تهدف من ورائه إلى تضميد جراح 10 سنوات من الأزمة (2002- 2011). أما هجوم بوركينا فاسو، والذي خلف في يناير الماضي، عشرات القتلى، فقد جاء بالتزامن مع مراسم تنصيب الرئيس المنتخب حديثا، روش كابوري، لوضع حد لفترة انتقالية استمرت لعام بأكمله. وفي مالي لم يكن السيناريو مختلفا بشكل كبير عن سابقيه، ذلك أن الهجوم الذي استهدف أحد أشهر فنادقها في العاصمة باماكو، في نوفمبر الماضي، جاء أيضا في وقت يعد حرجا بالنسبة لبلد وقع لتوه اتفاق سلام في العاصمة الجزائرية، استبعدت منه المجموعات الإرهابية، ويسير بحذر نحو سلام داخلي شامل يقطع الأزمة التي تهز البلاد منذ مارس 2012.
ولمواجهة المد الإرهابي المتفاقم على حدودها الشمالية مع مالي، وعقب الهجمات الإرهابية التي ضربت الجنوب المالي في يونيو الماضي، عززت السلطات الإيفوارية من تدابيرها الأمنية، اعتمادا على خطة لمكافحة الإرهاب. ورغم أن جملة هذه التدابير الوقائية اتخذت توقيا من هجوم إرهابي «محتمل»، بحسب عدد من المراقبين، إلا أن كوت ديفوار تكبدت خسائر بشرية فادحة، بمقتل 18 شخصا دون احتساب الإرهابيين الـ3 الذين قضوا في الهجوم.
ضربات تشي بوجود ثغرات أمنية من الطبيعي أن تشوب الأنظمة الأمنية لبلدان خرجت لتوها من أتون الأزمات، وهذا ما يثير أطماع المجموعات المسلحة المهووسة بتحقيق أعلى نسبة من القتلى خلال هجماتها، بما يضمن لها صدى إعلاميا ونفسيا مدويا.
بوركينا فاسو، من جانبها، لم تخل بدورها من اهتزازات أمنية انطلقت بانتفاضة شعبية أجبرت رئيسها السابق، بليز كمباوري، على الرحيل، قبل أن تدخل مرحلة انتقالية غالبا ما تتسم بالهشاشة. مسار مضطرب، ومما زاده تعثرا، محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها فوج الأمن الرئاسي السابق، في سبتمبر الماضي، وكادت تطيح بالمؤسسات الانتقالية في البلاد.
أما في مالي، فإن جذور الأزمة التي تعاني منها البلاد منذ 2012، تاريخ الانقلاب العسكري، يمكن أن تقدم معطيات حول درجة جاهزية قواتها المسلحة، وقدرتها على التنبؤ أو الرد على الأعمال الإرهابية.