مدينة جدة وحركة الحداثة
الجمعة / 24 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 20:30 - الجمعة 4 مارس 2016 20:30
اتفق لي، وأنا أطالع برنامج منتدى قراءة النص لعام 1437هـ، الذي دأب نادي جدة الأدبي على إقامته كل عام أن أتأمل ذلك العقد الفريد في تاريخنا الثقافي (1400-1410هـ). كان عقدا فريدا في كل شيء، مهما شهدت سنواته العشر من حوادث ألقت بأثرها على واقعنا الأدبي والثقافي، بل على حياة الناس.
كان الناس قد ودعوا آخر رمق من القرن الرابع عشر الهجري، وجعلوا يستعدون للاحتفال بمقدم القرن الخامس عشر الهجري. شيعوا الرقم (1300) بقدر كبير من الحنين، وأخذوا أنفسهم بترداد الرقم (1400)، وأحسب أن السعوديين، وبخاصة من أدرك ذلك الزمن، لن ينسى أحد منهم عام 1400هـ، ذلك العام الذي ودع قرنا واستقبل قرنا، وكان من اتفاقات التاريخ الغريبة أن هذا العام البرزخ شهد أعنف صدمة عرفها المسلمون، والسعوديون خاصة، حين احتل جهيمان وزمرته الباغية الحرم المكي الشريف، فأدركوا، من فورهم، أنه قد أظلَّتهم حقبة جديدة من التفكير في الدين وفي الحياة، لا نزال إلى يوم الناس هذا نحس وطأتها ونشكو ثقلها.
قبل أن يختم القرن الرابع عشر الهجري سنواته، وقبل أن يبدأ عدَّاد القرن الهجري الجديد الخامس عشر، توفى الله عرَّاب الأدب الحديث والفكر الجديد في المملكة العربية السعودية، الشاعر والناقد والمفكر الثائر محمد حسن عواد (1320-1400هـ)، وكأني به حين ارتفعت روحه إلى بارئها، كان قد استبدَّ به الهلع والفزع على وديعته التي تركها تراثًا لأبناء بلاده، بعد أن شهدت بلادنا فاجعة احتلال الحرم المكي الشريف.
لم أكن لأبحث، في يوم ما، عن روح استكنَّ في مدينة جدة، مدينة محمد حسن عواد – يجعلها حاضنة الدعوة إلى التنوير والحداثة والثقافة الجديدة في المملكة، وربما عاد شيء من ذلك إلى شدة لصوقي بهذه المدينة، حتى لكأنما لا يعنيها الفكر والأدب، دع عنك أن تُعْنَى بالتجديد والثورة الفكرية والحداثة!
لكنني في تلك اللحظة أخذت أستعيد طرفا من تاريخنا الثقافي، مما له صلة بدعاوى الحداثة والتجديد، التي لم ينقطع أثرها في كل تلك العقود التي قطعتها هذه البلاد منذ تأسيسها، وراعني أن مدينة جدة كانت عرَّابة الحداثة والتنوير في المملكة، وربما في الجزيرة العربية كلها، واكتفيت من تأملي هذا بأمثلة يسيرة دالة، عن مقدار ما لهذه المدينة الاقتصادية من سهم في دفْع حياتنا الثقافية والأدبية إلى الجديد، بل إلى أقصى ما يحتمله الجديد من عنف عنيف وثورة ثائرة، فرائد التجديد في الشعر والفكر محمد حسن عواد، هو ابن حارة قديمة من حارات جدة، والنادي الذي أخذ يدعو إلى التجديد والحداثة هو نادي جدة الأدبي، ومن منبر هذا النادي دعا عبدالله الغذامي وسعيد السريحي إلى اتِّخاذ النقد الحداثي منهجا في النقد، وسطع نجم عبدالله الغذامي، حين نشر، في جدة، كتابه «الخطيئة والتكفير»، عام 1405هـ، وحين أهل عام 1407هـ نشر محمد الثبيتي في ناديها ديوانه «التضاريس» ذلك الديوان الذي عُدَّ «أيقونة» شعر الحداثة، وكان هذا العام هو عام صعود الحداثة، كما كان عام هبوطها وتبدُّدها!
ولن يكتمل هذا الحديث عن جدة وحركة الحداثة إلا بتكملة محلُّها مقال الأسبوع القادم بحول الله.
كان الناس قد ودعوا آخر رمق من القرن الرابع عشر الهجري، وجعلوا يستعدون للاحتفال بمقدم القرن الخامس عشر الهجري. شيعوا الرقم (1300) بقدر كبير من الحنين، وأخذوا أنفسهم بترداد الرقم (1400)، وأحسب أن السعوديين، وبخاصة من أدرك ذلك الزمن، لن ينسى أحد منهم عام 1400هـ، ذلك العام الذي ودع قرنا واستقبل قرنا، وكان من اتفاقات التاريخ الغريبة أن هذا العام البرزخ شهد أعنف صدمة عرفها المسلمون، والسعوديون خاصة، حين احتل جهيمان وزمرته الباغية الحرم المكي الشريف، فأدركوا، من فورهم، أنه قد أظلَّتهم حقبة جديدة من التفكير في الدين وفي الحياة، لا نزال إلى يوم الناس هذا نحس وطأتها ونشكو ثقلها.
قبل أن يختم القرن الرابع عشر الهجري سنواته، وقبل أن يبدأ عدَّاد القرن الهجري الجديد الخامس عشر، توفى الله عرَّاب الأدب الحديث والفكر الجديد في المملكة العربية السعودية، الشاعر والناقد والمفكر الثائر محمد حسن عواد (1320-1400هـ)، وكأني به حين ارتفعت روحه إلى بارئها، كان قد استبدَّ به الهلع والفزع على وديعته التي تركها تراثًا لأبناء بلاده، بعد أن شهدت بلادنا فاجعة احتلال الحرم المكي الشريف.
لم أكن لأبحث، في يوم ما، عن روح استكنَّ في مدينة جدة، مدينة محمد حسن عواد – يجعلها حاضنة الدعوة إلى التنوير والحداثة والثقافة الجديدة في المملكة، وربما عاد شيء من ذلك إلى شدة لصوقي بهذه المدينة، حتى لكأنما لا يعنيها الفكر والأدب، دع عنك أن تُعْنَى بالتجديد والثورة الفكرية والحداثة!
لكنني في تلك اللحظة أخذت أستعيد طرفا من تاريخنا الثقافي، مما له صلة بدعاوى الحداثة والتجديد، التي لم ينقطع أثرها في كل تلك العقود التي قطعتها هذه البلاد منذ تأسيسها، وراعني أن مدينة جدة كانت عرَّابة الحداثة والتنوير في المملكة، وربما في الجزيرة العربية كلها، واكتفيت من تأملي هذا بأمثلة يسيرة دالة، عن مقدار ما لهذه المدينة الاقتصادية من سهم في دفْع حياتنا الثقافية والأدبية إلى الجديد، بل إلى أقصى ما يحتمله الجديد من عنف عنيف وثورة ثائرة، فرائد التجديد في الشعر والفكر محمد حسن عواد، هو ابن حارة قديمة من حارات جدة، والنادي الذي أخذ يدعو إلى التجديد والحداثة هو نادي جدة الأدبي، ومن منبر هذا النادي دعا عبدالله الغذامي وسعيد السريحي إلى اتِّخاذ النقد الحداثي منهجا في النقد، وسطع نجم عبدالله الغذامي، حين نشر، في جدة، كتابه «الخطيئة والتكفير»، عام 1405هـ، وحين أهل عام 1407هـ نشر محمد الثبيتي في ناديها ديوانه «التضاريس» ذلك الديوان الذي عُدَّ «أيقونة» شعر الحداثة، وكان هذا العام هو عام صعود الحداثة، كما كان عام هبوطها وتبدُّدها!
ولن يكتمل هذا الحديث عن جدة وحركة الحداثة إلا بتكملة محلُّها مقال الأسبوع القادم بحول الله.