حديث مع الراحل
الجمعة / 9 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 21:30 - الجمعة 18 مارس 2016 21:30
صديقي كان يتفجر حيوية بيننا قبل عدة سنوات بعينه المندهشة، وبسمته الحبيبة، ومشاعره، التي تفيض علينا بالود والتقدير.
كان يدهشنا بأناقة التصرف، والقدرة على رسم الجو بالتجدد، وتحفيزنا بالأسئلة الذكية، التي لا ينتظر لها جوابا، بقدر ما يريدنا أن نشعر بالمفارقات الحياتية، وأن نتمكن من تجاوز الخروقات العقلية، بمجرد أن نستوعب، ونتفكر، ونطلق لبسماتنا العنان، لتشعرنا بأننا نفهم ما الذي يدور حولنا، وأننا فاعلون في حياتنا وحياة من يعيشون معنا ولو بصيغة الإنكار، والتعجب!.
كان ذكيا رحمه الله، فلا تمر عليه جملة ولا حكاية، ولا موقف، ولا صورة دون أن يعيد هضمها بطريقته، ثم يعيد عجنها وصياغتها لنا ببسمات الدهشة.
تذكرته وأنا أقف في أحد شوارع الرياض المزدحم بالتحويلات، وتخيلت كيف سيكون تعليقه على ذلك الحال الممل من معانقة الهاتف حتى ييسرها الله وتنطلق السيارات من أمامي، والتوقف مجددا في مكان بعيد عن الإشارة الضوئية، غير المقدرة!.
تخيلت أني أحادثه، وأسمع تعليقاته، وكدت أن أسأله، ماذا لو عاد لنا من مستقره، وشهد ما يدور حولنا، وكيف سيفهم تلك التغيرات العجيبة، وكيف سيعيد قراءتها، قبل أن يسعدنا بنقدها، وكشف النقاب عن أخطائها المنطقية، التي قد ندركها، ولكن بطريقة ليست كطريقته المرحة.
حدثته عن داعش، وما فعلته بالفكر قبل الواقع، وكيف وصلت لحرق بشر وهو حي.
شرحت له والإشارة ما تزال متوقفة عن ميترو الرياض، وما فعله بنا، وما هو متوقع لنهاياته.
حدثته عن العقار، والشبوك، والفساد، والاستقدام، والبطالة، والإسكان، وتمنيت أن أسمع منه دعابات تتناسب مع عبثية الحال.
حدثته عن الحرب، التي قامت بعد رحيله في الحد الجنوبي.
كلمته عن شتات العراق، ومآسي سوريا، وعن حيرة ليبيا، ومصر، ولبنان بكلمات لم تكن تخرج حسرتها من فمي، باعتبار أني كنت أثق في قدرته على التقاط الإشارات مهما بلغت من درجات العجب.
حدثته عن الوزراء الجدد، وعن حال مجلس الشورى، فأنا أعرف أنه كان من أكثر من يعشق التندر بمستغرب الأحوال والأقوال.
حدثته عن أزمة النفط، وغلاء سعر الوقود، وعن التحول الوطني، وكنت أريد أن أسمع كيف يكون تفاعله مع كلمة تحول، وهل سيتوقف عند ذلك دون أن يحكي لي ببسمته الذكية قصة مماثلة حدثت في حياة صديق له متزوج يفكر بالتحول إلى عزوبي!.
الإشارة تعود للاخضرار، والسير ما يزال بطيئا، ولولا خشيتي من الإتيان على سيرة البطء، لسألته عن حاله، فربما لا يكون البطء مرتبطا بالموت، وربما في الرحيل تسريع واختصار للمسافات.
حقيقة أني اشتقت له، وكدت أن أبوح له بمشاعري، ولكني خشيت أن يحزن؛ لا أدري على حاله أو حالنا!.
تذكرت أني لا يمكن أن أتخيل حاله، كما أنه ببعده الميتافيزيقي لا يمكن أن يتخيل ما يحدث حولنا، حتى ولو حكينا له عن أدق التفاصيل.
هو السابق، ونحن اللاحقون إلى برزخ التقاء الأرواح.
الإشارة الخضراء تطلق سراحنا أخيرا، فأودع طيف صديقي، ببسمة ما زال يرسمها على محياي من برزخه، رحمك الله يا خالد.
كان يدهشنا بأناقة التصرف، والقدرة على رسم الجو بالتجدد، وتحفيزنا بالأسئلة الذكية، التي لا ينتظر لها جوابا، بقدر ما يريدنا أن نشعر بالمفارقات الحياتية، وأن نتمكن من تجاوز الخروقات العقلية، بمجرد أن نستوعب، ونتفكر، ونطلق لبسماتنا العنان، لتشعرنا بأننا نفهم ما الذي يدور حولنا، وأننا فاعلون في حياتنا وحياة من يعيشون معنا ولو بصيغة الإنكار، والتعجب!.
كان ذكيا رحمه الله، فلا تمر عليه جملة ولا حكاية، ولا موقف، ولا صورة دون أن يعيد هضمها بطريقته، ثم يعيد عجنها وصياغتها لنا ببسمات الدهشة.
تذكرته وأنا أقف في أحد شوارع الرياض المزدحم بالتحويلات، وتخيلت كيف سيكون تعليقه على ذلك الحال الممل من معانقة الهاتف حتى ييسرها الله وتنطلق السيارات من أمامي، والتوقف مجددا في مكان بعيد عن الإشارة الضوئية، غير المقدرة!.
تخيلت أني أحادثه، وأسمع تعليقاته، وكدت أن أسأله، ماذا لو عاد لنا من مستقره، وشهد ما يدور حولنا، وكيف سيفهم تلك التغيرات العجيبة، وكيف سيعيد قراءتها، قبل أن يسعدنا بنقدها، وكشف النقاب عن أخطائها المنطقية، التي قد ندركها، ولكن بطريقة ليست كطريقته المرحة.
حدثته عن داعش، وما فعلته بالفكر قبل الواقع، وكيف وصلت لحرق بشر وهو حي.
شرحت له والإشارة ما تزال متوقفة عن ميترو الرياض، وما فعله بنا، وما هو متوقع لنهاياته.
حدثته عن العقار، والشبوك، والفساد، والاستقدام، والبطالة، والإسكان، وتمنيت أن أسمع منه دعابات تتناسب مع عبثية الحال.
حدثته عن الحرب، التي قامت بعد رحيله في الحد الجنوبي.
كلمته عن شتات العراق، ومآسي سوريا، وعن حيرة ليبيا، ومصر، ولبنان بكلمات لم تكن تخرج حسرتها من فمي، باعتبار أني كنت أثق في قدرته على التقاط الإشارات مهما بلغت من درجات العجب.
حدثته عن الوزراء الجدد، وعن حال مجلس الشورى، فأنا أعرف أنه كان من أكثر من يعشق التندر بمستغرب الأحوال والأقوال.
حدثته عن أزمة النفط، وغلاء سعر الوقود، وعن التحول الوطني، وكنت أريد أن أسمع كيف يكون تفاعله مع كلمة تحول، وهل سيتوقف عند ذلك دون أن يحكي لي ببسمته الذكية قصة مماثلة حدثت في حياة صديق له متزوج يفكر بالتحول إلى عزوبي!.
الإشارة تعود للاخضرار، والسير ما يزال بطيئا، ولولا خشيتي من الإتيان على سيرة البطء، لسألته عن حاله، فربما لا يكون البطء مرتبطا بالموت، وربما في الرحيل تسريع واختصار للمسافات.
حقيقة أني اشتقت له، وكدت أن أبوح له بمشاعري، ولكني خشيت أن يحزن؛ لا أدري على حاله أو حالنا!.
تذكرت أني لا يمكن أن أتخيل حاله، كما أنه ببعده الميتافيزيقي لا يمكن أن يتخيل ما يحدث حولنا، حتى ولو حكينا له عن أدق التفاصيل.
هو السابق، ونحن اللاحقون إلى برزخ التقاء الأرواح.
الإشارة الخضراء تطلق سراحنا أخيرا، فأودع طيف صديقي، ببسمة ما زال يرسمها على محياي من برزخه، رحمك الله يا خالد.