الرأي

المراهقون فكرياً!

بعد النسيان

في العدد الذي أصدرته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض؛ تكريماً للإعلامي الضخم الراحل/ بدر كريم، كتب الدكتور/ صالح سالم الصاعدي مقالةً ظريفة بعنوان: (عمرنا الثقافي)! حيث إن للإنسان والمجتمع عمراً آخر، لا يحسب بالسنين بل يقاس بما توافر عليه من ثقافة، وبما تحصَّل عليه من معرفة! فعلى مستوى الشعوب تعد سنغافورة دولة صغيرة زمنياً ومكانياً، لكنها ثقافياً وحضارياً أنضج من إيران والعراق ولبنان! وعلى الصعيد الفردي سخر الزميل (أبوالطيب الكذاذيبي) من الذين يجبرون خواطر (الشيَّاب) بأنهم يتميزون بالحكمة فقال:

ليت الحوادثَ باعتْني الذي أخذت * مني: بحِلمي الذي أعطت وتجريبي!!

فما الحداثة من حلمٍ بمانعةٍ * قد يوجدُ الحلمُ في الشُّبَّانِ والشَّيبِ!!

والحوادث هي تقلبات السنين؛ لئلاَّ تظنها الهيئة (بيَّاعةً) سعودية! وقد باعته العقل والتجربة مقابل الشباب والقوة؛ كما تفعل بنوك (مرتاع البال) السعودية، ولا تنكر عليها المالية ولا هيئة سوق المال!!

ولكن ما يزال المتنبي على عشمه في وزارة التجارة، التي أصدرت قبل عامين قراراً شديد اللهجة، يلزم البائع بقبول البضاعة إذا ردَّت إليه، وإسقاط شعار المطفِّفين: البضاعة التي تخرج من المحل لا ترد ولا تستبدل!

أما الحداثة فيعني بها المراهقة، ويقول إنها لا تمنع من وجود العقلانية؛ عكس الدكتور/ عوض القرني، الذي فهم أنها حداثة (السريحي والغذامي) في الثمانينات الميلادية، وقد تجاوزها القطبان العظيمان، وما يزال القرني فيها منذ ألَّف ـ وهو حدثٌ ـ كتابه: (الحداثة في ميزان الإسلام)؛ انطلاقاً من (بروتوكولات حكماء الصحوة) في التصنيف والتكفير، والضحك على ذقون الصالحين لمباركة غزواتهم، وتقريظ افتراءاتهم، واستعداء الدولة التي قامت على (خدمة) الدين وهم يريدون (استخدامه)!!

ومن ملامح المراهقة الفكرية الإحساس بالقدرة والأهمية، وتقمص دور (صلاح الدين الأيوبي) الذي تعرض لمحاولات اغتيال بالسم، اتضح من التحقيقات أن (إسرائيل) رصدت مليون دولار لمن يأتيها بخبره!

ولكن الكارثة أن المراهقة الفكرية (فيذا) ليست فردية، بل جماعية متكرسة منذ أجيال، من خلال الجامعات التي تبنت أطروحات المراهقين، ومنحتهم عليها الدرجات العلمية، وسحبتها من خصومهم الناضجين! ومن خلال النظام التعليمي العام الطام، ليس منذ نصف قرن؛ بل إن معظم القائمين على مشروع (فطن) هم من خريجي تلك الجامعات العريقة في المراهقة الفكرية!!

so7aimi.m@makkahnp.com