الرأي

ادخلوها آمنين

تفاعل

تظلّ الآية الكريمة «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» شعارا معبرا عن واقع الحالة المصرية، بالرغم من المحاولات المستميتة لزعزعة هذه الصورة من قبل شياطين منتفعين بزوال هذه النعمة، حاقدين على استقرار أرض الكنانة.

في مصر وحدها: لا يشعر الزائر بالغربة، ولا يحس السائح بالوحدة، بل إن حقوق القادم إليها تتعاظم بفضل كرم أبنائها وطيبة قلوبهم، وكم من أجانب ومستشرقين زاروها مرّة فقرروا ألا يتركوها ثانية، فعاشوا في مدنها وطافوا بقراها ونجوعها، ومنهم من أخذ يطوف في البلاد يدون للأجيال معالمها ويسرد عادات أهلها وتقاليدهم الأصيلة.

وليس في ذلك مبالغة تذكر، أو حديثا يعاد؛ فالمستشرق الإنجليزي «إدوارد لين» غير اسمه إلى «منصور أفندي» ليعيش في أحيائها الشعبية حتى لا يسمع لفظ (خواجة)، والمجري «جولدسيهر» لم يجد راحته إلا في مسجد الإمام الشافعي كما يحكي في مذكراته، ومواطنه المستشرق «جرمانوس» يلوم أهل القاهرة على إهمال مسجد ابن الفارض، فيندفع المصريون للاستجابة لطلبه ويعمرون الجامع المهجور، والفرنسيان الراهب «بيترو أيون» وصديقه الفنان التشكيلي «فرانسوان جيو» يعشقان الصعيد فيقيمان فيه ويفتتحان في قرية بقنا ورشة لنجارة التحف، ويعلمان أهلها مبادئ الفن وأساليب النحت الحديثة حتى صارت «قريتهم» من أشهر المراكز العالمية في هذه الصناعة... وغيرهم الكثير والكثير!

مصر هي مصر، لا تتغير أخلاقها، ولا تتبدل طباعها. وما أكثر المحن التي مرّت بها، فما لان لها جانب لخصومها، ولا قسا قلبها على محبيها. ومن كانت له هذه الخصال لا يعدم الحسد ولا يأمن المبغضين!

غير أن المشرق في ظلمات الحسد والبغض هذه أن الأحبة كثر، وقد أثار القلب وداعب المحاجر تلك الدعوة النبيلة التي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي في خليجنا العربي لدعم مجال السياحة في مصر، من خلال تشجيع زيارتها، تحت شعار «أنا مع مصر»، وهي دعوة نبيلة، مضادة لدعوات خارجية مغرضة استثمرت حدثا إرهابيا دنيئا استهدف سمعة البلاد لأغراض سياسية واقتصادية. ومثل هذه الأحداث لا تخلو منها دولة في عالم اليوم المضطرب بالشرور والآثام!

وهي دعوة يعلي من قيمتها أنها دعوة أهلية شبابية، لا تحركها مصالح السياسة ولا مآرب الانتفاع، وهي دعوة في وقتها تماما لتثبت أن الأشقاء لا يتخلون عن بعضهم بعضا، وأنهم في الشدة كما هم في الرخاء.

وبما أن هؤلاء الأصدقاء رفعوا شعارهم «أنا مع مصر»، فإن مصر هي بدورها، ولا بد لها أن ترد التحية بأحسن منها، فاتحة ذراعيها وحضنها الدافئ لأبنائها وأبناء أشقائها في الخليج العربي بأسره قائلة للجميع «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»!