أبناؤنا.. في صلاحهم نفع للمجتمع وحفظ للأمن
السوق
الاحد / 4 / جمادى الآخرة / 1437 هـ - 21:15 - الاحد 13 مارس 2016 21:15
لقد امتن الله على عباده بنعمة الذرية، فرزقهم من أصلابهم بنين وحفدة، يشدّون بهم ظهورهم، ويحملون ذكرهم من بعدهم، ومع أن نعمة الذرية نعمة عظيمة، إلا أنها فتنة كبيرة، واختبار عسير، ومسؤولية ليست يسيرة، يقول الله تبارك وتعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم)، ذلك أن الأبناء أمانةٌ في أعناقِ الآباء والأمهات يُسألون عنها أمام الله، فكما أوصى الله الأبناء بالآباء برّاً وإحساناً وطاعةً وتأدباً، فإنه جلّ في عُلاه أوصى الآباء بالأبناء عدلاً وتربيةً وحُسن تنشئة.
يقول ابن عمر رضى الله عنهما: أدِّب ابنك فإنك مسؤول عنه يوم القيامة ماذا أدّبته وماذا علمته، وهو مسؤول عن برّك وطواعيته لك. ولعظم هذا الشأن في التربية والمسؤولية والرعاية، نرى أنبياء الله ورسله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريتهم الصلاح والهداية.
فعلى الوالد أن لا يحرم ولده فضل الدعاء له، وأن يمنحه كل دعوة صالحة تكون سبباً في هدايته واستقامته، ومن باب أولى ألّا يدعو على ولده فإن دعوته مستجابة كما قال عليه الصلاة والسلام (ثلاث دعواتٍ مستجاباتٍ لا شكّ فيهن: دعوة المظلوم، دعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده).
وكما كلف الله عز وجل الأبناء بضرورة برّ الآباء، وإعانتهم على ظروف الحياة المتقلبة لا سيما في الكبر، فإنه كذلك وضع مسؤولية التربية وإخراج جيل يتحرك بالإسلام قلباً وقالباً على الآباء، ومن قام مقامهم لا سيما في الصغر، وأي إهمال أو تفريط يقع من الآباء في هذا الشأن فهو جريمة يرتكبها الأب أو الأم في حق أولادهما، بل وفي حق المجتمع كله، ذلك المجتمع الذي أنشأنا الله واستعمرنا في الأرض من أجل إعماره وإصلاحه بما يتوافق مع القوانين الإلهية، وأي خلل مهما كان بسيطاً من شأنه أن يعطّل مسيرة الإعمار والإصلاح في الأرض.
وعلّنا ونحن نشاهد اليوم تلك النماذج الغرّة التي انفلتت من عقالها بعدما أُهمِلت أو تواكلت أُسرُها أو مُربّوها في تربيتهم وتنشئتهم نشأة صالحة، فصاروا صيداً سهلاً للفئة الضالة، يحركونهم كما يشاؤون ويفجرونهم أينما يريدون، لأن أُسرهم لم تحصنهم كما ينبغي، وانشغلت عنهم وأهملت الأمانة. وعندها قد نسمع من الآباء والأسر من يعلنون بعد خراب مالطة أنهم بريئون من هؤلاء الأبناء، وربما يُخْلُون بهذا النكران مسؤوليتهم أمام الدولة، ولكن ماذا سيقولون لخالقهم يوم لُقَاه!!
ولا شك أن مهمة التربية - فضلاً عن كونها مهمة فردية - فهي مهمة مجتمعية من الطراز الأول حيث إن فساد المجتمع مرتبط بشكل أساسي بفساد أفراده (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
وفي الزمن السابق القريب، كان الأب بحكم متطلبات الحياة وقسوتها، وقلة مواردها، يضرب في الأرض بحثاً عن الرزق، وتوفيراً لمتطلبات أسرته، ومع هذا شبّت أجيال ذلك الزمن أمينة مخلصة وفية، بل وساعدت في كثير من الأوقات والأزمات راعي الأسرة في أداء مهامه وواجباته بالعمل معه أو بالحفاظ على قيمها وأخلاقها، فقد كان المجتمع كله، بدءا من الأهل، والجيران، وأهالي الحارة أو الحي، يتكاتفون في ذلك الأمر، وكانت المدرسة والمدرس عاملاً هاماً من عوامل التنشئة الصالحة لأبناء تلك الأجيال، لدرجة أن هيبة المدرس كانت تعادل أو تزيد على هيبة الأب أو العم أو الخال، فظلت العناية وبقي الاهتمام والرعاية تحيط بالأبناء من كل جانب.. أما اليوم فإن ما يحيط بمعظمهم، خادمة أجنبية، أو وسيلة تواصل اجتماعية، أو أدوات الكترونية دون مراقبة أو متابعة عائلية.
وأقل وصف لهذا الذي يحدث، هو تفريط في الواجب وتضييع للأمانة. إن بعض الآباء يؤدي حقوق الأبناء من مطعم وملبس ومسكن، ويَغفل عمّا هو أهم من ذلك وأعظم، ألا وهو تأديبهم وتربيتهم، وقد رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما نَحَلَ والدٌ ولداً من نِحَلٍ أفضل من أدب حسن) رواه الترمذي. والمعنى: أن أفضل ما يهب الوالد لولده حُسن الأدب، ولا شك أن هذا خيرٌ من صنوف الأموال والهبات.
صلاحُ الأبناء أول ما يكون عزيزي الأب، وعزيزتي الأم، وعزيزي المربي والمربية، بعد توفيق الله وهدايته، يكون من حركاتك وسكناتك، يكون من الأقوال والأفعال، صلاحهم أول ما يكون هو القدوة الصالحة، إن رآك ولدك تخاف الله خافه، وإن رآك تحب رسول الله أحبه، إذا لا ينفع التوجيه بالقول مع مخالفة الفعل.
ويقول الإمام الغزالي – رحمه الله: «الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش ومائل إلى كل ما يُمالُ إليه، فإن عُوِّد الخير نشأ عليه، وإن عُوِّد الشر شقى وهلك، وكان الوزر في رقبة القيّم عليه.
وروى الجاحظ أن عقبة بن أبي سفيان قال لمعلم ولده «ليكن أول ما تبدأ به إصلاح بنيّ إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، وعلّمهم سيرة الحكماء وأخلاق الأدباء، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء».
لقد كان معلمنا الأعظم ورسولنا الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، على كثرة مشاغله، وتنوع مسؤولياته، يُردف معه صغار الصحابة ويُكثر من توصيتهم، فقد أردف ابن العباس رضى الله عنه وقال له: (يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء قد كتبه الله لك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف).
أيها الآباء والأمهات الأعزاء.. وجّهوا أبناءكم بالرفق واللين قبل الشدة، وبالقدوة والعمل قبل القول، وبالرحمة قبل العنف، تحببوا إليهم ليقبلوا منكم، استخدموا وسائل التربية النبوية، علّموهم بالقصة والحوار والوعظ والترغيب ثم الترهيب، اعدلوا بينهم وليكن هدفكم إصلاحهم وتعبيدهم لخالقهم، وتهذيب أخلاقهم وتعليمهم وتأهيلهم لما يصلحهم في الدنيا والأخرة، وظفوا وسائل الترفيه لإصلاحهم، وجنبوهم كل ما يفسدهم، لا تهملوا أوقات فراغهم، أبعدوهم عن أصحاب السوء، وجنبوهم الخلافات العائلية، لا تسرفوا في إنفاق الأموال عليهم، ولا تمنعوهم ما يحتاجون إليه.
أنتم أصحاب المسؤولية الأولى في تربية الأطفال وتنشئتهم على الفطرة، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، حديث ليس فيه ذكر للإسلام، لأن الإسلام هو الأصل وهو الفطرة، وعمل الآباء أو المربين إنما ينحصر في الحفاظ على هذه الفطرة سليمة نقية، ومن ثم صقلها وتفجير طاقات الخير، وينابيع الإبداع في أعماقهم.
أعلم أن الهداية ليست بأيدينا، وإنما الذي بأيدينا الإرشاد والنصح والرعاية والمتابعة، أما الهادي فهو الله وهذا سرّ من أسرار الحياة، والله سبحانه وتعالى لم يطلب من أنبيائه الكرام عليهم السلام أكثر من هذا. فلا نوح عليه السلام استطاع أن يهدي ولده، ولا أبو الأنبياء الخليل عليه السلام استطاع ذلك لأبيه، ولا لوط عليه السلام لزوجته، ولا الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام لعمه. وقال له ربه تبارك وتعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)، ونحن مهما أتقنّا النصح وبذلنا الجهد، يبقى الله وحده هو مالك القلوب، وما نحن إلا مجرد أسباب شرعها الله وأمرنا بالحفاظ على الأمانة والمضي قدماً في الرعاية، ليس من أجلهم فقط، ولكن حتى من أجل أنفسنا.
يقول الحبيب صلى الله عليه وعلى آله: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، حقاً إن في صلاح الأبناء والذرية نفعٌ للمجتمع وحفظ للأمن وصلاحٌ للأمة.
يقول ابن عمر رضى الله عنهما: أدِّب ابنك فإنك مسؤول عنه يوم القيامة ماذا أدّبته وماذا علمته، وهو مسؤول عن برّك وطواعيته لك. ولعظم هذا الشأن في التربية والمسؤولية والرعاية، نرى أنبياء الله ورسله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريتهم الصلاح والهداية.
فعلى الوالد أن لا يحرم ولده فضل الدعاء له، وأن يمنحه كل دعوة صالحة تكون سبباً في هدايته واستقامته، ومن باب أولى ألّا يدعو على ولده فإن دعوته مستجابة كما قال عليه الصلاة والسلام (ثلاث دعواتٍ مستجاباتٍ لا شكّ فيهن: دعوة المظلوم، دعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده).
وكما كلف الله عز وجل الأبناء بضرورة برّ الآباء، وإعانتهم على ظروف الحياة المتقلبة لا سيما في الكبر، فإنه كذلك وضع مسؤولية التربية وإخراج جيل يتحرك بالإسلام قلباً وقالباً على الآباء، ومن قام مقامهم لا سيما في الصغر، وأي إهمال أو تفريط يقع من الآباء في هذا الشأن فهو جريمة يرتكبها الأب أو الأم في حق أولادهما، بل وفي حق المجتمع كله، ذلك المجتمع الذي أنشأنا الله واستعمرنا في الأرض من أجل إعماره وإصلاحه بما يتوافق مع القوانين الإلهية، وأي خلل مهما كان بسيطاً من شأنه أن يعطّل مسيرة الإعمار والإصلاح في الأرض.
وعلّنا ونحن نشاهد اليوم تلك النماذج الغرّة التي انفلتت من عقالها بعدما أُهمِلت أو تواكلت أُسرُها أو مُربّوها في تربيتهم وتنشئتهم نشأة صالحة، فصاروا صيداً سهلاً للفئة الضالة، يحركونهم كما يشاؤون ويفجرونهم أينما يريدون، لأن أُسرهم لم تحصنهم كما ينبغي، وانشغلت عنهم وأهملت الأمانة. وعندها قد نسمع من الآباء والأسر من يعلنون بعد خراب مالطة أنهم بريئون من هؤلاء الأبناء، وربما يُخْلُون بهذا النكران مسؤوليتهم أمام الدولة، ولكن ماذا سيقولون لخالقهم يوم لُقَاه!!
ولا شك أن مهمة التربية - فضلاً عن كونها مهمة فردية - فهي مهمة مجتمعية من الطراز الأول حيث إن فساد المجتمع مرتبط بشكل أساسي بفساد أفراده (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
وفي الزمن السابق القريب، كان الأب بحكم متطلبات الحياة وقسوتها، وقلة مواردها، يضرب في الأرض بحثاً عن الرزق، وتوفيراً لمتطلبات أسرته، ومع هذا شبّت أجيال ذلك الزمن أمينة مخلصة وفية، بل وساعدت في كثير من الأوقات والأزمات راعي الأسرة في أداء مهامه وواجباته بالعمل معه أو بالحفاظ على قيمها وأخلاقها، فقد كان المجتمع كله، بدءا من الأهل، والجيران، وأهالي الحارة أو الحي، يتكاتفون في ذلك الأمر، وكانت المدرسة والمدرس عاملاً هاماً من عوامل التنشئة الصالحة لأبناء تلك الأجيال، لدرجة أن هيبة المدرس كانت تعادل أو تزيد على هيبة الأب أو العم أو الخال، فظلت العناية وبقي الاهتمام والرعاية تحيط بالأبناء من كل جانب.. أما اليوم فإن ما يحيط بمعظمهم، خادمة أجنبية، أو وسيلة تواصل اجتماعية، أو أدوات الكترونية دون مراقبة أو متابعة عائلية.
وأقل وصف لهذا الذي يحدث، هو تفريط في الواجب وتضييع للأمانة. إن بعض الآباء يؤدي حقوق الأبناء من مطعم وملبس ومسكن، ويَغفل عمّا هو أهم من ذلك وأعظم، ألا وهو تأديبهم وتربيتهم، وقد رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما نَحَلَ والدٌ ولداً من نِحَلٍ أفضل من أدب حسن) رواه الترمذي. والمعنى: أن أفضل ما يهب الوالد لولده حُسن الأدب، ولا شك أن هذا خيرٌ من صنوف الأموال والهبات.
صلاحُ الأبناء أول ما يكون عزيزي الأب، وعزيزتي الأم، وعزيزي المربي والمربية، بعد توفيق الله وهدايته، يكون من حركاتك وسكناتك، يكون من الأقوال والأفعال، صلاحهم أول ما يكون هو القدوة الصالحة، إن رآك ولدك تخاف الله خافه، وإن رآك تحب رسول الله أحبه، إذا لا ينفع التوجيه بالقول مع مخالفة الفعل.
ويقول الإمام الغزالي – رحمه الله: «الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش ومائل إلى كل ما يُمالُ إليه، فإن عُوِّد الخير نشأ عليه، وإن عُوِّد الشر شقى وهلك، وكان الوزر في رقبة القيّم عليه.
وروى الجاحظ أن عقبة بن أبي سفيان قال لمعلم ولده «ليكن أول ما تبدأ به إصلاح بنيّ إصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، وعلّمهم سيرة الحكماء وأخلاق الأدباء، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء».
لقد كان معلمنا الأعظم ورسولنا الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، على كثرة مشاغله، وتنوع مسؤولياته، يُردف معه صغار الصحابة ويُكثر من توصيتهم، فقد أردف ابن العباس رضى الله عنه وقال له: (يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء قد كتبه الله لك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف).
أيها الآباء والأمهات الأعزاء.. وجّهوا أبناءكم بالرفق واللين قبل الشدة، وبالقدوة والعمل قبل القول، وبالرحمة قبل العنف، تحببوا إليهم ليقبلوا منكم، استخدموا وسائل التربية النبوية، علّموهم بالقصة والحوار والوعظ والترغيب ثم الترهيب، اعدلوا بينهم وليكن هدفكم إصلاحهم وتعبيدهم لخالقهم، وتهذيب أخلاقهم وتعليمهم وتأهيلهم لما يصلحهم في الدنيا والأخرة، وظفوا وسائل الترفيه لإصلاحهم، وجنبوهم كل ما يفسدهم، لا تهملوا أوقات فراغهم، أبعدوهم عن أصحاب السوء، وجنبوهم الخلافات العائلية، لا تسرفوا في إنفاق الأموال عليهم، ولا تمنعوهم ما يحتاجون إليه.
أنتم أصحاب المسؤولية الأولى في تربية الأطفال وتنشئتهم على الفطرة، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، حديث ليس فيه ذكر للإسلام، لأن الإسلام هو الأصل وهو الفطرة، وعمل الآباء أو المربين إنما ينحصر في الحفاظ على هذه الفطرة سليمة نقية، ومن ثم صقلها وتفجير طاقات الخير، وينابيع الإبداع في أعماقهم.
أعلم أن الهداية ليست بأيدينا، وإنما الذي بأيدينا الإرشاد والنصح والرعاية والمتابعة، أما الهادي فهو الله وهذا سرّ من أسرار الحياة، والله سبحانه وتعالى لم يطلب من أنبيائه الكرام عليهم السلام أكثر من هذا. فلا نوح عليه السلام استطاع أن يهدي ولده، ولا أبو الأنبياء الخليل عليه السلام استطاع ذلك لأبيه، ولا لوط عليه السلام لزوجته، ولا الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام لعمه. وقال له ربه تبارك وتعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)، ونحن مهما أتقنّا النصح وبذلنا الجهد، يبقى الله وحده هو مالك القلوب، وما نحن إلا مجرد أسباب شرعها الله وأمرنا بالحفاظ على الأمانة والمضي قدماً في الرعاية، ليس من أجلهم فقط، ولكن حتى من أجل أنفسنا.
يقول الحبيب صلى الله عليه وعلى آله: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، حقاً إن في صلاح الأبناء والذرية نفعٌ للمجتمع وحفظ للأمن وصلاحٌ للأمة.