معالجة الأمن الفكري في الخطاب الثقافي: إسقاط توصية الشورى!
الاحد / 12 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 01:30 - الاحد 21 فبراير 2016 01:30
في الأسابيع الماضية أسقطت في مجلس الشورى التوصية المتعلقة باستراتيجية الأمن الفكري، وذلك بحجة أنها متحققة من خلال استراتيجيات قائمة لم تر أهمية ضم ما قدم إليها من مقترحات تحت مظلتها.
وما يعتقد أنه حقيقة الأمر لدى المواطن البسيط أن الاستراتيجيات القائمة لا تظهر جليا حتى اللحظة إلا في المجهود الأمني القاصر على أجهزة وزارة الداخلية متمثلة في قطاعاته الأمنية المتفرعة ذات الصلة بالمهمة. غير أن صلابة هذا المجهود الأمني في مكافحة الإرهاب القائم على المواجهة المباشرة لثماره اليانعة ومعالجة خلله عبر برنامج محمد بن نايف للمناصحة اليوم بحاجة إلى حليف مساند أقوى في ظل تطور أشكال الإرهاب وتنوع أساليبه منذ مطلعه في التسعينات الميلادية، حينما بلغ إرهاب القاعدة ذروته بين 2003 وحتى 2006 بممارسة التخريب وترويع الآمنين داخل البلاد عبر القتل والاغتيال والتفجيرات.
فقد واجهت البلاد منذ العام 2000 - وبحسب التقارير الرسمية - 124 عملا إرهابيا من قبل تنظيم القاعدة، وأجهضت القوات الأمنية 250 عملا، قتل خلالها 176 إرهابيا واستشهد 71 رجل أمن وأصيب 407 من رجال الأمن، واستشهد 100 مدني وأصيب 569.
ولم تمت القاعدة إلا بعد أن تمخض عنها تنظيم داعش الذي لا يزال يضرب في الداخل بين الفينة والأخرى حتى الآن، مستخدما تقنيات واستراتيجيات إرهابية أكثر تطورا من تنظيم القاعدة عبر تطوير التنظيمات والخلايا النائمة وابتكار الضرب المنفرد المتعارف عليه بـ»الذئاب المنفردة»، وهو تعبير غير موفق من وجهة نظري، ولا يزال متداولا على المستوى النخبوي لوصف الحالة، فلم يعد الاستهداف الجماعي للمنشآت والقوى البشرية الأجنبية ورجال الأمن فقط، بل بلغ في ذروته الجنونية حينما أصبح يغتال المواطن السعودي في المقام الأول، تارة بسبب انتمائه الوظيفي للقوات الأمنية، وتارة بسبب انتمائه المذهبي، وأخرى بسبب جنسيته السعودية، مع حرص التنظيم على استغلال وتوظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وانفتاحه في انتقاء الطعم الانتحاري، الذي قصرته القاعدة على اختيار صاحب اللحية الطويلة والمتطرف دينيا، فداعش لا يمانع في اختيار المتطرف ومدمن المخدرات، بل تفنن في استخدام الوسائل النفسية وأساليب تغييب الوعي العقلي واستباحة استخدام مذهبات العقل المخدرة، وعلى رأس القائمة مادة الشبو التي ثبت وجودها في أغلبيه بقايا الجثث الإرهابية.
ما يخشى هو أن لا يموت أي تنظيم إرهابي تواجهه البلاد إلا بعد تمخضه الناجح عن تنظيم دموي جديد أكثر دموية من سلفه. هذا الرهان على التوالد الدموي للإرهاب وتشببه يعطي رسالة واضحة بأنه ما لم يتم سد الثغرة في الخطاب الثقافي فستستمر المكافحة الأمنية وجهودها وتضحياتها كمقص جز الأعشاب الذي لا يهذب سوى الأغصان والثمرات الظاهرة للعيان.
وفي الأساس لن يتطور الخطاب الثقافي المهادن في تعاطيه مع الإرهاب بسبب اختلاف القناعات العاطفية لمعتلي المنابر إلا بعد أن يتم اجتثاث جذور التطرف من جميع مرافق التعليم المنهجية ووسائلها التطبيقية وأنشطتها اللاصفية، وتشكل أجيال مستقبلية مغايرة عن الأجيال التي تغذت على الفكر الإخواني والقطبي والسروري والصحوي في مناهج التعليم وأنشطته اللاصفية وخطاباته المنبرية، فالحقيقة المريرة إلى اليوم هي أن ضخ التطرف الفكري عبر شلالات المنابر الثقافية وعبر رموزه المتلألئة من نجوم المنابر ذات الخطابات التحريضية والمتطرفة أقوى من كل مقومات الوسطية الموجودة في المناهج التعليمية وأساليب توصيلها للمتلقي، وتثبت كل القضايا الأمنية المتعلقة بالإرهاب تورط فئة الشباب المدرسي والجامعي فضلا عن الثلة النسوية الخارجة من رحم المرافق التعليمية ذات الأجواء الدعوية المشبوهة.
Seham.t@makkahnp.com
وما يعتقد أنه حقيقة الأمر لدى المواطن البسيط أن الاستراتيجيات القائمة لا تظهر جليا حتى اللحظة إلا في المجهود الأمني القاصر على أجهزة وزارة الداخلية متمثلة في قطاعاته الأمنية المتفرعة ذات الصلة بالمهمة. غير أن صلابة هذا المجهود الأمني في مكافحة الإرهاب القائم على المواجهة المباشرة لثماره اليانعة ومعالجة خلله عبر برنامج محمد بن نايف للمناصحة اليوم بحاجة إلى حليف مساند أقوى في ظل تطور أشكال الإرهاب وتنوع أساليبه منذ مطلعه في التسعينات الميلادية، حينما بلغ إرهاب القاعدة ذروته بين 2003 وحتى 2006 بممارسة التخريب وترويع الآمنين داخل البلاد عبر القتل والاغتيال والتفجيرات.
فقد واجهت البلاد منذ العام 2000 - وبحسب التقارير الرسمية - 124 عملا إرهابيا من قبل تنظيم القاعدة، وأجهضت القوات الأمنية 250 عملا، قتل خلالها 176 إرهابيا واستشهد 71 رجل أمن وأصيب 407 من رجال الأمن، واستشهد 100 مدني وأصيب 569.
ولم تمت القاعدة إلا بعد أن تمخض عنها تنظيم داعش الذي لا يزال يضرب في الداخل بين الفينة والأخرى حتى الآن، مستخدما تقنيات واستراتيجيات إرهابية أكثر تطورا من تنظيم القاعدة عبر تطوير التنظيمات والخلايا النائمة وابتكار الضرب المنفرد المتعارف عليه بـ»الذئاب المنفردة»، وهو تعبير غير موفق من وجهة نظري، ولا يزال متداولا على المستوى النخبوي لوصف الحالة، فلم يعد الاستهداف الجماعي للمنشآت والقوى البشرية الأجنبية ورجال الأمن فقط، بل بلغ في ذروته الجنونية حينما أصبح يغتال المواطن السعودي في المقام الأول، تارة بسبب انتمائه الوظيفي للقوات الأمنية، وتارة بسبب انتمائه المذهبي، وأخرى بسبب جنسيته السعودية، مع حرص التنظيم على استغلال وتوظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وانفتاحه في انتقاء الطعم الانتحاري، الذي قصرته القاعدة على اختيار صاحب اللحية الطويلة والمتطرف دينيا، فداعش لا يمانع في اختيار المتطرف ومدمن المخدرات، بل تفنن في استخدام الوسائل النفسية وأساليب تغييب الوعي العقلي واستباحة استخدام مذهبات العقل المخدرة، وعلى رأس القائمة مادة الشبو التي ثبت وجودها في أغلبيه بقايا الجثث الإرهابية.
ما يخشى هو أن لا يموت أي تنظيم إرهابي تواجهه البلاد إلا بعد تمخضه الناجح عن تنظيم دموي جديد أكثر دموية من سلفه. هذا الرهان على التوالد الدموي للإرهاب وتشببه يعطي رسالة واضحة بأنه ما لم يتم سد الثغرة في الخطاب الثقافي فستستمر المكافحة الأمنية وجهودها وتضحياتها كمقص جز الأعشاب الذي لا يهذب سوى الأغصان والثمرات الظاهرة للعيان.
وفي الأساس لن يتطور الخطاب الثقافي المهادن في تعاطيه مع الإرهاب بسبب اختلاف القناعات العاطفية لمعتلي المنابر إلا بعد أن يتم اجتثاث جذور التطرف من جميع مرافق التعليم المنهجية ووسائلها التطبيقية وأنشطتها اللاصفية، وتشكل أجيال مستقبلية مغايرة عن الأجيال التي تغذت على الفكر الإخواني والقطبي والسروري والصحوي في مناهج التعليم وأنشطته اللاصفية وخطاباته المنبرية، فالحقيقة المريرة إلى اليوم هي أن ضخ التطرف الفكري عبر شلالات المنابر الثقافية وعبر رموزه المتلألئة من نجوم المنابر ذات الخطابات التحريضية والمتطرفة أقوى من كل مقومات الوسطية الموجودة في المناهج التعليمية وأساليب توصيلها للمتلقي، وتثبت كل القضايا الأمنية المتعلقة بالإرهاب تورط فئة الشباب المدرسي والجامعي فضلا عن الثلة النسوية الخارجة من رحم المرافق التعليمية ذات الأجواء الدعوية المشبوهة.
Seham.t@makkahnp.com