الرأي

المشاركة السعودية في سوريا: الفرص والتحديات

فايد العليوي
ما هي الفرص والمكاسب التي من الممكن أن تتحقق بمشاركة قوات سعودية خاصة في سوريا لمحاربة تنظيم داعش؟ وفي المقابل ما هي المخاطر والتحديات التي من الممكن أن تواجه القوات السعودية الخاصة في سوريا؟

قبل أن نناقش الفرص والتحديات ينبغي أولا أن نستعرض العقيدة العسكرية السعودية، ليس من الجانب النظري للعقيدة العسكرية بل من الجانب العملي بالنظر إلى التاريخ العسكري للقوات السعودية. فمن يقرأ تاريخ المشاركات العسكرية السعودية بداية منذ حرب 48 مرورا بحروب فلسطين ولبنان 75م وانتهاء بأزمة الكويت والمشاركة في الصومال 94م، يجد أن المشاركة السعودية يحكمها الحذر وتجنب الاشتباك المباشر بمسرح عمليات تقليدي خارج حدود الوطن. ففي 48 وضعت القوات السعودية 1500 جندي تحت القيادة المصرية ورابطت في غزة التي لم تكن تحت الاحتلال ذلك الحين، والمشاركة في 73 اقتصرت على الإسناد والدعم المعنوي بعيدا عن الاشتباك المباشر. أما المشاركة في لبنان 75م فكانت رمزية وتحت غطاء الجامعة العربية وما يعرف باتفاق الرياض، ومثلها كذلك المشاركة في الصومال التي كانت هي الأخرى مشاركة رمزية. وحتى في حرب الكويت القوات السعودية كانت مكلفة بحماية الحدود مع الكويت المحتلة آنذاك.

بالتالي يمكن أن نقول إن عملية إرسال قوات خاصة لسوريا هي عملية عسكرية ذات هدف سياسي. فالمشاركة بقوات خاصة يعد من الناحية العسكرية عملية نوعية وليست تقليدية، حتى على مستوى الأهداف وحجم القوات ومراكز الانطلاق ستكون الأمور غير تقليدية وستعتمد بشكل كبير على أبناء تلك المناطق المؤيدين للثورة. فقد جاء تصريح المتحدث العسكري السعودي بأن «المشاركة ستكون بقوات خاصة» وليس بقوات تقليدية، أي ربما بكتائب كوماندز تقوم بتمشيط المناطق بعد القصف الجوي بعيدا عن الاشتباك المباشر أو الدخول بحرب شوارع داخل المدن.

الفرص في هذه العملية تتمثل في أنها ستكون تحت غطاء دولي ونيابة عن قوات المعارضة التي أرهقت بالقتال مع الميليشيات الشيعية وقوات النظام والتي بطبيعة الحال لا تستطيع فتح جبهتين ضد داعش والنظام في آن معا. كما أن المساحة التي يسيطر عليها التنظيم تشكل 50 % من مساحة سوريا فيما يتشارك النظام والمعارضة والأكراد بالنصف الباقي. وحتى وإن كانت الـ50 % لا يوجد فيها محافظات مهمة كحلب وحمص وغيرها إلا أن المساحة تظل ذات أهمية قصوى سيما وأنها ستصبح منطقة آمنة ومن الممكن أن تكون مأوى للنازحين ومركز انطلاق وتعزيز وإسناد قوات المعارضة فيما بعد.

ومعظم القبائل الموجودة في تلك المناطق مثل النعيم وبني خالد وعنزة وشمر والعقيدات هم مخزون بشري كبير وله صلات قوية بالحكومة السعودية ولم يتكبد خسائر على مستوى الأرض والبشر. بالتالي من الممكن أن تغير مجمل هذه الفرص موازين القوى لصالح المعارضة.

أما في المقابل فتتلخص التحديات في عدة نقاط أهمها أن المنطقة مكشوفة بين داعش العراق والميليشيات الشيعية وقوات النظام والطيران الروسي، مع غياب نقطة انطلاق استراتيجية قريبة سواء من الأردن أو تركيا، فضلا عن غموض وتلكؤ الأمم المتحدة والولايات المتحدة فيما يتعلق بحل الأزمة السورية. فلا توجد ضمانات بعدم انقضاض النظام وحلفائه على هذه المناطق من جديد سيما مع التقاعس الدولي المتعمد، أو دعم داعش من قبل إيران وحلفائها في العراق.

السعودية برأيي تريد من هذا العرض ضرب عدة أهداف سياسية بالدرجة الأولى أهمها إجبار الولايات المتحدة للتحرك دوليا وإصدار قرار جديد يغير من الوضع القائم في سوريا.

ثانيا: كسر الحظر الدولي على تسليح المعارضة وتقديم الدعم اللوجستي لها.

ثالثا: سحب فزاعة داعش والإرهاب من النظام التي يلوح بها أمام المجتمع الدولي وإجباره على تقديم تنازلات سياسية.

رابعا: إرسال رسالة لأنصار داعش في الداخل بأن السعودية قادرة على مهاجمة داعش الأم في عقر دارها، سيما بعد موجة تفجير المساجد التي هبت منذ العام الماضي، والتي تمثل تحديا كبيرا للحكومة السعودية.

خامسا: التأثير المعنوي للعرض والذي يمثل رسالة لإيران وتدخلها السافر في سوريا.

fayed.a@makkahnp.com