الرأي

مسخ الطفولة بالفن!!

بعد النسيان

في مهرجان التلفزيون الخليجي في البحرين (2004) قدم الأخخخ/‏ أنا ورقة نقدية بعنوان: (صورة الطفل في الدراما العربية) خلصت إلى أن كل ما نراه في السينما والمسرح والتلفزيون ـ ونضيف اليوم يوتيوب وأخواتها ـ ليست صورة الطفل كما برأه الله تعالى؛ أو كما يحس ويريد الطفل ذاته، وإنما صورة الطفل كما يريده ويريد له الكبار، وصايةً وإملاءً، أو استمتاعاً واستثماراً!

وقد استشهدنا بفلتة السينما المصرية (فيروز)، التي سلمت الأمانة لبارئها مؤخراً عن (72) سنة! لكن نجوميتها أفلت مع طفولتها، وفشلت في التمثيل مراهقةً؛ حيث مسخها الفن في الطفلة المعجزة مع الفنان (المنتج)/‏ أنور وجدي تحديداً، ولم يستسغها الجمهور غير ذلك، وسرعان ما تخلى عنها المنتجون، واتجهوا لشقيقتها الفنانة الاستعراضية (نيلّي) التي ـ لحسن حظها ـ لم تلفت النظر طفلة!

وقد أصبحت جناية الكبار على الطفولة والأطفال واضحة، مع سهولة واستسهال استثمارهم من خلال وسائل (التفاصل) و(التسافه) و(الطقطقة) الاجتماعية! فكم من طفل دعم والداه ـ وبخاصة الأم ـ موهبته بإنشاء قناة (يوتيوب) خاصة له؛ لتتسابق القنوات التلفزيونية الخاصة الماصة لشفط رحيق طفولته، دون اكتراث بما سيؤول إليه بعد أن يدخل مرحلة المراهقة القلقة؟

أما برنامج (ذا فويس كيدز) فهو كارثة أفدح من بالوعات جدة! وأشأم من مجازر التجويع التي يرتكبها النظام السوري الروسي، وحزب الشيطان! ذلك أن البالوعات تشفط لمرة واحدة، والمجازر تنتهي بدخول قوافل الغذاء، والموت واحدٌ في النهاية؛ لكن العبث بالأطفال والطفولة في هذا البرنامج لن يتوقف عند جيل واحد!

وليس المؤلم أن أحسن أعضاء لجنة التحكيم هي المعلمة والمربية الفاضلة الزميلة (نانسي)، صاحبة العجرمة الشهيرة بـ(شخبط شخابيط) و(شاطر شاطر) ـ وحسبهما اعتداء سافراً على حقوق الطفل ـ بل العورة والعار أن المنتجين سعوديون (مثقفون)، يعرفون موقف أمير الشعراء/‏ أحمد شوقي، حين فوجئ بمحمد عبدالوهاب يغني وهو طفل؛ فذهب إلى المندوب السامي البريطاني المحتل، وقال له بلهجة شديدة: هل تسمحون باستغلال الأطفال في مسارح لندن؟ فاستجاب وأصدر أوامره بمنع غناء الأطفال في الحفلات، ولم يحترف عبدالوهاب إلا بعد بلوغه السن القانونية! وحين أصبح (النهر الخالد) سقى النصيحة نفسها للطفل السعودي (محمد عبده)!!