الرأي

استقدام معلّم أحمق!

فهيد العديم
تورط معلم من جنسية عربية بتشكيل عصابة من طلابه لممارسة السطو المسلح على عدد من المحلات التجارية في جدة، حسب صحيفة عكاظ، وقبضت الجهات الأمنية على العصابة، انتهى الخبر.. لكن دعونا نحاول قراءة ما وراء الخبر، أول ما يُلفت في الخبر أن المعلم من جنسية عربية وليس سعوديا، وهنا نلتفت كالملدوغ لوزارة التربية: هل ما زلنا نستعين بجنسيات غير سعودية في التعليم رغم أن خريجي الجامعات ما زالوا يحدّثون بياناتهم ببرنامج حافز، وحملة الدكتوراه ما زالوا يغردون في هاشتاق #حملة_الدكتوراه_يناشدون_سلمان؟

سنحسن الظن ونقول إن هذا المعلم في تخصص دقيق ونادر، ولا يوجد سعوديون في التخصص نفسه، وأن هذا الوافد عقلية عظيمة أغرته الوزارة وانتزعته من بين فكّي هارفارد، لكن حتى لو أردنا أن نحسن الظن فإن هذا المعلم (أحمق)، وفشل حتى في أن يكون رئيس عصابة جيدا، فالطريقة البدائية التي قاد بها عصابة المراهقين أثبتت أنه (معلم)- بتسكين الميم- أحمق فشل في أن يعلّم طلابه أن يكونوا أسوياء، وفشل في أن يجعلهم أعضاء عصابة جيدين، فمثل هذا ما الداعي لاستقدامه ونحن لدينا المئات من المؤهلين علميا أفضل منه، بل وحتى لدينا العشرات من رؤساء العصابات أفضل منه!

سألت أحد الثقلاء عن السر في حبنا (والشوق فاضح.. وفي ملامحنا من اللهفة ملامح) للوافد في مجال التعليم، فعدّل جلسته وقال: بالنسبة للتعليم العام فإن التعليم الحكومي شبه مكتف، أما التعليم الخاص فإنه يعاني من تسرّب السعوديين لسبب بسيط وهو أن التعليم الخاص يعطي رواتب أقل بكثير مما تعطيه الحكومة، ولهذا متى وجد عرضا جيدا غادرهم، ولهذا فإن السعودي غير مرغوب فيه لأنه – بغباء- يقبل العرض الجيد، ولا يوجد لديه ولاء للمؤسسة التي تدفع له أقل.

ثم نظر إلي شزراً (لا أعرف معنى الكلمة بالتحديد، ولكن نظرته أوحت لي أنها الكلمة المناسبة) وأردف: (جيل تعبان يا ولدي)، ثم ابتعدت عنه قليلا لظروف إنسانية بحتة وقلت له: طيب والتعليم العالي؟ فانتفض: (شفيييك أنا جايك في الكلام)، حاولت أن أحتفظ بدرجات حرارة وجهي مقاوما جرأته و»المربعانية» معا.. وواصل: في الجامعات عندما تكون نسبة السعوديين قليلة جدا مقارنة بعدد الأجانب، فإن السعودي يُصرف له بدل ندرة، مع كلمة ندرة شعرت بصدى قوى يتردد بإذني: نُدرة..نُدرة.. فتخيلت أن السعودي أصبح فعلا نادرا في وطنه، وستكون وقتها (الهيئة السعودية للحياة الفطرية) هي المسؤولة عنه، وتخيلتني ظبيا أنيقا في محمية محازة الصيد الفائزة بجائزة أفضل محمية في الخليج.

وفجأة شتت الثقيل خيالاتي الرشيقة بلكزةٍ مؤلمة وصرخ: أفهمت ما أقول؟ رددت بارتباك: ليس تماما، هل من الممكن أن تشرح لي أكثر.. لم أشعر إلا وأنا ممسك بطرف شماغي وسؤاله يتردد: أنت مين خرّجك؟ فرددت دون أن ألتفت: رئيس العصابة يا أستاذ!

fheed.a@makkahnp.com