العالم

محطات في مسيرة داعش نحو الحوكمة

u0647u0627u0631u0628u0648u0646 u0645u0646 u0639u0646u0641 u062fu0627u0639u0634 u064au062au062fu0641u0642u0648u0646 u0628u0627u062au062cu0627u0647 u0623u0648u0631u0648u0628u0627 (u0623 u0628)
لا تشكل محاولات المتطرفين إنشاء ولايات أو فرض حكمهم على الأراضي ظاهرة جديدة، فحتى بالنسبة لداعش هذه هي محاولته الثانية لتأسيس دولة وفرض حكمه على الأراضي التي يسيطر عليها. ووفقا لتقرير من معهد واشنطن للدراسات فإن ما يميز التنظيم هذه المرة هو مستوى التخطيط والتطور والقدرات التي يتمتع بها، مقارنة بما كان يمتلكه قبل عشر سنوات.

الدولة الأولى

1 في أكتوبر 2006 عندما تم الإعلان عن داعش بايع زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبوأيوب المصري (المعروف أيضا بأبوحمزة المهاجر) أبو عمر البغدادي الذي نصب نفسه زعيما.

2 وفي كتاب صدر في يناير 2007 شرح عثمان التميمي من داعش الأساس المنطقي لإعلان الدولة، وحدد أيضا مسؤوليات الدولة تجاه المناطق التي تسيطر عليها، وهي: ملاحقة المجرمين والمذنبين، وتنفيذ الحدود، والتوسط وحل النزاعات، وتوفير الأمن، وتوزيع المواد الغذائية والإغاثة، وبيع النفط والغاز.

3 على الرغم من أنه أطلق على نفسه اسم دولة، لم يسيطر داعش إلا على أراض صغيرة ولفترات زمنية محدودة، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى الاحتلال العسكري الأمريكي، ولكن أيضا بسبب التمرد والمنافسة بين العشائر على السلطة.

4 حاولت هذه «الدولة» أن تظهر غطاء من الشرعية من خلال إنشاء مجلس وزارات في أبريل 2007 وسبتمبر 2009، ولكن بسبب القيود التي واجهت داعش في العراق كان من شبه المستحيل تسوية النزاعات وتوفير الأمن وتوزيع المواد الغذائية والإغاثة أو بيع النفط والغاز. وبدلا من ذلك تراجعت عن معظمها إلا عن إقامة أنشطة الحسبة وتشريع الاستهداف والقتل.

5 قبل عشر سنوات لم يرق «داعش في العراق» إلى المعايير الخاصة به للتميز في الحوكمة، فقد قتل وخطف قادة من الحلفاء السابقين، مثل «الجيش الإسلامي في العراق» و»أنصار السنة» وغيرهما من الفصائل المتمردة، لأنهم كانوا غير مستعدين لمبايعة البغدادي.

6 فرض «داعش في العراق» ارتداء النقاب وأحرق صالونات التجميل ومحلات بيع الأشرطة الموسيقية، وجلد الأفراد الذين يدخنون السجائر، وحظر استخدام الحلاقين لشفرات الحلاقة الكهربائية، وكذلك حظر الخبز المحلي (الصمون) واستخدام الثلج.

نحو دولة ثانية

بما أنه تمت هزيمة «داعش في العراق» من الناحية التكتيكية فقط وليس من الناحية الاستراتيجية، فقد استخدمت هذه «الدولة» الانسحاب الأمريكي الذي انتهى في ديسمبر عام 2011، والشكاوى من نظام نوري المالكي في بغداد، والأهم من ذلك ساحة المعركة المجاورة في سوريا، لإعادة بناء بنيتها التحتية وقدراتها.

وقبل اندلاع النزاع الداخلي الذي بدأ في يناير 2014 بين تنظيم داعش والثوار والإسلاميين والفصائل الأخرى في سوريا، كان ثمة تفاهم بين مختلف القوات الثائرة ضد نظام الأسد. ونتيجة لذلك تمكن داعش من ترسيخ موقعه داخل الائتلاف المناهض للأسد الأوسع نطاقا حتى في ظل تحفظ الفصائل الأخرى تجاهه، على عكس الوقت الحالي، حيث يعتبر التنظيم منبوذا.

منذ أبريل 2013 وحتى يناير 2014 انصب التركيز الرئيسي لداعش على تقديم نفسه بصورة إيجابية للشعب السوري من خلال منتديات الدعوة وتوفير الخدمات. كما نظم حملات شرطة أخلاقية أكثر ليونة، مثل حرق السجائر أو مصادرة الكحول، ولكن على غرار ما حدث قبل عقد من الزمن قتل التنظيم أيضا قادة آخرين من الفصائل السورية الثائرة، مما دفع إلى قيام رد فعل عنيف. فقد تم إخراج داعش من محافظات اللاذقية وإدلب وأجزاء من محافظة حلب بين يناير ومارس 2014.

وأدى ذلك إلى توحيد التنظيم للأراضي بشكل مستقل نحو الشرق في محافظة الرقة وأجزاء من محافظة دير الزور. وفي ذلك الوقت بدأت العقوبات الأكثر قسوة في الظهور، مثل قطع الأيدي بسبب السرقة أو صلب المرتدين المزعومين. وفي هذه الفترة سعى التنظيم أيضا إلى أن يبدو وكأنه كيان شبيه بالدولة، عبر الافتخار بأقسامه الإدارية المختلفة، بما في ذلك مكاتب الدعوة الخاصة به والمحاكم الشرعية والمدارس الدينية ومراكز الشرطة والبلديات المحلية وغيرها. وقد كانت تلك العملية غير متساوية ما بين أنحاء ولايات التنظيم حتى إعلانه الخلافة في يونيو 2014، حين غيّر التنظيم اسمه مرة أخرى.

الدولة الثانية

منذ ذلك الحين ظهر نمط معين من المحاولات الرئيسة التي عمل عليها التنظيم للتوسع أو السيطرة على أراض جديدة وتعزيز سيطرته عليها، فالمنهجية التي يتبعها التنظيم في جعل هيكلته في الحكم تستند على نظام محدد ووفق تدابير إدارية محددة تتسم بالطابع الرسمي، وتسمح له بالعمل باستمرار وبشكل متواز في جميع أنحاء ولاياته المختلفة. ويمكن تطبيق هذا النموذج من الحكم أيضا في الإقليم الأساسي الخاص به في العراق وسوريا، فضلا عن مختلف المحافظات الأخرى.