الرأي

ترامب كمان وكمان

شاهر النهاري
سبق وكتبت عن مرشح الحزب الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب، وقد عنونت أحد مقالاتي: (ترامب سينجح.. حتى وإن لم ينجح)، ووضحت كيف أنه قام بنسج الأفكار الغريبة على الفكر الديمقراطي، وهز عقول الشعب الأمريكي، والعالم أجمع بمضمونها غير الديمقراطي، وبالتالي تسطيرها في الفكر الغربي حتى ولو لم ينجح بالرئاسة.

وترامب يردد وعده بعزمه على إعادة الدولة الأمريكية لسابق شموخها واستقرارها من جميع النواحي السياسية، والاقتصادية، والسيادية، مهما اختلف على طرق معالجته للأوضاع الحالية الطارئة.

وفي تطور فجائي خطير في مسار علاقته بالشعب الأمريكي، حدثت مصادمة شديدة الحساسية والمعاني بينه وبين أكبر رمز مسيحي في العالم، حين قال البابا (فرنسيس): إن دونالد ترامب، لا يمكن أن يكون مسيحيا، لأن الذين يتكلمون عن تشييد الجدران بدل الجسور لا يمكن لهم أن يدعوا بأنهم مسيحيون.

وأضاف البابا، والذي كان يتحدث للمسيحيين عند عودته إلى الفاتيكان بعد زيارته للمكسيك: إن ذلك ليس من الإنجيل في شيء، مشيرا إلى (جدار ترامب)، المقترح بناؤه للفصل بين الحدود الأمريكية والمكسيكية، وذلك لمنع الهجرة غير الشرعية (ممن يقول عنهم ترامب بأنهم يجلبون معهم الجريمة والمخدرات لأمريكا).

وقد يترتب على ذلك ترحيل ما يقارب 11 مليون مهاجر مكسيكي من الولايات المتحدة، وإخراج من بالسجون الأمريكية منهم، وإيداعهم في السجون المكسيكية، وفرض كلفة بناء السور والترحيل على حكومة المكسيك!.

وقد كان تدخل البابا صراحة في السباق الرئاسي مستغربا، بحيث اعتمد على مواقف المرشحين الدينية، وهذا لم يكن شأن المسيحية سابقا، والبابا يتمتع بشعبية كاثوليكية كبيرة في أمريكا حيث يتبع 20 % منهم لكنيسته، إلا أن المفارقة العقلية والتصادم ربما يؤديان لتغير النسب.

وبذات الروح الصادمة رد (ترامب) على تصريحاته بقوله: إن البابا سيتمنى لو أن ترامب هو الرئيس الأمريكي عندما يهاجم «تنظيم الدولة الإسلامية» مقر الفاتيكان!.

وقد وصف ترامب نفسه بـ»المسيحي الفخور»، وأضاف: إنه من المخجل أن يشكك زعيم ديني في إيمان شخص ما!.

مفارقة غريبة من وجهة نظر المسيحيين، وقد تشعر جزءا من الشعب الأمريكي بحرج شديد، وقد يتغير رأي جزء منهم، نزولا على رأي البابا، وقد يجعل البعض منهم يزدادون تمسكا بالمرشح ترامب حماية لدولتهم من أخطار محتملة.

والحقيقة أن ما أشار إليه المرشح ترامب من خشيته على العالم المسيحي من داعش، يدل على أنه يلعب بالنار، وأنه لا يجامل أحدا، فإما أن يتمكن من تخويف الجميع بحيث يقتنعون بما يأتي به، أو أن تكون النتيجة عكس ذلك تماما، ومما يصعب على الديمقراطية بشكلها الحالي تقبله.

أنا ما زلت أصر على أن (ترامب سينجح، حتى وإن لم ينجح)، وأنه قد قام فعلا بهز النظام الديمقراطي، وإظهار نقاط الخلل فيه، ليكون مما لا بد منه إجراء تعديلات تشريعية، وتنظيمية، وذلك للحيلولة دون سقوط الديمقراطية، باعتمادها على نهج التسامح الشديد مع المهاجرين، وعدم وجود قوانين لحالات الطوارئ، وربما نرى بعدها تحولا نحو ديمقراطية مستحدثة، تتشكل بعصرية ونهج وروح الواقع، وربما يتم تطبيقها طوعا في كل الدول الديمقراطية، سواء وصل ترامب للرئاسة أو لم يصل.