الرأي

أبومدين الرائد المتجدد

حين أنشأ الأستاذ عبدالفتاح أبومدين جريدة الأضواء (1957)، هل كان يتنبأ بأن (الأضواء) التي وجهها للقراء حينها، ستتجه منهم إليه كما يحدث هذا المساء، اعترافا بجهده، وتقديرا لفضله، واحتفاء بمنجزه الثقافي.

حين أسس جريدة الرائد (1959)، هل كان أبومدين يقرأ التاريخ المستقبلي؟ ويتوقع أن «الرائد» وصف أصبح ينطبق عليه بكل جدارة واستحقاق.

وإذا كان نادي جدة الأدبي الثقافي يحتفي الليلة، مشكورا، بأبي مدين، فإنه أراد التذكير والتأكيد على الدور الكبير الذي قام به أبومدين، على مدى ربع قرن من قيادته لهذا النادي. لقد نجح أبو مدين، ومعه فريق جاد، في تحويل النادي من مركز ثقافي محلي إلى إشعاع ثقافي عربي، وأصبح المثقفون والأكاديميون العرب يوجهون أنظارهم إليه، ويتابعون علاماته ونوافذه وجذوره، وإصداراته الأدبية، متابعة إيجابية فعالة.

حقق أبومدين هذا النجاح نظرا لما يتمتع به هذا الرجل من قدرة قيادية في مجالات ثقافية متعددة، تحركها بشكل أساس حالة القلق الثقافي التي يعيشها، وهو قلق إيجابي، بحيث تجده يسابق الزمن لإنجاز مختلف متميز، ساعده على ذلك تملكه لمهنية اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وتبنيه المقترحات الجادة المؤثرة، بحيث يبدو وكأنه صاحب الفكرة، من حيث المتابعة والحماسة والحرص على الإنجاز.

أبومدين صارم بأدب، حازم بلين، وفيّ بصدق، واثق بتجربة، يستشير كثيرا، ويعمل ضمن قناعاته التي تستشرف المستقبل.

أخيرا، حين نقرؤه عبر عناوين كتبه، سنجد أنه بدأ حياته من الصفر، وحفر بأظافره الصخر. عبر تلك الأيام، خاض الأمواج والأثباج. وفي معترك الحياة عاش أيامه في النادي وحياته بين الكلمات. قدم بعضا من حديث الحياة، ووضع علامات للذين ضل سعيهم.

عبدالفتاح أبومدين ليس واحدا فحسب، لكنه فرد في مجموعة، ولذا من الطبيعي أن أقول عنه هؤلاء عرفت! وستظل معرفة غير مكتملة. وأجزم أن التاريخ سيكتب عنه ألف صفحة وصفحة، ولن يبقى حديث الأمس، فحكاية الفتى مفتاح ستظل رواية ترددها أجيال المستقبل.

وإذا كان «حمزة شحاتة ظلمه عصره»، فهل أبومدين أنصفه عصره؟

* ألقيت بمناسبة تكريم عبدالفتاح أبومدين بملتقى قراءة النص بأدبي جدة