دواء كحة
دبس الرمان
الجمعة / 9 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 20:45 - الجمعة 18 مارس 2016 20:45
حسنا، واستقالت لمى السليمان، بعد الجهاد والكفاح والمسيرات والشعارات وجهور الحق واضمحلال الضلال، استقالت لمى السليمان.. نعم بعد أن استقام المسار وبدأت موجة المساواة وتفعيل نصف المجتمع الذي كان في السبات، وسماع الناس بالانتخابات التي لم يكن يعرف بها حتى الرجال، ونزول بعض النساء للترشيح والتصويت، استقالت لمى السليمان، وبعد أن انتشرت الأخبار وتم إذاعة أنباء انتخاب النساء في شبه الجزيرة العربية أمام العالم، وبدأت الأنظار تنظر بنوع من الاعتبار لبقعة من العالم لا تستطيع فيها النساء استخدام وسائل المواصلات، أو تقرير مصيرها حتى وهي على مشارف الممات ولها من العيال من شاب، استقالت لمى السليمان.
إن ذلك الخلاف البيزنطي والذي حصل بسبب رفض بعض الرجال من المجلس البلدي الجلوس مع المرشحتين من النساء على نفس الطاولة أو في نفس الغرفة، لهو المفارقة الأكثر سخرية في تاريخ حقوق النساء ليس فقط في بلادنا، ولكن في العالم. الوضع بالضبط يشبه محاولة مراضاة طفل يصرخ من ألم أذنه في الطائرة ويحاول والداه إسكاته بدون فائدة، وحين ارتفع صوته وكاد يسمع الجيران اضطروا لإعطائه دواء كحة جعله ينام لبعض الوقت. من المشهد الحاضر لا نستطيع إلا أن نستنتج أن وزارة الشؤون القروية والبلدية تعاملت مع موضوع انتخابات النساء بسياسة (دواء الكحة)، وإلا ما الذي علينا اعتقاده حين رؤيتنا لإحلال قانون حكومي، ومن ثم عدم التنسيق على تطبيقه مع المرشحين أنفسهم. فالمنطق يقول بأنك حال سمحت بترشيح السيدات، فمن الطبيعي اشتراط أن يكون المرشحون ممن هم على استعداد لاحترام هذا القانون. ومن لم يحترمه فعلى القانون اتخاذ مساره الطبيعي بالتعامل معه، وليس العكس كما السلبية التي اتخذتها الوزارة في التعامل مع الموضوع باتخاذها لموقف (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم). ثم أي مصداقية تلك التي تتحدثون عنها، وأي وعود تلك التي نتوقع أن توفوا بها، وأي تطوير وأي نماء مجتمعي، وقد وقفتم عاجزين أمام سلطة العادات والمعتقدات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
اختلف الكثيرون على استقالة لمى السليمان، بين من اعتبر انسحابها انهزامية واستسلاما، وبين من اعتبر ما فعلته رد اعتبار قويا على هذه المهزلة التي تعود بنا من جديد إلى العصور الوسطى، وعليه فعلينا جميعا تحمل ردود الفعل العالمية والمحلية بعد هذا الأثر الرجعي لمحاولتنا المتواضعة للصعود درجة أو درجتين في سلم العالم المتحضر. وقد نختلف في موقفنا تجاه استقالتها، ولكننا نتفق جميعا أن استقالتها دواء كحة جديد يقولون إن مفعوله ربما يكون أطول قليلا من سابقيه.
heba.q@makkahnp.com
إن ذلك الخلاف البيزنطي والذي حصل بسبب رفض بعض الرجال من المجلس البلدي الجلوس مع المرشحتين من النساء على نفس الطاولة أو في نفس الغرفة، لهو المفارقة الأكثر سخرية في تاريخ حقوق النساء ليس فقط في بلادنا، ولكن في العالم. الوضع بالضبط يشبه محاولة مراضاة طفل يصرخ من ألم أذنه في الطائرة ويحاول والداه إسكاته بدون فائدة، وحين ارتفع صوته وكاد يسمع الجيران اضطروا لإعطائه دواء كحة جعله ينام لبعض الوقت. من المشهد الحاضر لا نستطيع إلا أن نستنتج أن وزارة الشؤون القروية والبلدية تعاملت مع موضوع انتخابات النساء بسياسة (دواء الكحة)، وإلا ما الذي علينا اعتقاده حين رؤيتنا لإحلال قانون حكومي، ومن ثم عدم التنسيق على تطبيقه مع المرشحين أنفسهم. فالمنطق يقول بأنك حال سمحت بترشيح السيدات، فمن الطبيعي اشتراط أن يكون المرشحون ممن هم على استعداد لاحترام هذا القانون. ومن لم يحترمه فعلى القانون اتخاذ مساره الطبيعي بالتعامل معه، وليس العكس كما السلبية التي اتخذتها الوزارة في التعامل مع الموضوع باتخاذها لموقف (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم). ثم أي مصداقية تلك التي تتحدثون عنها، وأي وعود تلك التي نتوقع أن توفوا بها، وأي تطوير وأي نماء مجتمعي، وقد وقفتم عاجزين أمام سلطة العادات والمعتقدات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
اختلف الكثيرون على استقالة لمى السليمان، بين من اعتبر انسحابها انهزامية واستسلاما، وبين من اعتبر ما فعلته رد اعتبار قويا على هذه المهزلة التي تعود بنا من جديد إلى العصور الوسطى، وعليه فعلينا جميعا تحمل ردود الفعل العالمية والمحلية بعد هذا الأثر الرجعي لمحاولتنا المتواضعة للصعود درجة أو درجتين في سلم العالم المتحضر. وقد نختلف في موقفنا تجاه استقالتها، ولكننا نتفق جميعا أن استقالتها دواء كحة جديد يقولون إن مفعوله ربما يكون أطول قليلا من سابقيه.
heba.q@makkahnp.com