الرأي

بين النص وفهم النص.. ما هو المقدس؟

تفاعل

عند النظر في الثقافة الإسلامية بمختلف مواضيعها لدينا في مجتمعنا تبين أنه يعاني من مشكلة الخلط في فهم ماهية المقدس في الإسلام. ويتضح ذلك جليا عندما تستطرد في النقاش مع أحد الذين يعانون من هذا الخلط -وهم نسبة ليست قليلة- في أي مسألة لها أبعاد خلافية بين العلماء.

ولا ريب أن ذلك ناتج عن خلل في نظرة الفرد وتصوراته تجاه النصوص المقدسة (القرآن والسنة النبوية) وتجاه (فهم) شخص ما لتلك النصوص.

فتجده يضع كل شيء في منزلة القدسية، فالقرآن الكريم مقدس والسنة النبوية مقدسة وفهم فلان من الناس -شيخا أو داعية- لتلك النصوص هو (فهمٌ مقدس). وبذلك ينتهج منهجا خاطئا ويبدأ رحلة طويلة في اكتساب العديد من المقدسات الفكرية التي لا مشروعية لقدسيتها إلا وفق منظوره الخاطئ.

وهذه علة من عللنا المجتمعية، فالشخص غالبا نشأ واشتد عظمه وبلغ من الكبر عتيا وهو لا يستوعب أن هناك فرقا بين أمرين متلازمين دائما هما الدين بنصوصه المقدسة الثابتة -القرآن والسنة النبوية- والفهم البشري لهذه النصوص المقدسة.

فالنص مقدس في ذاته لأنه من عند الله، أما فهم فلان أو فلان لهذا النص فلا يتجاوز كونه اجتهاده البشري في فهم هذا النص الإلهي المقدس، وليس فهمه وحيا يجرم من يحاول الاختلاف معه -وفق أسس علمية سوية- وما اختلافاتنا التي علت أصواتها إلا نتيجة قصور فهم أحد الفريقين عن هذه المسألة. فأحدهم يدافع عن فهم فلان للنص لأنه يعتقد أنه حقيقة مطلقة لا يحق لك حتى أن تسائله عنها.!

قد يكون الأمر مبتذلا بالنسبة لقارئ يعي الفكرة تماما، لكن الأمر حساس بالنسبة لكثير من أفراد المجتمع نتيجة لطريقة التعليم بالحشو المستمر على مر السنين بالمفاهيم بعيدا عن فهمها وتحليلها.

أخبروا الجيل القادم عندما تعلمونهم أن التفكير خارج الفهم السائد مشروع، ولكن (وفق أسس علمية سوية صحيحة).