البيروقراطية.. متاهة في دائرة!
الجمعة / 10 / جمادى الأولى / 1437 هـ - 20:45 - الجمعة 19 فبراير 2016 20:45
وإن كانت لعبة المتاهة تعتمد على الذكاء، وفي أحيان أُخرى تعتمد نظرية (ثورندايك) التعلّم بالمحاولة والخطأ، إلا أنك في النهاية تصل لبرّ الأمان وتخرج من المتاهة، أما في البيروقراطية فإن اللعبة، إضافة إلى أنها رتيبة وغير مسلية، فإنها تكون داخل دائرة، فمتى خرجت من المتاهة ستجد نفسك محاطا بالدائرة، فإما أن تتوقف إلى الأبد، أو تعود بك الدائرة من الجديد لدخول المتاهة.
ولعل أدق تعريف للبيروقراطية هو ما صاغه الزميل مانع اليامي بأنها – البيروقراطية – باختصار: (صبّها ردّها)، وهذه الجملة لها حكايات كثيرة في الذاكرة الجمعية، ربما أبرزها ما يُروى عن شخص يتفنن في صنع القهوة، وكي يثبت للقوم بأنه كييّف – بتشديد الياء نكاية بجمال عاصمة أوكرانيا- فإن هذا الشخص عندما يجهّز القهوة يقوم بصبّها بالفنجان متباهياً بلونها وهي تندلق وتضج رائحتها بالمكان، ثم يردها من جديد، ويعيد صبّها مرة أخرى وهو يشعر بأقصى درجات الزهو، وهكذا بقي يصبها ثم يعيدها حتى بردت القهوة وفقدت نكهتها دون أن يتذوقها أحد!
وحال الشخص (البيروقراطي) صاحب القهوة ينطبق على حالنا في كثير من الوزارات، فوزارة الصحة تعاقب على كرسيها اللاذع أكثر من أربعة وزراء، وكلهم (يصبّون ويردون) في نفس الملف، فما إن نتفاءل بأن القهوة قاب رشفة من شفاهنا، وتتفتح عروقنا استجابة لعبقها، حتى يغادر الوزير وتُرد القهوة، فيأتي خلفه ويغيّر قليلاً من المقادير، ثم (يصبها ويردها) من جديد، وهكذا نخرج من المتاهة لنكتشف أننا في الدائرة، وأن لا حل إلا بدخول المتاهة من جديد.
والأمر ذاته ينطبق على التعليم، فما إن (يضبط كيف المناهج) حتى نكتشف أن البيئة المدرسية أهم، فنرد المناهج، ونصب من جديد (كيف) وضع المعلمين، وهكذا نظل في المتاهة لنخرج إلى الدائرة التي تعيدنا لها مرة أخرى، والأمر ذاته ينطبق على (الحاجة) التي أودت بقلم الأستاذ قينان الغامدي، وهي ذات (الحاجة) التي كتب عنها سماحة السخرية محمد السحيمي سلسلة من المقالات في الأسبوع الماضي، فما زالت الأخطاء الفردية تتكاثر، حتى إن المجتمع فجأة اكتشف خطأ المثل الشهير (الشر يعم، والخير يخص)، وطالب المجتمع بوعي منقطع النظير بأن يكون (الخير يعم، والشرّ له وجه آخر جميل ليس بالضرورة أن تراه)، ولهذا راودني سؤال بريء حتى وإن ثبتت إدانته: ماذا لو اقترحت أن تدمج وزارة الحج مع وزارة الشؤون الإسلامية؟ بغض النظر عن وجاهة السؤال فأجزم أنه لن يثير أحدا ليتهمني بأنني أريد تعطيل ركن من أركان الإسلام، لكن لو استبدلت الوزارة باسم (الحاجة إياها) فسأدخل نفسي – بيدي لا بيد عمرو المحتسب- بمتاهة الدائرة من جديد، ولأصبحت صانعا لـ(صبّها.. ردّها)، وأنا أعترف أنني لا أجيد صنع القهوة، وفي أحسن الأحوال أنا (نادل) جيّد للقراء لا أكثر!
ولعل أدق تعريف للبيروقراطية هو ما صاغه الزميل مانع اليامي بأنها – البيروقراطية – باختصار: (صبّها ردّها)، وهذه الجملة لها حكايات كثيرة في الذاكرة الجمعية، ربما أبرزها ما يُروى عن شخص يتفنن في صنع القهوة، وكي يثبت للقوم بأنه كييّف – بتشديد الياء نكاية بجمال عاصمة أوكرانيا- فإن هذا الشخص عندما يجهّز القهوة يقوم بصبّها بالفنجان متباهياً بلونها وهي تندلق وتضج رائحتها بالمكان، ثم يردها من جديد، ويعيد صبّها مرة أخرى وهو يشعر بأقصى درجات الزهو، وهكذا بقي يصبها ثم يعيدها حتى بردت القهوة وفقدت نكهتها دون أن يتذوقها أحد!
وحال الشخص (البيروقراطي) صاحب القهوة ينطبق على حالنا في كثير من الوزارات، فوزارة الصحة تعاقب على كرسيها اللاذع أكثر من أربعة وزراء، وكلهم (يصبّون ويردون) في نفس الملف، فما إن نتفاءل بأن القهوة قاب رشفة من شفاهنا، وتتفتح عروقنا استجابة لعبقها، حتى يغادر الوزير وتُرد القهوة، فيأتي خلفه ويغيّر قليلاً من المقادير، ثم (يصبها ويردها) من جديد، وهكذا نخرج من المتاهة لنكتشف أننا في الدائرة، وأن لا حل إلا بدخول المتاهة من جديد.
والأمر ذاته ينطبق على التعليم، فما إن (يضبط كيف المناهج) حتى نكتشف أن البيئة المدرسية أهم، فنرد المناهج، ونصب من جديد (كيف) وضع المعلمين، وهكذا نظل في المتاهة لنخرج إلى الدائرة التي تعيدنا لها مرة أخرى، والأمر ذاته ينطبق على (الحاجة) التي أودت بقلم الأستاذ قينان الغامدي، وهي ذات (الحاجة) التي كتب عنها سماحة السخرية محمد السحيمي سلسلة من المقالات في الأسبوع الماضي، فما زالت الأخطاء الفردية تتكاثر، حتى إن المجتمع فجأة اكتشف خطأ المثل الشهير (الشر يعم، والخير يخص)، وطالب المجتمع بوعي منقطع النظير بأن يكون (الخير يعم، والشرّ له وجه آخر جميل ليس بالضرورة أن تراه)، ولهذا راودني سؤال بريء حتى وإن ثبتت إدانته: ماذا لو اقترحت أن تدمج وزارة الحج مع وزارة الشؤون الإسلامية؟ بغض النظر عن وجاهة السؤال فأجزم أنه لن يثير أحدا ليتهمني بأنني أريد تعطيل ركن من أركان الإسلام، لكن لو استبدلت الوزارة باسم (الحاجة إياها) فسأدخل نفسي – بيدي لا بيد عمرو المحتسب- بمتاهة الدائرة من جديد، ولأصبحت صانعا لـ(صبّها.. ردّها)، وأنا أعترف أنني لا أجيد صنع القهوة، وفي أحسن الأحوال أنا (نادل) جيّد للقراء لا أكثر!