علم الأنظمة المعقدة الأسلوب الأمثل لفهم الأحداث
السبت / 18 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 02:00 - السبت 27 فبراير 2016 02:00
تخيل أن تحاول فهم طبيعة وميزات نافذة من الزجاج الملون من خلال تحطيمها وتحويلها إلى أجزاء صغيرة ومن ثم دراسة كل قطعة منها على حدة. تستطيع من خلال هذه الطريقة تعلم كثير عن كل قطعة، لكنك على الأرجح لن تتمكن من فهم كثير عن الصورة الكلية للوح الزجاج. يسمى هذا في علم الفلسفة بـ»نظرية الاختزال» – والتي تقول إننا نستطيع أن نفهم العالم من خلال فهم أجزائه - ومعظم علماء الاجتماع المعاصرين يعملون على أساس هذه النظرية.
ويبين الخبير الاقتصادي وعالم الاجتماع البروفيسور جون ميلر في كتابه «نظرة أولية على الكلّ: علم الأنظمة المعقدة في الأعمال، الحياة، والمجتمع» الصادر عن بازيك بوكس، 2016، أن هذه النظرية غير كافية ولا بد أن ننظر للصورة الكلية إذا أردنا أن نفهم الأمور بشكل صحيح، وذلك لأننا سواء كنا نتحدث عن أسواق الأسهم، شبكات الكومبيوتر، أو الكائنات والأنظمة البيولوجية، فإن الأجزاء الفردية المنفصلة لا تكتسب معناها إلا من خلال فهمنا أنها تمثل جزءا من كلّ أكبر وأكثر شمولا.
والأهم من ذلك أن الكلّ يمكن أن يأخذ سلوكا يختلف بشكل جذري عن مجموع سلوك مكوناته وأجزائه الصغيرة.
ربط الهياكل
ويكشف ميلر، وهو من أبرز الخبراء العالميين في دراسات الكومبيوتر لأنظمة التكيف المعقدة، أنماطا عالمية مذهلة تربط بين تنظيم هياكل تبدو في الظاهر مختلفة تماما، من أنظمة العزل العنصري التي دامت فترة طويلة إلى كوارث سوق الأسهم، ما إن نبدأ بالربط بين الأنظمة المعقدة، فإننا نستطيع البدء بحل مشاكل تبدو غير قابلة للحل بشكل كامل. بفضل هذا المنظار الثوري، نستطيع أخيرا أن نتجاوز حدود النظرية الفلسفية الاختزالية ونكتشف أفكارا جديدة بالغة الأهمية.
بوعزيزي
عام 2010، أضرم بائع خضار فقير غاضب النار في نفسه، بعد أن تعرض للإهانة على يد شرطية لأنه لم يستطع أن يدفع لها الرشوة، احتجاجا على ذلك الموقف في بلدة تونسية نائية اسمها «سيدي بوزيد». وكانت عوامل الاستياء الناتج عن الحكم الاستبدادي، وانتشار الفساد بشكل واسع، وانعدام فرص العمل أمام الشباب العربي تنمو وتتزايد في أجزاء واسعة من المنطقة العربية على مدى عقود قبل تلك الحادثة.
ومع ذلك لم يكن بإمكان أي خبير أو محلل سياسي أن يتوقع أن تؤدي النار التي التهمت جسد محمد بوعزيزي، وموته بتلك الطريقة البشعة إلى إشعال حركات الثورات العربية، والتي أدت إلى نتائج لم تنته حتى الآن.
وفسر ميلر تلك الحالة وما يشبهها بأن «معرفة الأجزاء ليست مثل معرفة الكل»، وهذه عبارة تمثل شعارا يمكن أن يلخص فحوى كتابه الذي يناقش علم الأنظمة المعقدة، ويستشهد فيه بأحداث قادت إلى الثورات العربية، ويقول إن المجتمعات أنظمة معقدة تتراكم فيها التوترات ذات المنشأ الباطني إلى أن يؤدي حادث صغير نسبيا، مثل حادثة بوعزيزي الشهيرة، إلى إثارة انتفاضة اجتماعية عارمة.
نظرة أولية
استقى ميلر عنوان الكتاب من ملاحظة شهيرة لعالم الفيزياء الأمريكي الشهير موري جيلمان الذي فاز بجائزة نوبل في 1969، والتي قال فيها بأنه من الضروري الابتعاد عن التفاصيل الخاصة بالفروع الأكاديمية الفردية من أجل فهم طريقة تفاعل التكنولوجيا، الاقتصاد، علم السكان، والسياسة مع بعضها بعضا لخلق التحديات التي تواجه الإنسانية في القرن الـ21.
ويقول ميلر إن علوم التعقيد – وهي العلوم التي تدرس الظواهر التي تنشأ بشكل غير متوقع من مكونات تعمل كمجموعة كلية - توفر نظرة عميقة تساعد قادة الأعمال والعلوم والسياسة على فهم مدى التداخل والترابط بين مجالات نشاطاتهم وكيفية إدارة هذه المجالات عندما تنحرف عن مساراتها بشكل غير متوقع.
'أستاذ في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في جامعة كارنيجي ميلون. حصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة ميتشيجان'.
ويبين الخبير الاقتصادي وعالم الاجتماع البروفيسور جون ميلر في كتابه «نظرة أولية على الكلّ: علم الأنظمة المعقدة في الأعمال، الحياة، والمجتمع» الصادر عن بازيك بوكس، 2016، أن هذه النظرية غير كافية ولا بد أن ننظر للصورة الكلية إذا أردنا أن نفهم الأمور بشكل صحيح، وذلك لأننا سواء كنا نتحدث عن أسواق الأسهم، شبكات الكومبيوتر، أو الكائنات والأنظمة البيولوجية، فإن الأجزاء الفردية المنفصلة لا تكتسب معناها إلا من خلال فهمنا أنها تمثل جزءا من كلّ أكبر وأكثر شمولا.
والأهم من ذلك أن الكلّ يمكن أن يأخذ سلوكا يختلف بشكل جذري عن مجموع سلوك مكوناته وأجزائه الصغيرة.
ربط الهياكل
ويكشف ميلر، وهو من أبرز الخبراء العالميين في دراسات الكومبيوتر لأنظمة التكيف المعقدة، أنماطا عالمية مذهلة تربط بين تنظيم هياكل تبدو في الظاهر مختلفة تماما، من أنظمة العزل العنصري التي دامت فترة طويلة إلى كوارث سوق الأسهم، ما إن نبدأ بالربط بين الأنظمة المعقدة، فإننا نستطيع البدء بحل مشاكل تبدو غير قابلة للحل بشكل كامل. بفضل هذا المنظار الثوري، نستطيع أخيرا أن نتجاوز حدود النظرية الفلسفية الاختزالية ونكتشف أفكارا جديدة بالغة الأهمية.
بوعزيزي
عام 2010، أضرم بائع خضار فقير غاضب النار في نفسه، بعد أن تعرض للإهانة على يد شرطية لأنه لم يستطع أن يدفع لها الرشوة، احتجاجا على ذلك الموقف في بلدة تونسية نائية اسمها «سيدي بوزيد». وكانت عوامل الاستياء الناتج عن الحكم الاستبدادي، وانتشار الفساد بشكل واسع، وانعدام فرص العمل أمام الشباب العربي تنمو وتتزايد في أجزاء واسعة من المنطقة العربية على مدى عقود قبل تلك الحادثة.
ومع ذلك لم يكن بإمكان أي خبير أو محلل سياسي أن يتوقع أن تؤدي النار التي التهمت جسد محمد بوعزيزي، وموته بتلك الطريقة البشعة إلى إشعال حركات الثورات العربية، والتي أدت إلى نتائج لم تنته حتى الآن.
وفسر ميلر تلك الحالة وما يشبهها بأن «معرفة الأجزاء ليست مثل معرفة الكل»، وهذه عبارة تمثل شعارا يمكن أن يلخص فحوى كتابه الذي يناقش علم الأنظمة المعقدة، ويستشهد فيه بأحداث قادت إلى الثورات العربية، ويقول إن المجتمعات أنظمة معقدة تتراكم فيها التوترات ذات المنشأ الباطني إلى أن يؤدي حادث صغير نسبيا، مثل حادثة بوعزيزي الشهيرة، إلى إثارة انتفاضة اجتماعية عارمة.
نظرة أولية
استقى ميلر عنوان الكتاب من ملاحظة شهيرة لعالم الفيزياء الأمريكي الشهير موري جيلمان الذي فاز بجائزة نوبل في 1969، والتي قال فيها بأنه من الضروري الابتعاد عن التفاصيل الخاصة بالفروع الأكاديمية الفردية من أجل فهم طريقة تفاعل التكنولوجيا، الاقتصاد، علم السكان، والسياسة مع بعضها بعضا لخلق التحديات التي تواجه الإنسانية في القرن الـ21.
ويقول ميلر إن علوم التعقيد – وهي العلوم التي تدرس الظواهر التي تنشأ بشكل غير متوقع من مكونات تعمل كمجموعة كلية - توفر نظرة عميقة تساعد قادة الأعمال والعلوم والسياسة على فهم مدى التداخل والترابط بين مجالات نشاطاتهم وكيفية إدارة هذه المجالات عندما تنحرف عن مساراتها بشكل غير متوقع.
'أستاذ في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في جامعة كارنيجي ميلون. حصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة ميتشيجان'.