الرأي

فساد أم كفاءة!

حنان المرحبي
يخلط كثيرون في تشخيص الأخطاء التي ينتج عنها هدر في الموارد أو ضعف في الإنتاجية أو الجودة.

وحينما نسمع بخبر وجود أخطاء بإحدى الوزارات، أو المؤسسات أو الشركات، فإن أول ما يطرأ على البال أنها ناتجة عن الفساد (أي استغلال الموظف للوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية).

وكما نعلم جميعا، يقودنا التشخيص الخاطئ إلى صياغة حلول خاطئة، قد ينتج عنها المزيد من الهدر للموارد.

وفي الواقع، ليس كل خطأ هو نتيجة لوجود فساد. هناك مشكلات إدارية عديدة، تقليدية وحديثة، تقود إلى ضعف الأداء وتراجع الإنتاجية وإهدار الموارد.

كل منشأة أو شركة وجدت من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف. على سبيل المثال، الجامعة تعمل من أجل تزويد المجتمع بالدراسات والأبحاث التي تعالج أبرز قضاياه ومن أجل دعم سوق العمل بالكوادر البشرية عالية التأهيل، والمستشفيات وجدت من أجل القضاء على الأمراض الوبائية، واستقبال الحالات الطارئة، ومعالجة المرضى.

ولكي تتمكن الجامعة، مثلا، من تحقيق أهدافها تلك، يتطلبها ذلك أن تملك مجموعة من الموارد البشرية والتقنية وأن تحسن إدارتها (وقد يتطلب ذلك الإنفاق عليها لاستقطابها «نفقات تعيين، تكوين، أو تأسيس»، والإنفاق من أجل صيانتها أو منع تسربها، ثم أيضا تنفق من أجل تجديدها أو تطويرها لتواكب التغيرات الطارئة «نفقات في صورة برامج تدريبية أو تحديث للتطبيقات والأنظمة»).

وبإدارة هذه الموارد واتخاذ العديد من القرارات الإدارية والمالية بشأنها يمكن للمنشأة البقاء والاستمرار للوصول إلى النتائج التي ترغب في تحقيقها (الأهداف).

ولكن، تقف كثير من التحديات والمعوقات أمام الوصول إلى الإدارة المثلى (الكفاءة - efficiency) لتلك الموارد، وهي تحديات تختلف عن مشكلة الفساد. فما هي مشكلة الكفاءة وما تأثير غيابها؟

الكفاءة بمنظور عام تعني تحقيق أقصى كمية، أو ربح، أو إنتاجية ممكنة من الموارد المتوفرة. وبطريقة أخرى تعني تقليص هدر الموارد باستغلالها الاستغلال الأمثل. وذلك يتطلب معرفة واسعة بالأساليب الإدارية والأدوات الحديثة والتحديات المعاصرة لوضع الخطط والسياسات وترشيد القرارات على ضوء نتائج دراسات ومسوح ورؤى واضحة.

والكفاءة ليست هدفا ثابتا، ولكنه في حالة شد وجذب مستمر، هدف يتطلب إدارة متوازنة للموارد بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية، بين الحاجة للاستقرار والحاجة للتطوير، بين الإنفاق للتنويع وبين الإنفاق للتوسع، بين التعاون وبين المنافسة، بين التكلفة وبين التميز، بين الاستجابة للبيئة وبين المعيارية، وقد تطول الثنائيات المتناقضة.

مما سبق قد يمكن للبعض تصور الفرق بين المشكلات التي تتبع غياب الكفاءة في إدارة الموارد، وبين المشكلات التي تتعلق بنزاهة الموظفين (الفساد).

ومشكلات الكفاءة لا تعالج بفصل أو محاسبة من ارتكب الخطأ ولا بإحكام الرقابة، بل تتطلب معالجة مختلفة. فمثلا، قد تأخذ المعالجة مسارات هيكلية أشمل (أي قد تبدأ من الخطط والسياسات والاستراتيجيات، ثم تصل إلى تقليص أو دمج إجراءات العمل اليومي ورفع أداء الموظف).