الرأي

مقاييس الأداء.. رفع الكفاءة وتكبيل الفساد

حنان المرحبي
تحدثت الأسبوع الماضي عن أهمية التفرقة بين المشكلات الناشئة عن الفساد والأخرى الناشئة عن الكفاءة، للوصول إلى تشخيص سليم وحلول ملائمة. وكنت قد أكدت على أنه ليس كل خطأ نتيجة للفساد، ولكن هناك مشكلات إدارية عديدة منها مثلا، تدني الكفاءة (efficiency).

اليوم أود الحديث عن أحد الحلول الإدارية الجوهرية لتحقيق الكفاءة داخل المنظمات (سواء كانت حكومية أو خاصة)، وتتضمن أنظمة مقاييس الأداء (performance measurement systems).

تبنى مقاييس الأداء على ضوء الأهداف والنتائج التي ترغب المنظمة في تحقيقها، وتعطي الإدارة أداة هامة لمتابعة ومعرفة مدى توافق العمل اليومي (أداء الموظفين) مع النتائج المخططة والأهداف الموضوعة مسبقا. والجدير بالذكر، أن التخطيط السليم يعد حجر أساس لأي منظمة تسعى إلى الاستمرارية، وأي تنظيم لا يسير وفقا لعمل مخطط ونتائج محددة مسبقا، قد يتحول إلى بيئة خصبة لانتشار الأخطاء وتدني الأداء وبالطبع تفشي الفساد.

وبعد التخطيط الجيد ووضوح النتائج المستهدفة، يمكن أن تلعب مقاييس الأداء دورها في جمع المعلومات (الرقمية وغير الرقمية) التي تستخدم لقياس مدى تقدم العمل اليومي مقارنة بالنتائج المستهدفة.

ولتصور طريقة عمل مقاييس الأداء، يمكن النظر إلى استراتيجية «تطوير» التي اعتمدتها وزارة التعليم لإصلاح التعليم العام. فقد حددت الاستراتيجية بوضوح الأهداف والنتائج التي تريد أن تصل إليها بشأن تطوير المدارس في خلال عدد من السنوات (2012-2019)، وذلك بعد دراسة مستفيضة غطت مشكلات المرحلة الحالية وتحديات المرحلة المقبلة.

ولم تغفل الاستراتيجية عن إدراج عدد من مقاييس الأداء التي تمكن المسؤولين من متابعة وقياس مستوى الإنجاز (النتائج الفعلية) مقارنة بما هو مخطط ضمن الاستراتيجية. على سبيل المثال، أحد أهداف الخطة هو تحسين أداء الطلاب في اللغة العربية وتوظيفها، والمقاييس التي أدرجتها للتأكد من تحقق ذلك الهدف تشمل: مستوى التحصيل الدراسي، معدل القراءة الحرة والقراءة للمتعة، اختبار القدرات في اللغة العربية، معدل الكتابة الإبداعية والتدوين، وترتيب المملكة في اختبارات بيرلز (PERILS).

وليس الهدف من تلك المقاييس هو دعم المسؤولين بالمعلومات حول مدى نجاح تطبيق الخطط فحسب، وإنما أيضا مساعدة الموظفين (إداريي المناطق والمعلمين) للتعرف على الأداء المتوقع منهم وفقا للاستراتيجية. بمعنى آخر، توفر تلك المقاييس قناة يدرك من خلالها المعلمين مهامهم، مسؤولياتهم، ومدى تقدم إنجازهم مقارنة مع ما هو متوقع منهم وفقا لـ»تطوير» وذلك عبر تقييمات وتقارير الأداء التي يستلمونها دوريا. فمستوى تحصيل الطلاب الدراسي ونتائجهم في اختبارات القدرات يوفران للمعلمين بعض الأدوات التي تمكنهم من معرفة جوانب القصور في الأداء كي يعملوا على تحسينها مستقبلا.

إن تحقق التكامل بين الخطط وبين الإنجاز الفعلي (اليومي) هو أحد أهم الوسائل التي يتم من خلالها تحسين الأداء ورفع الكفاءة.

وحينما تضيق الدائرة الحكومية السبل أمام الانحرافات في الأداء وتصحح الأخطاء فور حدوثها، فذلك سيجلب تكبيلا أثقل للأيدي المفسدة ويكشف المقصرين ويمكن من محاسبتهم.

almarahbi.h@makkahnp.com