الرأي

ولكن في أحسن تقويم

تفاعل

كتب أحدهم مقالاً بعنوان (وخلق الإنسان من طين) تحدث فيه عن قناعته بالنظرية الدارونية للتطوّر وأنها تتوافق مع القرآن الكريم، ولنا مع هذا المقال وقفة، ولكن قبلها سوف أتحدث بإيجاز عن نظرية دارون للنشوء والارتقاء والتي وضعها العالم البريطاني تشارلس روبرت دارون والمولود سنة 1809م والمتوفى سنة 1882م. فقد وضع دارون أسس نظريته والدلائل عليها في كتابه (أصل الأنواع 1859م)، ومن الأمور التي تقوم عليها النظرية الدارونية أن الإنسان حيوان من جملة الحيوانات حدث عن طريق النشوء والارتقاء، وأنه بسبب مشابهته للقرد لا يمنع أن يكونا مشتقّين من أصل واحد.

وترى النظرية بأن النشوء يتم عن طريق قانوني الانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح، حيث إن الكائنات الضعيفة تهلك بسبب عوامل الفناء فلا يبقى إلا الكائن القوي الذي يورّث صفاته لذرّيته فتتجمّع هذه الصفات مع مرور الزمن لتكوّن صفة جديدة في الكائن مما يجعله يرتقي إلى كائن أعلى، وهكذا يستمر التطوّر ويحدث الارتقاء. وقبل أن نذكر الردود عليها نريد أن نذكّر بأنها مجرد نظرية قابلة للصواب والخطأ، فهي ليست من الحقائق، ولعل أبرز دليل يثبت عدم مصداقيتها بالنسبة لنا كمسلمين هو قوله تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل).

والذي يدحض رأي النظرية في أن الطبيعة هي من خلقت الكائنات بشكل عشوائي وبالنسبة لغير المسلمين أو من يريد الإثباتات العقلية والعلمية سأذكر ردود بعض العلماء الغربيين على هذه النظرية: فمثلاً (ميجرت) يقول «إن مذهب (دارون) لا يمكن تأييده وإنه من آراء الصبيان».

بل إن (هكسلي) وهو صديق لـ (دارون) قال: «إنه بموجب ما لنا من البينات لم يثبت قط أن نوعا من النبات أو الحيوان نشأ بالانتخاب الطبيعي، أو الانتخاب الصناعي».

وبالعودة إلى المقال فقد ذكر قول الله عز وجل: (وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون). وحاول تحميل هذا النص ما لا يحتمل من أجل إثبات وجهة نظره في أن الإنسان تطوّر من خلال مراحل حتى وصل للوضع الحالي، وللرد على هذا القول يكفي أن نذكر قوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم). وقوله تعالى: (قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ).

فمن هاتين الآيتين يتّضح أن الله عز وجل قد خلق آدم أبا البشر بيديه وعلى أكمل صورة دفعة واحدة ولم يذكر أنه تطوّر من خلال مراحل، فالخلق تعني الإنشاء من العدم ولا تعني التطوّر، وما ذكره الكاتب من أن الإنسان كان من طين ثم تحول إلى سلالة من ماء مهين ثم جاءت مرحلة النفخ في الروح وبعدها مرحلة السمع والأبصار والفؤاد فليت شعري هل الإنسان عندما كان في مرحلة الطين يعتبر من الكائنات الحية، وكذلك الحال بالنسبة لوضعه في بقية المراحل قبل أن يتكوّن بشكله الحالي؟! أم إن هذه المراحل كانت في مرحلة التكوين والخلق وليس لها علاقة بالتطوّر؟

ختاما: نقول، صحيح أن الله خلقنا من طين ولكن في أحسن تقويم.