الرأي

كان و «خيباتها»!

بدون عقال

عبدالرحمن حمد
لم أعرف في حياتي شخصا يستخدم (كان) مثله..

أحاديثه دائما عن الماضي وكأن المستقبل لا يعنيه..

تحدثه عن السياسة فيبدأ بـ(كان) في السياسة كذا وكذا..

وتتحدث عن الرياضة..

فيصدمك بـ(كان) الجيل السابق أفضل من الحالي..

ومن فرط التفاته للخلف..

فقد خرجت (كان) من لسانه وتفشت على لباسه..

لذا تراه وتشعر أنه من جيل سبعينات القرن العشرين..

ونحن في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين..

حتى عمله قاتل كي يكون موظفا في إدارة الوثائق..

معه تشعر أن الحياة تسير إلى الوراء..

لأن التفكير في المستقبل شبه معطل لديه..

في أحد الأيام حاولت أن أتفلسف معه وأعطيه درسا محسوسا..

أخذته إلى مقهى شعبي قديم وجلسنا جلسة (كانية) انطرب لها..

وغرد فيها (مكنكنا) بكل ما أوتي من كان..

خرجنا من هذا المقهى إلى مقهى حديث..

وهناك قلت له:

الحاضر هو الوقت الجديد الذي نعيشه..

مقهانا هذا هو الحاضر والمقهى السابق هو الماضي الذي لن يعود..

عندها تجهم وقال: (كان) خليتنا فيه..

تحملت رده المستفز وقلت له:

حياتك في القادم لا الفايت..

وعليك أن تفكر بمستقبلك..

قال: (كان) والدي «رحمه الله» يقول لي ذلك كثيرا..

قلت له: جميل..

لماذا لا تأخذ بمشورة والدك ومشورتي؟!..

وتبهجني بيوم تتطلع فيه للمستقبل..

وترحمني من استفزاز (كان) على لسانك..

قال: (كان) ودي.. لكن ما أحب التفكير في القادم لأني أجهله..

عندها انفجرت غضبا وقلت: أنت رفعت ضغطي..

ورد ببرود: (كان) علمتني إن معك ضغط..

قمت وخرجت من المقهى ولحق بي وهو يقول:

(كان) خليتنا نجلس شوي..

عندها أيقنت أن المتعلقين بالماضي يرون المستقبل عدوا..

يخنق أيامهم الماضية بسحبهم له..

قلت له: مع السلامة يـ (راكان)..

وكأنني أفطن للتو أن ثلاثة أخماس اسمه أيضا (كان)!

shibani500@makkahnp.com