الرأي

الخصوصية البشرية

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
أظن أن أكثر كلمة يسمعها المخلوق السعودي ـ بنوعيه الذكري والأنثوي ـ هي كلمة «خصوصية»، وأصلها «خصص» وفي لسان العرب: خصصه أو اختصه بالشيء أي أفرده به، وهي غير الخصاصة التي تعني الفقر. وغير التخصيص أو الخصخصة والتي تعني الفقر أيضاً ولكن بشكل آخر!

والخصوصية السعودية شملت كل شيء تقريبا، حتى اقتنع بعض السعوديين أنهم شعب يختلف عن كل شعوب الأرض، وذهب بعض الغلاة منهم إلى الشعور بأنهم يختلفون عن البشر.

وعدم احترام خصوصية «الآخرين» هي من أبرز ما يمكن اعتباره خصوصية سعودية خالصة، وهذه مفارقة لغوية لطيفة، فحياة الآخرين وتصرفاتهم الشخصية حتى داخل أسوار بيوتهم هي حق مستباح في نظر كثيرين يرون أن من حقهم الحديث عنها ومناقشتها والاعتراض عليها.

محتويات جوالك الخاصة يمكن أن يفتشها أي موظف في الهيئة ـ أعني بالطبع موظف هيئة حماية الحياة الفطرية أو هيئة الاتصالات ـ بغض النظر عن موضوع القضية أو المشكلة التي ساقته إليك!

قنوات التلفزيون التي تشاهدها، ونوعية الكتاب الذي تقرأه، ونوع الفن الذي تحبه، واللباس الذي ترتديه، كلها أشياء يجد أفراد في المجتمع أن من أبسط حقوقهم أن يختاروا لك ما يريدون منها، وأن يمنعوك عما لا «يناسبهم»، وأحيانا المطالبة بعقابك حين تخالف اختياراتهم في الحياة ـ إن صحت التسمية.

وعلى أي حال..

الأمر ليس سيئا إلى حد مأساوي، فكثيرون أيضا سعداء بأن هنالك من يختار لهم أسلوب حياتهم، وبأن هنالك من يتدخل في تفاصيل حياتهم، ويحدد لهم ماذا ومن يحبون، وماذا ومن يكرهون، وهذه خصوصية سعودية هي الأخرى!

algarni.a@makkahnp.com