الرأي

هوامش على لائحة الأندية الأدبية

صالح زياد
تكاد الأندية الأدبية (16 ناديا) تستبد بجهد وزارة الثقافة والإعلام في شأن الثقافة إلا أقله، وأقله هذا يذهب جزء منه إلى إشراف الوزارة على المكتبات العامة، وعددها (84 مكتبة) ورثت معظمها جاهزة تقريبا عن وزارة المعارف التي كانت تشرف عليها قبل تعديل اسمها وإلحاق الثقافة بوزارة الإعلام. والجزء الآخر إلى الإشراف على جمعية الثقافة والفنون (12 فرعا) الموكول إليها عديد المناشط الثقافية في شأن المسرح والموسيقى والفولكلور والفن التشكيلي وغيرها. والاستبداد الذي تمثله الأندية الأدبية

لا ينحصر في حظوتها المادية قياسا على باقي قطاعات الثقافة، بل يجاوزها إلى استئثار الأندية بكثير من الجهد الإداري والمعالجة للنزاعات بين المنتسبين إليها وبينها وبين الوزارة حول هويتها وعضويتها وانتخابات مجالسها وباقي الملامح المنظمة لعلاقاتها.

الجدل حول لائحة الأندية الأدبية استغرق سنوات، وهو لم يطل ويتعقد في غالبه إلا لسببين: أولهما شرط العضوية العاملة في النادي؛ ذلك أنها مطمح عدد كبير ومدعاة صراع على الغلبة بين تيارات متصارعة فكريا. وإلى ذلك، فإن الصفة الأدبية والثقافية التي يعرف بها النادي تتيح لكثيرين ادعاءها بأسباب مختلفة. والثاني: رغبة الوزارة في إحكام سلطتها ورقابتها على وجهة النادي وتكوينه؛ تلك السلطة التي كان تعيين الوزارة لمجالس الأندية مدعاة نزاع معها، ثم كان الانتخاب مثار اتهامات بين أعضاء الأندية وبينها وبين الوزارة، من دون أن يبرح الأمر في الحالين: التعيين والانتخاب عن التجاذب حول استقلالية الأندية التي كانت مصطرع الرأي حتى بين أعضاء الأندية أنفسهم.

كيف يمكن للائحة الأندية الأدبية أن تشرط العضوية العاملة في الأندية شرطا معياريا قابلا للقياس يحد من كثافة الطلب لها ويصنفه موضوعيا بحسب اختصاص النادي وصفته؟! انتهت اللائحة في صيغتها التي اعتمدها معالي الوزير الأسبوع الماضي، إلى أن «يتوافر في العضو العامل أحد الشرطين التاليين: أ- أن يكون حاصلا على مؤهل علمي يتصل باللغات وآدابها. ب- أن يكون قد أصدر كتابا أدبيا مطبوعا أو أكثر، على أن يكون مفسوحا نظاما». والشرط الأول لا يحقق صفة أدبية أو ثقافية إلا على سبيل الافتراض، وهو افتراض كان ينبغي أن يتساوى مع تصور مماثل أو أكثر مساسا بالأدب والثقافة عند المختص في علم اجتماع الثقافة أو الأدب أو اللغة أو المعرفة، والأنثروبولوجيا، وتاريخ الحضارة والثقافة، وعلم النفس الأدبي أو الإبداعي أو اللغوي أو الثقافي... إلخ. ولذلك لم يكن لهذا الشرط أي ضرورة، بل أكثر من ذلك هو شرط قد يفقد العضوية علاقتها الإنتاجية بالأدب والثقافة، ويؤدي إلى حشد انتخابي مناهض للمقصد الأدبي والثقافي كليا.

حري بالوزارة أن تتدارك الأمر، فتلغي شرط المؤهل العلمي نهائيا، وإذا ألغت الوزارة هذا الشرط من اللائحة فلن يبقى إلا امتلاك العضو لإصدار أدبي. لكن الإصدار الأدبي قد يكون محددا حين يكون ديوانا شعريا أو رواية أو مجموعة قصصية مثلا، أما إن كان حديثا عن الأدب فإنه يفتح الباب واسعا لما هو لصيق بالأدب وجزء من خطابه وهو النقد الأدبي والدراسات الأدبية والثقافية ذات الصفة المنهجية، ولما هو من طراز المقالات الانطباعية والإيديولوجية للأدب التي تمدح أو تقدح أو تستشهد بالأدب لغاية غير أدبية أو ثقافية، أو غير معرفية بإطلاق.

لا بد من أن يحرص الأدباء والمثقفون وتحرص الوزارة على ألا تنحرف الأندية عن غايتها في الاختصاص بالأدب والثقافة. وهو حرص أيضا على ألا تقع في يد غير الأكفاء أدبيا أي غير ذوي الهم الأدبي والثقافي على النحو الذي يكرس النادي لمجاملات ومحسوبيات ظهر أثرها واضحا في ضعف مطبوعات بعض الأندية وملتقياتها. ومن المبرر تماما ـ ما دام الأمر كذلك - أن يكون قرار الموافقة على طلب العضوية بيد لجنة نزيهة معينة لهذا الغرض، ومثله في المعقولية فكرة النقاط المجموعة للحصول على العضوية والترشح لمجلس الإدارة.