الرأي

اسحب الجوال!

يمين الماء

عبدالحليم البراك
في قصة مدرسية قديمة وحقيقية، قام أحد الطلاب بالغش، لم يكن يكتب ما غشه في ورقة صغيرة كما هو معتاد، بل كتب نصف المنهج على لباسه الداخلي، وإذا أراد أن يقرأ، ألصق ثوبه بلباسه فسهلت عليه القراءة، وإن حضر المعلم أبعد الثوب عن فخذه فصعب اكتشافه، اكتشفت هذه الحيلة، وأرسل الطالب للإدارة وألغي اختباره هذا، المشكلة التي واجهت إدارة المدرسة في إثبات القضية؛ هي كيفية «تحريز» أداة الغش وإرفاقها مع محضر الواقعة، بعضهم اقترح أن يحضروا له لباسا داخليا بديلا وأخذ اللباس الحالي، وإرفاقه مع المحضر، آخرون يرون الاكتفاء بقص منطقة الكتابة وإرفاقها بالمحضر، حفاظا على سلامة بصر المسؤول من التلوث من المرفقات! «وخلاصة تلخيص ملخص الخلاصة» في هذه الحادثة هي (تحريز ما هو مرتبط بعلاقته بالقضية).

نأتي لنظرة أخرى معاكسة تماما، هل يحق للجهة التنفيذية تحريز أي شيء وكل شيء سواء له علاقة بالموضوع أم لا؟ وسواء شبهة أم مسرح جريمة؟ (هذه الأسئلة تأخذ جانبين أحدهما قانوني والآخر أخلاقي)، فمن غير المعقول في كل حادثة أن يتم تحريز (الجوال) تحديدا، سواء قضية قطع إشارة، أو اختلاس، أو خلوة أو غيرها، والذي يظهر أن الهاتف (الجوال) نقطة مستهدفة في حالات التنفيذ سواء له علاقة بالموضوع أو ليس له علاقة، وإبقاء الهاتف الجوال لدى الجهة التنفيذية (وليس الادعاء العام) أكثر من لحظات التوقيف يدل على أن الجوال وما فيه (في نظر جهة التنفيذ) أهم من المقبوض عليه، فهو غنيمة باردة تغني من تحريات وفزعات!

بل المقرر أن الجهات المختصة أصدرت قرارا بمنع تفتيش الهواتف الجوالة للمقبوض عليهم للكشف عن محتوياتها إلا في حالة التلبس بجريمة، وفقا لما نص عليه نظام الإجراءات الجزائية طبقا للمواد (41، 42،45).

بقي أن أذكركم بمشهد من مسرحية عادل إمام في «شاهد ما شافش حاجة» عندما طلب منه البوليس أن يخلع البنطلون لوجود أثر دم عليه، فقال «نقلع مع بعض» ثم قال «اقلعوا أنتم وبعدين أقلع أنا» وهنا أقول لجهة التنفيذ أعطوني جوالكم وأعطيكم جوالي وإلا فلا، فما في جوالي لا يزيد عما في جوالاتكم أيضا!

albarrak.a@makkahnp.com