طلاب خالد الفيصل: هل ينجح أحد؟!
السبت / 18 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 01:30 - السبت 27 فبراير 2016 01:30
حين تكون مديرا فإنك ستحتل غرفة بأكملها لوحدك، وسيكتب على هذه الغرفة (الإدارة)، وهذا سيجعلها مميزة عن بقية غرف المنشأة بكثرة الحركة حولها وبفخامتها كذلك، حتى تجد بعض مكاتب المدراء تحوي طاولة اجتماع، يجتمع فيها بموظفي المنشأة كلما شاء، ومن المدراء من تأسره تلك الغرفة فتثقله عن الخروج منها إلا نادرا، فتجده لا يعرف أغلب أقسام وغرف مبنى المنشأة، ناهيك عن المباني المحيطة بها، وفي حالة مثل هذا المدير لن تفاجأ حين تجد بعض المكاتب خاوية من الموظفين، وبعضها يكتظ ببقايا التميس والفول، وربما تجد بطانيات وشراشف في بعضها، ناهيك عن بيت الدرج المكتظ بالكراتين والكراسي والمكاتب التالفة، وأترك لخيالكم رؤية السطح وخلف المبنى، فالحديث عنهما ممل.
وبعد فلا أظن رجلا كالأمير خالد الفيصل تأسره فخامة مكتبه، فهذا الرجل السبعيني ينطبق عليه قول المتنبي:
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسامُ
فلا تخفى مساحة منطقة مكة المكرمة التي تحوي مدنا بأهمية مكة وجدة والطائف، ناهيك عن المحافظات والمراكز الكثيرة على امتداد رقعة المنطقة، فلا يمضي شهرٌ حتى تسمع بجولة تفقدية للعديد من المحافظات، ناهيك عن الجولات المفاجئة أو الطارئة، حتى صارت هذه الجولات محركا تنمويا فعالا يدفع المسؤول لإنجاز الملفات أولا بأول، فلن تطول المدة بين الجولة الأولى والثانية، وكل الأعذار لن تجدي مع ذكاء الرجل وجديته، ولكن.. وآه من (لكن) وهي تفتح أبواب الألم وهي تستدرك على الجمال، حين يكون معظم المتماسين مع هذه المدرسة الخالدية لا يقتدون بإمامها في حزمه وعزمه وصبره وجلده، تأسر بعضهم مكاتبهم إلى درجة جعلت مبنى إمارة منطقة مكة دائم الازدحام بالمراجعين من شتى المحافظات؛ لأنهم ببساطة لم يجدوا في محافظاتهم ومراكزها ما يلبي طموحاتهم وتطلعاتهم، فضربوا أكباد سياراتهم إلى مكتب الأمير الفيصلي.
منذ طفولتي لا أتذكر أن مسؤولا زار قريتنا عدا مدير التعليم في احتفالات المدرسة، ولجان التعديات، ولم يمر عليّ حتى في أحاديث الكبار أن محافظا أو رئيس مركز أو بلدية مرّ وتفقد ورأى حال قريتنا التي لم تتغير عمّا تركها أجدادنا إلا بجهود أهلها، وإن جاء مشروع مدرسة أو طريق لأن لا شيء لدينا إلا مدارس قليلة لا تغطي كل المراحل، وطرق ترابية مرهقة، وهذه لم تتأت إلا بمطالبات جمة، وحين يقترب مجيئها، تبدأ الصراعات القبلية والمناطقية والتنافسية، وربما يصرفها المسؤول إلى قوم آخرين، ونظل في فلك تلك المنازعات حتى خلت معظم القرى من سكانها، وقد انشطرت أرواحهم بين التفريط في إرث آبائهم، أو تضييع مستقبل أبنائهم، ولا عزاء لمن عبره هذا الشعور الأليم.
يهوى المسؤول خاصة (المحافظ/ رئيس المركز) الجلوس في مكتبه ينتظر عرائض المواطنين وطلباتهم، فيدعم منها ما يشاء ويدفن في الدرج ما لا يروقه، وكأن التنمية لا تكون إلا بطلب المواطن فقط، ومن لا يطلبها فهو غني لا يحتاجها، حتى صارت ثقافة لدى الكثير من المسؤولين، فلو كان لدينا تخطيط تنموي حقيقي لرفع المحافظ أو رئيس المركز باحتياجات منطقته، وعيّن الأماكن المناسبة لها بنفسه وفق رؤى استراتيجية علمية عادلة، ولما ترك المواطنين في صراع على الخدمات، ولما أشغل مكاتب أمراء المناطق والوزارات والديوان الملكي بالمراجعات والمطالبات.
حين يجلس الحاكم الإداري في مكتبه، أو يكتفي باجتماعاته بمجلس المنطقة، والأوراق التي لا تظهر إلا الوجه المشرق لكل المصالح الحكومية والخاصة، فإنه كالمدير الذي تمثلت به في بداية المقالة، وأرى هذا السبب الرئيس الذي جعل الفساد يستشري، والتراخي عن خدمة المواطنين يبلغ مداه الذي على إثره غرس الملك عبدالله (نزاهة) وما تزال غضة على اجتثاث ثقافة تجذرت سنين عددا، فلو شعر المسؤولون في المصالح الحكومية والخاصة بهمة حاكمها الإداري وحراكه المستمر لاتقوا وعملوا صالحا، ولما وجدت نزاهة في طريقها أكواما من الفساد، ولاستثمرت الوقت والجهد في التنقيب العميق عن الفساد الخفي.
جولة خالد الفيصل الأخيرة دمغت مقالتي السبت الماضي بتأييدها حين وجه بتشكيل لجنة لمتابعة القرى التي مر بها ووصفها «بأن حالتها لا تسر في هذا الزمان وهذا البلد»، فمن أهمل تلك القرى وهمّشها حتى تخلفت عن ركب التنمية غير المحافظين ورؤساء المراكز، حين لم يقدّروا مسؤولياتهم حق قدرها ويعتبروا مناصبهم تكليفا لا تشريفا، وعلى هذا فإني لأرجو من سموه الكريم أن ينظر إليهم نظرة فاحصة؛ لعل نظرته تحرك في دمائهم بعض ما تعلموه في مدرسته، فيتغير حال مدننا وقرانا، وتتبدد ثقافة المركزية والنفعية، فلا مجال لتنمية حقيقية عادلة إلا بمسؤول يحرص أن يكون حقيقيا عادلا مبادرا!
وبعد فلا أظن رجلا كالأمير خالد الفيصل تأسره فخامة مكتبه، فهذا الرجل السبعيني ينطبق عليه قول المتنبي:
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسامُ
فلا تخفى مساحة منطقة مكة المكرمة التي تحوي مدنا بأهمية مكة وجدة والطائف، ناهيك عن المحافظات والمراكز الكثيرة على امتداد رقعة المنطقة، فلا يمضي شهرٌ حتى تسمع بجولة تفقدية للعديد من المحافظات، ناهيك عن الجولات المفاجئة أو الطارئة، حتى صارت هذه الجولات محركا تنمويا فعالا يدفع المسؤول لإنجاز الملفات أولا بأول، فلن تطول المدة بين الجولة الأولى والثانية، وكل الأعذار لن تجدي مع ذكاء الرجل وجديته، ولكن.. وآه من (لكن) وهي تفتح أبواب الألم وهي تستدرك على الجمال، حين يكون معظم المتماسين مع هذه المدرسة الخالدية لا يقتدون بإمامها في حزمه وعزمه وصبره وجلده، تأسر بعضهم مكاتبهم إلى درجة جعلت مبنى إمارة منطقة مكة دائم الازدحام بالمراجعين من شتى المحافظات؛ لأنهم ببساطة لم يجدوا في محافظاتهم ومراكزها ما يلبي طموحاتهم وتطلعاتهم، فضربوا أكباد سياراتهم إلى مكتب الأمير الفيصلي.
منذ طفولتي لا أتذكر أن مسؤولا زار قريتنا عدا مدير التعليم في احتفالات المدرسة، ولجان التعديات، ولم يمر عليّ حتى في أحاديث الكبار أن محافظا أو رئيس مركز أو بلدية مرّ وتفقد ورأى حال قريتنا التي لم تتغير عمّا تركها أجدادنا إلا بجهود أهلها، وإن جاء مشروع مدرسة أو طريق لأن لا شيء لدينا إلا مدارس قليلة لا تغطي كل المراحل، وطرق ترابية مرهقة، وهذه لم تتأت إلا بمطالبات جمة، وحين يقترب مجيئها، تبدأ الصراعات القبلية والمناطقية والتنافسية، وربما يصرفها المسؤول إلى قوم آخرين، ونظل في فلك تلك المنازعات حتى خلت معظم القرى من سكانها، وقد انشطرت أرواحهم بين التفريط في إرث آبائهم، أو تضييع مستقبل أبنائهم، ولا عزاء لمن عبره هذا الشعور الأليم.
يهوى المسؤول خاصة (المحافظ/ رئيس المركز) الجلوس في مكتبه ينتظر عرائض المواطنين وطلباتهم، فيدعم منها ما يشاء ويدفن في الدرج ما لا يروقه، وكأن التنمية لا تكون إلا بطلب المواطن فقط، ومن لا يطلبها فهو غني لا يحتاجها، حتى صارت ثقافة لدى الكثير من المسؤولين، فلو كان لدينا تخطيط تنموي حقيقي لرفع المحافظ أو رئيس المركز باحتياجات منطقته، وعيّن الأماكن المناسبة لها بنفسه وفق رؤى استراتيجية علمية عادلة، ولما ترك المواطنين في صراع على الخدمات، ولما أشغل مكاتب أمراء المناطق والوزارات والديوان الملكي بالمراجعات والمطالبات.
حين يجلس الحاكم الإداري في مكتبه، أو يكتفي باجتماعاته بمجلس المنطقة، والأوراق التي لا تظهر إلا الوجه المشرق لكل المصالح الحكومية والخاصة، فإنه كالمدير الذي تمثلت به في بداية المقالة، وأرى هذا السبب الرئيس الذي جعل الفساد يستشري، والتراخي عن خدمة المواطنين يبلغ مداه الذي على إثره غرس الملك عبدالله (نزاهة) وما تزال غضة على اجتثاث ثقافة تجذرت سنين عددا، فلو شعر المسؤولون في المصالح الحكومية والخاصة بهمة حاكمها الإداري وحراكه المستمر لاتقوا وعملوا صالحا، ولما وجدت نزاهة في طريقها أكواما من الفساد، ولاستثمرت الوقت والجهد في التنقيب العميق عن الفساد الخفي.
جولة خالد الفيصل الأخيرة دمغت مقالتي السبت الماضي بتأييدها حين وجه بتشكيل لجنة لمتابعة القرى التي مر بها ووصفها «بأن حالتها لا تسر في هذا الزمان وهذا البلد»، فمن أهمل تلك القرى وهمّشها حتى تخلفت عن ركب التنمية غير المحافظين ورؤساء المراكز، حين لم يقدّروا مسؤولياتهم حق قدرها ويعتبروا مناصبهم تكليفا لا تشريفا، وعلى هذا فإني لأرجو من سموه الكريم أن ينظر إليهم نظرة فاحصة؛ لعل نظرته تحرك في دمائهم بعض ما تعلموه في مدرسته، فيتغير حال مدننا وقرانا، وتتبدد ثقافة المركزية والنفعية، فلا مجال لتنمية حقيقية عادلة إلا بمسؤول يحرص أن يكون حقيقيا عادلا مبادرا!