معرفة

بعثة دنماركية لجزيرة العرب تحذر أفرادها من التطاول على الدين

u0641u0631u064au062fu0631u064au0643 u0627u0644u062eu0627u0645u0633
كلف ملك الدنمارك والنرويج فريدريك الخامس في «1760م - 1174هـ» خمسة من المتخصصين في مجالات علمية مختلفة برحلة إلى الجزيرة العربية، وهم:
  1. هافن - دنماركي - متخصص في الآداب الشرقية.
  2. فورسكال - سويدي وعالم الفيزياء.
  3. كارستن نيبور - ألماني متخصص في الرياضيات ورسم الخرائط.
  4. كرتيان - دنماركي - طبيب.
  5. برونفيند دنماركي - رسام.
وكان الغرض من هذه الرحلة استكشاف الأماكن المجهولة من الجزيرة العربية، وتزويد الدارسين في الجامعات الأوروبية بما يحتاجون إليه من معلومات تخص المشرق العربي عامة والجزيرة العربية خاصة، ولعل من أهم أهداف الرحلة تتبع بعض الكلمات العربية أو العبرية أو غيرهما من اللغات الشرقية الواردة في التوراة والإنجيل وتوثيقها، إضافة إلى الاهتمام بالمواقع والمعالم التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة، والدراسات التي تناولتها.

وكان لكل واحد من الخمسة المذكورين دور أنيط به، على أن يعمل جميع أعضاء البعثة بشكل تكاملي فيما يخدم غرض الرحلة الأساسي وهو البحث العلمي.

وقبل انطلاق الرحلة من الدنمارك متوجهة إلى استانبول التركية، كُلف السيد ميكايلس من الملك فريدريك، برسم خطة للبعثة، ووضع منهج للرحالة للسير عليه، إلا أنه وقبل أن يضع الخطة، وحتى يستطيع أن يرسم الإطار العام للبحث بطريقة علمية، نشر عدة مقالات في الصحف الأوروبية، يطلب فيها من الباحثين والمهتمين بمثل هذا النوع من الدراسات أن يقدموا نصائحهم حول المواقع التي يجب زيارتها، وفعلا قدمت له العديد من الآراء والأبحاث حول الموضوع، كان من أهمها ما قدمته أكاديمية الكتابات المقدسة والفنون الجميلة في باريس.

وضمن توجيهات الملك فريدريك الخامس اجتمع السيد ميكايلس بعدد من العلماء قبل أن يضع خطته للرحلة، وقدم إليه خلال ذلك 100 سؤال طرحها عليه بعض الدارسين لتقديمها لأعضاء الرحلة لعلهم يوفقون في الإجابة عليها خلال رحلتهم منها ما يتعلق بنباتات الجزيرة العربية، وبعض العادات فيها، وبعض الأسئلة الطبية، وبعض المعالم والمواقع التاريخية، والأطعمة التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة وهل ما زالت معروفة في مدن الجزيرة، والروايات عن بعض الغرائب التي وردت في التوراة، ومعادن الجزيرة، والختان وفوائده وأهميته، وطرق الخصي المستخدمة في البلاد العربية، وغير ذلك من الأسئلة المتنوعة، منها ما هو علمي بحت، ومنها ما هو من التخيلات التي وضعها بعض الدارسين ولا إجابة لها.

ونتيجة لما قام به ميكايلس من دراسات، وما قُدم إليه من استفسارات وضع الخطة العامة للرحلة والتي قُدر لها أن تستغرق ثلاث سنوات، وتمت بموافقة السلطات العثمانية، حيث أرسل مندوبا إلى السلطان لأخذ الإذن لمرور البعثة عبر البلاد التي تخضع للنفوذ العثماني، ولعل هذا الأمر مميز لهذه الرحلة، حيث كانت معظم رحلات الرحالة الأوروبيين للوصول إلى الجزيرة العربية، وخاصة منطقة الحجاز تتم بسرية وتكتم شديدين.

وضمن الخطة التي وضعت للبعثة، والتي تشمل 43 فقرة، نجد بعض التعليمات التي اقترحها بعض العارفين بأحوال البلاد العربية، منها عدم مهاجمة الدين الإسلامي، والابتعاد عما يثير غضب المسلمين، وأن من يقع في ورطة نتيجة لقيامه بتصرف غير لائق سيواجه مصيره وحده، دون أي تدخل من أعضاء البعثة الآخرين.

وحثت التعليمات أعضاء البعثة على شراء المخطوطات التي تتعلق بالتاريخ الطبيعي، والجغرافيا، والمخطوطات القديمة للكتاب المقدس بالعبرية أو اليونانية أو العربية، والمعاجم، إضافة إلى كتب الطب، خصوصا الدراسات العربية حول مرض الجدري، مع عدم الالتفات إلى كتب الشعر والأدعية.

كما حثت هذه التعليمات أعضاء البعثة على كتابة يومياتهم بأسلوب واضح ومفهوم لا يحتاج إلى تفسير حتى يفهمها كل من يقرؤها، ومن ثم إرسالها مع المسافرين إلى أوروبا باستمرار، خوفا من ضياعها بسبب الوفاة، أو غير ذلك من الأسباب التي يتعرض لها المسافرون، وأعطيت أوامر لرؤساء الأساطيل البحرية الدنماركية، بنقل النماذج المأخوذة للأزهار والنباتات والبذور، والمرجان البحري والأصداف وغيرها من قبل أعضاء البعثة، ونقلها إلى الدنمارك أولا بأول.

وبعد أن تلقى أعضاء البعثة التعليمات التي وضعت لهم، غادروا الدنمارك سنة 1761م، متوجهين في رحلة طويلة للوصول إلى الجزيرة العربية.

makkawi@makkahnp.com