الرأي

رجل الأعمال صفر اليدين

عندما لا تكون ممن لديهم اطلاع كاف بسوق المال والتجارة -مثلي- فستبحث عن معلومات في هذا المجال، وعن أبرز التجار ورجال الأعمال في المنطقة، كل ذلك ستجده في الانترنت بشكل عام.

بحثت.. قليلا.. وتوقفت عن البحث الذي كنت أنوي أن أتعمق به، ولكني توقفت وبدأت أتساءل ماذا يفعل هؤلاء التجار ورجال الأعمال بهذه الثروات؟!

طبعا الأرقام كبيرة جدا -أرقام حجم الثروات - والأسماء معروف بعضها، وبعضها لم أسمع عنه من قبل، وطبعا لست جهة محاسبة، ولا توجد لدينا أنظمة ضرائب واضحة ولا محاسبة، إلا إن كان هناك ما يستدعي، ومع هذه الفئة من المجتمع أعتقد أنه دائما وأبدا لا يوجد ما يستدعي.

من ضمن ما قرأت أن رجل أعمال سعوديا بصدد البدء في مشروع سياحي ضخم في شرم الشيخ بتكلفة أربعة مليارات ريال، وطرأ في بالي سؤال قد تسأله أنت أيضا: لماذا شرم الشيخ؟ ماذا يحدث لو أنشأ المشروع هنا على أحد الشواطئ أو الأماكن المناسبة الأخرى في المنطقة؟

التسهيلات؟ أسعار الأراضي؟ اليد العاملة؟ كل هذه الأسباب قد يفكر بها رجل الأعمال، ولكن.. ورغم رغبته في وجود الكثير من التسهيلات فيفضل القيام بالمشروع على أرض دولة أخرى، إلا أنني أتساءل: إلى متى؟ إلى متى سيقوم رجال الأعمال بصرف ثرواتهم خارج البلاد ولصالح من؟.

كبار رجال الأعمال هؤلاء.. ماذا قدموا للبلد الذي يعطيهم دعما كبيرا لا محدودا؟ أين المشاريع الخيرية والتي تنفع الآخرين؟ ما دور رجل الأعمال عدا تكديس الثروات بمهارة؟

عندما أذكر مشاريع تفيد الناس من رجال أعمال، فما الاسم الذي يخطر ببالك؟ عبداللطيف جميل مثلا؟ هل يخطر ببالك سواه؟ أخبرني من فضلك.

كثير من المشاريع التي تنهض بالأسر ماديا يمكن أن يقوم بها رجل الأعمال، كثير من الخير والتعاون والرحمة وتفعيل أنشطة للشباب والشابات والأطفال والمتقاعدين وربات المنزل وذوي الاحتياج الخاص وكبار السن، والمتعلم ونصف المتعلم وغير المتعلم.. كل هذه الفئات يمكن أن يأخذ بيدها رجل الأعمال في أعمال ومشاريع رائعة تعطي زخما للبلاد ومن فيها وتثري المجتمع، وسيستفيد هو كذلك.

أين رجال الأعمال من كل هذا؟

أغلب ما قرأته في الانترنت عن رجال الأعمال السعوديين هو حجم ثرواتهم وطليقاتهم غير السعوديات اللاتي يرفعن ضدهم قضايا في دول أخرى، ويحكم لهن بمبالغ طائلة كتعويض ونفقة، وشركات الطيران الخاص وإحصائيات عن عدد الطائرات الخاصة لرجال الأعمال وعدد الرحلات السنوية الكبير وحجم التكلفة. ودعم الأندية الرياضية، والتحديات الخاسرة، وكثير من هذا الذي لا يقدم شيئا لآخرين سوى الاحتقار والضحك المر على سوء التصرف في نعم.

متى ستقدم شيئا لسواك يا رجل الأعمال تفتخر به أمام إنسانيتك ووطنك وإلهك قبل كل ذلك؟

بالطبع لن يحدث هذا الذي سأقوله، وربما هناك ما يمنع من قوانين، ولكن لو أن الدولة تفرض على رجل الأعمال - الذي تصل ثروته إلى حد معين - تقديم مشروع ولو كان صغيرا إنما فعالا ويخدم آخرين، ألن يكون ذلك عدلا؟.

mona.s@makkahnp.com