الحرب التي لا ينتصر فيها أحد
الثلاثاء / 21 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 21:00 - الثلاثاء 1 مارس 2016 21:00
كل يبحث عن السلام والأمن والاطمئنان، ولن تجد من يريد أن يعيش في الخوف ولا الحرب والاضطراب، وقد تحدث العلماء والفلاسفة والمؤرخون عن فضيلة السلام وحاجة الناس إليه، وتحدثوا عن ويلات الحرب وقسوتها واستعاذوا بالله منها في كل الأوقات وفي كل الحقب، ومع ذلك فالسلام بين الناس لا يدوم طويلا رغم حاجتهم إليه، ولا تستمر أيامه حين تأتي أسباب الحرب أقوى من مطالب السلام، وتصبح لا محيص منها مع أن كلا يطلب السلام ويكره الحرب، ولأن الاختلاف طبيعة البشر وناموس الكون فإن الحرب في بعض الأحوال هي السبيل إلى الأمن، وللحرب أيام ومواسم تقوى بها وتنشط الدعوة إليها وتصبح في نظر البعض ضرورة وحتمية، وخاصة لمن يخوضها مكرها لا بطل كما يقولون.
وما دمنا نتحدث عن الحرب وما تجره من أنواع الفتن فإننا لا نعني بالحرب المصطلح المعهود بين الناس حين تقوم دولة ما بشن حرب ضروس على دولة أخرى، ولا أن تقوم أمة بحرب مع أمة أخرى، صحيح أن الحرب أخذت مفهوما خاصا هو هذا الذي ذكرته وهو الشائع عندما نقول الحرب ونعني هذا المعنى، لكن الحرب ليست فقط هذه التي نعرف، بل هناك حروب كثيرة ليست بين دولة ودولة ولا أمة وأمة، لأن حروب الدول وحروب الأمم لها أهداف وغايات لذلك لا يطول أمدها، وإذا انتهت غاياتها وتحقق المراد منها وانتصرت إحدى الدولتين على الأخرى صار الحق والصواب والعدل وكل الفضائل من نصيب المنتصر، ومن نصيب المهزوم كل سيئات الحرب وآلامها وآثامها وأخطائها، وعندما تنتهي، لا ينتهي الحديث عنها وعن انتصارات وعبقريات القادة المنتصرين ومكاسبهم وفضائل أعمالهم، وعلى أي حال ينسى حتى المهزومون هزائمهم وينطوون على أوجاعهم.
وغير حرب الدول هناك حروب كثيرة منها حروب الأفراد بينهم وحروب الجماعات، وحروب المصالح التي هي في الواقع أساس كل الحروب، وهي سببها الحقيقي وما غير ذلك فهي أعراض لا تنتهي بالانتصار ولا تصل إلى غاية الهزيمة.
أما الحرب التي لا ينتصر فيها أحد و ليس لها أمد تنتهي عنده فهي حروب المذاهب والطوائف والأديان، وهي أطول الحروب في التاريخ و أخطرها وأقبحها على مر الأيام في كل العصور وفي كل الأمم التي تعيش على الأرض.
ومن سوء الحظ أننا أدركنا زمن هذه الحرب البغيضة التي يشعلها الأشقياء في عرض البلاد العربية وطولها وتتسع أيامها ويزيد شقاء الناس بها، وقد استعمل الكثير منهم سلاحها التقليدي المعهود، وهو أخطر الأسلحة وأكثرها فتكا بالبشر وأقساها على الناس، ذلك السلاح هو الكراهية والتفرقة بين أهل الوطن الواحد، حتى يصبح القتل على الهوية وعلى المبادئ نتيجة من نتائجها ويملأ قادتها ودعاتها والمطبلون صدور السذج والمغفلين وضعاف العقول من الأتباع بالبغضاء.
ومن سلاحها الكذب على الناس والفجور في الخصومة، والبعد عن العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، وأهم ما تجيده حروب الطوائف وتحسنه وتنجح فيه جماعات الفتن هو سلاح التفرقة التي تستهدف أسس الروابط الإنسانية وتفتك بها وتدمر قيم المرؤوة وتزيل الرحمة من قلوب من يحطب بحبلها من عامة الناس وخاصتهم، وتمحو العطف من الضمائر فلا يردعها ضمير ولا ترعوي لدين.
والمذهبية القاتلة التي تشتعل في البلاد العربية منذ سنوات ليست دفاعا عن الدين ولكنها في حقيقتها خروج صارخ على قيمه ومبادئه وتعاليمه وأهدافه ومسخ مقيت لكل ما أمرت به الشرائع، واتفقت عليه البشرية وأخطر ما فيها وكل ما فيها خطير، أنها باسم المذهب الذي تنتصر له أو الدين الذي تتبعه تخالف تعاليم المذاهب والأديان وتهدم الأخلاق الفاضلة، وتلغي المشترك بين الناس من التعايش والانتفاع كما أراد الله أن تكون الأديان منقذا للبشر برفقها وتسامح تعاليمها يحولها دعاة الطائفية إلى بغي وقتل وأحقاد تأكل الأخضر واليابس.
ويبقى الحل والأمل في مستقبل أفضل لنا وللإنسانية ولقيمة الحياة هو القضاء على مصادر التوتر ومنع الخطاب التحريضي الذي يشنه بعض المتزمتين وما زالت أصداء خطابهم قوية وله أتباعه من الشباب وأصحاب الأغراض التي تستفيد من أمواج الفوضى واستمرارها.
marzooq.t@makkahnp.com
وما دمنا نتحدث عن الحرب وما تجره من أنواع الفتن فإننا لا نعني بالحرب المصطلح المعهود بين الناس حين تقوم دولة ما بشن حرب ضروس على دولة أخرى، ولا أن تقوم أمة بحرب مع أمة أخرى، صحيح أن الحرب أخذت مفهوما خاصا هو هذا الذي ذكرته وهو الشائع عندما نقول الحرب ونعني هذا المعنى، لكن الحرب ليست فقط هذه التي نعرف، بل هناك حروب كثيرة ليست بين دولة ودولة ولا أمة وأمة، لأن حروب الدول وحروب الأمم لها أهداف وغايات لذلك لا يطول أمدها، وإذا انتهت غاياتها وتحقق المراد منها وانتصرت إحدى الدولتين على الأخرى صار الحق والصواب والعدل وكل الفضائل من نصيب المنتصر، ومن نصيب المهزوم كل سيئات الحرب وآلامها وآثامها وأخطائها، وعندما تنتهي، لا ينتهي الحديث عنها وعن انتصارات وعبقريات القادة المنتصرين ومكاسبهم وفضائل أعمالهم، وعلى أي حال ينسى حتى المهزومون هزائمهم وينطوون على أوجاعهم.
وغير حرب الدول هناك حروب كثيرة منها حروب الأفراد بينهم وحروب الجماعات، وحروب المصالح التي هي في الواقع أساس كل الحروب، وهي سببها الحقيقي وما غير ذلك فهي أعراض لا تنتهي بالانتصار ولا تصل إلى غاية الهزيمة.
أما الحرب التي لا ينتصر فيها أحد و ليس لها أمد تنتهي عنده فهي حروب المذاهب والطوائف والأديان، وهي أطول الحروب في التاريخ و أخطرها وأقبحها على مر الأيام في كل العصور وفي كل الأمم التي تعيش على الأرض.
ومن سوء الحظ أننا أدركنا زمن هذه الحرب البغيضة التي يشعلها الأشقياء في عرض البلاد العربية وطولها وتتسع أيامها ويزيد شقاء الناس بها، وقد استعمل الكثير منهم سلاحها التقليدي المعهود، وهو أخطر الأسلحة وأكثرها فتكا بالبشر وأقساها على الناس، ذلك السلاح هو الكراهية والتفرقة بين أهل الوطن الواحد، حتى يصبح القتل على الهوية وعلى المبادئ نتيجة من نتائجها ويملأ قادتها ودعاتها والمطبلون صدور السذج والمغفلين وضعاف العقول من الأتباع بالبغضاء.
ومن سلاحها الكذب على الناس والفجور في الخصومة، والبعد عن العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، وأهم ما تجيده حروب الطوائف وتحسنه وتنجح فيه جماعات الفتن هو سلاح التفرقة التي تستهدف أسس الروابط الإنسانية وتفتك بها وتدمر قيم المرؤوة وتزيل الرحمة من قلوب من يحطب بحبلها من عامة الناس وخاصتهم، وتمحو العطف من الضمائر فلا يردعها ضمير ولا ترعوي لدين.
والمذهبية القاتلة التي تشتعل في البلاد العربية منذ سنوات ليست دفاعا عن الدين ولكنها في حقيقتها خروج صارخ على قيمه ومبادئه وتعاليمه وأهدافه ومسخ مقيت لكل ما أمرت به الشرائع، واتفقت عليه البشرية وأخطر ما فيها وكل ما فيها خطير، أنها باسم المذهب الذي تنتصر له أو الدين الذي تتبعه تخالف تعاليم المذاهب والأديان وتهدم الأخلاق الفاضلة، وتلغي المشترك بين الناس من التعايش والانتفاع كما أراد الله أن تكون الأديان منقذا للبشر برفقها وتسامح تعاليمها يحولها دعاة الطائفية إلى بغي وقتل وأحقاد تأكل الأخضر واليابس.
ويبقى الحل والأمل في مستقبل أفضل لنا وللإنسانية ولقيمة الحياة هو القضاء على مصادر التوتر ومنع الخطاب التحريضي الذي يشنه بعض المتزمتين وما زالت أصداء خطابهم قوية وله أتباعه من الشباب وأصحاب الأغراض التي تستفيد من أمواج الفوضى واستمرارها.
marzooq.t@makkahnp.com