الرأي

هل غادرت الإنسانية بلداننا؟!

نبض

عصام موسى
مرت جنازة برسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لها، فقيل إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفسا، (رواه البخاري ومسلم)، وقال الله تعالى «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»: المائدة آية 32.

آيات وأحاديث كثيرة تجعل من هذا الدين دين الحق والعدل، ومن أتباعه حاملي لواء الإنسانية والتعاطف والرحمة، لكن الواقع والحقيقة يقولان إننا نقترب حينا ونبتعد أحيانا من تلك الغاية النبيلة.

وسأتوقف هنا أمام صورتين أولاهما من اليونان - وتحديدا من مباريات الدوري اليوناني - حيث امتلأ الملعب عن آخره، واستعد اللاعبون لانطلاق المباراة، وأطلق الحكم صافرته، وبدلا من أن تبدأ المباراة فوجئ الجميع بجلوس لاعبي الفريقين على الأرض كل في مكانه، واحتار الحكم وصمت الجمهور، واستمر هذا المشهد المثير للدهشة دقيقتين كاملتين، ثم قام اللاعبون وابتدأت المباراة.

لاعبو الفريقين توقفوا عن اللعب وجلسوا على الأرض حدادا واعتراضا على عودة ظاهرة القوارب الغارقة أمام الشواطئ اليونانية، بعد غلق الحدود الأوروبية وعودة اللاجئين السوريين ليلقوا مصيرهم الذي أجبروا عليه كغذاء لحيتان البحر.

لم يتوقف الأمر على اليونان، لتأتي الصورة الثانية من إسبانيا، ففي الرابع من فبراير 2012، وفي مباراة برشلونة مع فريق ريال سوسيداد في الدوري الإسباني، ومع بداية المباراة وقف اللاعبون دقيقة حدادا على ذكرى ما يسمى مذبحة بورسعيد التي قضى فيها 74 مشجعا، في مباراة بين فريقي الأهلي والمصري في مدينة بورسعيد المصرية عام 2012 في نفس اليوم، أي منذ أربع سنوات كاملة.

الغريب أن تلك الحوادث التي اهتز لها الغرب لم تجد صدى في بلداننا العربية، لم نقف أمامها أو لها ولو دقيقة واحدة حزنا أو تذكرة، رغم أن ضحايا تلك الحوادث كانوا منا، من أولادنا، لم تتوقف مباراة واحدة على طول بلداننا وعرضها.

أعلم أن الوقوف دقيقة أو دقيقتين حزنا أو مواساة لفريقين لن يغير من مصير من رحلوا غرقا أو قتلا، ولكن وقبل كل شيء قد يرسل إشارة لقيم الإنسانية، أن لا ترحلي من بلداننا!

essam.m@makkahnp.com