الرأي

تبادل الأدوار المضحك السوداوي

شاهر النهاري
وحتى لا يلومني القراء الكرام، ويقوم أحدهم بعملية تبادل أدوار سريعة معي، فيمسك بالقلم مقلوبا، وربما يستبدله بكرباج، فيسطر على ظهر الحقيقة المؤلمة مقالا، يعيد لنا مآسي أمتنا العربية، بجلد للذات بعمق القرون الماضية؛ وربما لا أجد بعدها إلا تبادل الأدوار مع الصمت، وتبديل الوعي بالغياب العقلي، فأكون أنا الخاسر الأربح، ويكون واقعنا الحاضر الغائب؛ عليه فلا أتمنى أن يتم هذا التبادل في الأدوار قبل أن أنهي هذا المقال المختل الأدوار بقشرة رزانة، ولب من شديد النزق.

ولعلي أبدأ التنظير بتبادل أدوار شهدناه جميعا في الأسبوعين المنصرمين، حيث نزع الكوميديان غوار الطوشة طربوشه الأحمر، وشرواله الفضفاض، وقبقابه، وبسمته المتذاكية المائلة بطرف شنبه إلى جانب يتبادل السخافة مع الجانب الآخر، وارتدى عباءة سوداء، وانتفخت أوداجه في عمامة أعتم من سواد مصيره، وتقمص شخصية السياسي المقاوم المشحون بالغضب حسن، وقام بتصوير الأمور بتقية المصالح، التي يمشي إليها كما يمشي الوجي الوحل، فيصرخ، ويهدد ويتوعد بالويل والثبور على كل من يعاديه، وكل من يقف في طريق خبث أداء دور العميل في شطب لبنان العربية بمحاية فارسية.

تبدل الأدوار عجيب، فحتى حسن تقمص دور الكوميديان الخرع، ونزع العمامة، وحلق الشارب واللحية، ليقوم بدور غوار، في (حمام الهناء)، مبدعا بالمقالب في محاولة منه لإقناع فطوم حيص بيص، بأنه الأقوى، والأجدر برفقتها، رغم تهالك معطياته.

وفطوم حيص بيص، ما هي إلا زعيمته دولة إيران، والتي تعاهد معها على جعل لبنان دولة فقيه، تتبع لسلطتها الشيطانية.

حسن؛ أقصد غوار هاج وماج، وعربد بلثغته المضحكة، وهو يحاول إرهاب أنداده من ساسة لبنان على المسرح المتنازع عليه بنية أن يتفرد عنهم بكل أدوار البطولة، ويعتلي على سلم الأحلام بجانب شرفة فطوم وهو يدندن أغنيته الشهيرة: خبيني في بيت المونة، ما لك غيري كانونة.

كوميديا سوداء، لا تمثيل فيها رغم زيفها، وبحرفية في تبادل الأدوار تجعل المشاهد في حيرة من أمره، فهل حسن هو غوار، أم إن غوار هو حسن، وهل العانس فطوم حيص بيص مطلقة الأيادي إلى هذا الحد، بأن يكون مهرها قتل كل من يقترب من المسرح، لتنفرد بعريس الغفلة في بطولة مطلقة.

أعرف جيدا أن بعض من سيقرأ مقالي هذا سيجده متبادل الأدوار مع الكوميديا السوداء، وسيحرجني بسؤال عمن تقمص دور حسني البرزان، وهل أجاد الممثل الروسي الدور إلى هذا الحد، ثم إن أحدهم سيكتشف حقيقة شخصية الرعديد ياسين بقوش بمجرد تذكر من يعتقد أنه يحكم في دمشق.

الجو العام في الشرق الأوسط مطلق للتخيلات، وأدواره متبادلة، فلا العقل عقل، ولا المنطق منطق، ولا السلام سلام، ولا اليوم كالأمس، ولا غد ملموس الملامح.

كل ما حولنا متبادل لدرجة أن بقايا المسرح الشامي، صار مغريا لمعظم نجوم الأكشن العالميين للاستعراض بالوقوف على خشباته المتفحمة، وأداء أدوار بطولة لا يلبثون أن يتبادلوا المراكز فيها.

لك الله يا بلاد الشام، فلقد تبادلت الدور مع الخوف، والتقسيم والضياع، في زمن أصبح فيه الجمهور يجلس فوق الخشبة المحترقة، ويتابع حركات المهرجين يستعرضون على كراسي المتفرجين.