وزارة الصحة وطلائع مرحلة الرؤية الواضحة
الأربعاء / 15 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 20:15 - الأربعاء 24 فبراير 2016 20:15
المقصود بالصحة وفقا لمنظمة الصحة العالمية هو»حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، لا مجرد انعدام المرض أو العجز». ووفقا للمنظمة ذاتها تعد الأنظمة الصحية فعالة «إذا وفرت خدمات صحية جيدة، وقوى عاملة صحية مدربة جيدا، ونظام معلومات صحيا فعالا، وعدالة في الحصول على الخدمات الصحية واللقاحات والتكنولوجيا الطبية، وتمويلا كافيا للصحة، مع حوكمة رشيدة وقيادة متماسكة».
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن كثيرا من المحددات المهمة للصحة لا ترتبط مباشرة بالخدمات الصحية، على سبيل المثال ضمان سلامة وصلاحية الأغذية ومياه الشرب أيضا، وتنظيم الصرف الصحي وضمان سلامته، كذلك حماية البيئة من التلوث، وحماية المجتمع من المسكرات والمخدرات، وحماية البلاد من الأوبئة، ليبقى المتوقع أن مفهوم هذه المحددات لا يحظى بوافر الاستيعاب لدى جل شرائح المجتمع، لهذا يمكن القول إن قياس مستوى رضا الناس عن الخدمات الصحية بمعزل عن تفهمهم لمعنى هذه المحددات ومداها قد لا يؤدي إلى مؤشرات صحيحة.
الأكيد أن عزل مفهوم الخدمات الصحية عن المحددات الصحية وتبعيتها يرتبط بالثقافة، مهنية وعامة، حيث كان وما زال اختلالها يشكل عبئا يشوش على دور القطاع الصحي ويلمس سمعته. وهذا لا يعني أن هذه القطاع، وعلى رأسه وزارة الصحة، في منأى عن النقد، ولا يدل على براءة السجل من حبر الملاحظات، غير أنه من الإنصاف أن يسلط الضوء على دور الجهات الرسمية الأخرى المعنية بالمساهمة في تحقيق الصحة العامة وتعزيزها.
وعن فاعلية الأنظمة الصحية تبقى مسألة تمويل الخدمات الصحية وإدارتها من وجهة نظر خبراء المجال من أهم المؤشرات الدالة على وضع أي وزارة صحة، وقد قيل تعرف الأنظمة الصحية ويعرف مستقبلها على وجهين- التمويل والإدارة، والتعليق هنا متروك لأهل الاختصاص.
عموما، رؤية وزارة الصحة في «المرحلة الحالية» تبدو واضحة وطموحة، وسندي في هذا أن الوزارة تولي الرقابة والمراجعة الداخلية في الوقت الحالي ما تستحق من الاهتمام لحماية النزاهة ومكافحة الفساد. الشاهد أنها حددت تعيين وتكليف وإعفاء مديري إدارات المراجعة الداخلية بقرار من الوزير، وفي هذا إشارة لتقوية عود الرقابة كضرورة إدارية لترسيخ أخلاقيات المهنة.
كذلك دخلت أخيرا على خط المخرجات التعليمية المتصلة بإدارة الخدمات الصحية وتقديمها، وكان لها رؤية معيارية محددة دفعت بها لوزارة الخدمة المدنية قبل موعد الإعلان عن الوظائف.
الجدير بالإشارة أن وزارة الصحة ركزت أخيرا على رفع درجة الأداء بمراكز الرعاية الصحية الأولية، ووجهت كافة فروعها بفتح مراكز استشارية تخصصية في كل مديرية تشمل عددا من العيادات الاستشارية الأساسية. خطة العمل أوجبت تكليف أطباء الأسرة، استشاريين وأخصائيين بكل منطقة للعمل بالمراكز الصحية الأولية، وهذا اتجاه صحيح، كما أفهم.
رأيي أن الوزارة تعمل على بعث مفهوم الضبط الإداري من جديد، وإحياء دور»نواة النظام الصحي»، إلى جانب مد تسهيلات الوصول إلى الخدمات. هذا التحول رشيد.
وفي الختام تبقى العبرة في تقصي الأمراض على خلفية أن الاكتشاف «المبكر» يسهل العمليات العلاجية، ويدعم مبدأ احتواء التكاليف. والأمل أن تراجع الوزارة وضع منسوبيها المتوقفة علاواتهم الدورية بمجازفة الآراء المريضة. جودة الخدمات الصحية ترتبط بسلامة وضع العاملين في المجال الصحي. وبكم يتجدد اللقاء.
alyami.m@makkahnp.com
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن كثيرا من المحددات المهمة للصحة لا ترتبط مباشرة بالخدمات الصحية، على سبيل المثال ضمان سلامة وصلاحية الأغذية ومياه الشرب أيضا، وتنظيم الصرف الصحي وضمان سلامته، كذلك حماية البيئة من التلوث، وحماية المجتمع من المسكرات والمخدرات، وحماية البلاد من الأوبئة، ليبقى المتوقع أن مفهوم هذه المحددات لا يحظى بوافر الاستيعاب لدى جل شرائح المجتمع، لهذا يمكن القول إن قياس مستوى رضا الناس عن الخدمات الصحية بمعزل عن تفهمهم لمعنى هذه المحددات ومداها قد لا يؤدي إلى مؤشرات صحيحة.
الأكيد أن عزل مفهوم الخدمات الصحية عن المحددات الصحية وتبعيتها يرتبط بالثقافة، مهنية وعامة، حيث كان وما زال اختلالها يشكل عبئا يشوش على دور القطاع الصحي ويلمس سمعته. وهذا لا يعني أن هذه القطاع، وعلى رأسه وزارة الصحة، في منأى عن النقد، ولا يدل على براءة السجل من حبر الملاحظات، غير أنه من الإنصاف أن يسلط الضوء على دور الجهات الرسمية الأخرى المعنية بالمساهمة في تحقيق الصحة العامة وتعزيزها.
وعن فاعلية الأنظمة الصحية تبقى مسألة تمويل الخدمات الصحية وإدارتها من وجهة نظر خبراء المجال من أهم المؤشرات الدالة على وضع أي وزارة صحة، وقد قيل تعرف الأنظمة الصحية ويعرف مستقبلها على وجهين- التمويل والإدارة، والتعليق هنا متروك لأهل الاختصاص.
عموما، رؤية وزارة الصحة في «المرحلة الحالية» تبدو واضحة وطموحة، وسندي في هذا أن الوزارة تولي الرقابة والمراجعة الداخلية في الوقت الحالي ما تستحق من الاهتمام لحماية النزاهة ومكافحة الفساد. الشاهد أنها حددت تعيين وتكليف وإعفاء مديري إدارات المراجعة الداخلية بقرار من الوزير، وفي هذا إشارة لتقوية عود الرقابة كضرورة إدارية لترسيخ أخلاقيات المهنة.
كذلك دخلت أخيرا على خط المخرجات التعليمية المتصلة بإدارة الخدمات الصحية وتقديمها، وكان لها رؤية معيارية محددة دفعت بها لوزارة الخدمة المدنية قبل موعد الإعلان عن الوظائف.
الجدير بالإشارة أن وزارة الصحة ركزت أخيرا على رفع درجة الأداء بمراكز الرعاية الصحية الأولية، ووجهت كافة فروعها بفتح مراكز استشارية تخصصية في كل مديرية تشمل عددا من العيادات الاستشارية الأساسية. خطة العمل أوجبت تكليف أطباء الأسرة، استشاريين وأخصائيين بكل منطقة للعمل بالمراكز الصحية الأولية، وهذا اتجاه صحيح، كما أفهم.
رأيي أن الوزارة تعمل على بعث مفهوم الضبط الإداري من جديد، وإحياء دور»نواة النظام الصحي»، إلى جانب مد تسهيلات الوصول إلى الخدمات. هذا التحول رشيد.
وفي الختام تبقى العبرة في تقصي الأمراض على خلفية أن الاكتشاف «المبكر» يسهل العمليات العلاجية، ويدعم مبدأ احتواء التكاليف. والأمل أن تراجع الوزارة وضع منسوبيها المتوقفة علاواتهم الدورية بمجازفة الآراء المريضة. جودة الخدمات الصحية ترتبط بسلامة وضع العاملين في المجال الصحي. وبكم يتجدد اللقاء.
alyami.m@makkahnp.com