معرفة

أصحاب الأصوات الجميلة يقرؤون المناقب في المتنزهات

u063au0644u0627u0641 u0643u062au0627u0628 u0645u0646u0627u0642u0628 u0623u0628u0648u062du0646u064au0641u0629 u0627u0644u0646u0639u0645u0627u0646 (u0645u0643u0629)
من فنون الكتابة التي برع فيها العلماء والأدباء المكيون، وجمعوا خلالها بين منهج الكتابة التاريخية وفنون الأدب نثرا ونظما، فن كتابة المناقب، بعد استخلاصها من السير والتراجم والتاريخ، ثم جمعها وتبويبها في مؤلفات صغيرة مختصرة، وصياغتها بعبارات بسيطة تسهل قراءتها على العامة والخاصة، مع الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وبعض الأشعار.

واشتهر من المكيين بهذا الفن شيخ الحرم المكي أبوالعباس أحمد بن عبدالله بن محمد بن أبي بكر الطبري الحسيني، الشهير بالمحب الطبري الكبير، المتوفى في 694هـ.

كتب الكثير من المؤلفات فيه، ومنها «مناقب أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى الله عنها-، والسمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربي، والرياض النضرة في فضائل العشرة.

ولمحمد بن الضياء القرشي المتوفى في 854هـ، كتاب مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة.

وللشيخ محمد بن محمد بن فهد المتوفى في 826هـ، كتاب مناقب الإمام الشافعي.

كما كتب في هذا الفن مفتي الحجاز الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المتوفى في 972هـ،حيث نجد ضمن مؤلفاته كتاب الخيرات الحسان في مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان.

ونلحظ أنه وفي القرنين الثالث والرابع عشر الهجريين، أصبحت المناقب أصغر حجما، وتميل إلى حذف الأسانيد في الأحاديث وتضمين الروايات ضمن سياق النص مع الإشارة إلى المصدر، إضافة إلى تميزها بقصر العبارات واستخدام السجع بكثرة، حتى تسهل قراءتها على طلبة العلم، كما يسهل حفظها على الراغبين في ذلك.

ومن باب الحرص على الخير، وبث الثقافة البسيطة في المجتمع، كانت بعض كتب المناقب تقرأ في الجلسات المنزلية، أو في المتنزهات كنوع من الترفيه والتعريف بالشخصيات الإسلامية البارزة، وكان يتخصص في قراءاتها بعض أصحاب الأصوات الجميلة.

وجرى العرف في كتابة المناقب على تقسيم الكتاب إلى أقسام، يفصل بينها بدعاء لصاحب المناقب، وتسمى هذه الفواصل بالتعطيرة وتشمل مقدمة فيها الدعاء، ثم النسب والولادة والنشأة والفضل والرحلات العلمية، وما تميز به صاحب المناقب من أعمال ثم الوفاة ومكان الدفن، وتختم كما بدئت بالدعاء.

لذلك يمكن القول إن كتب المناقب في هذه الفترة تعد مصدرا مهما وثريا في الكتابة التاريخية، فهي توثق لسير الكثير من العلماء، كما تشير في كثير من الأحيان إلى المعالم وتعطي صورا متنوعة للحياة الاجتماعية والمسارات العلمية والأدبية السائدة في الحقبة التي كتبت فيها، خاصة عندما يؤلف الكاتب عن شخصية عاصرها، حيث سادت في هذه الفترة الكتابة عن الشيوخ والصالحين، فكان من أنواع الوفاء أن يكتب الطالب عن شيخه، ويجمع أطراف سيرته في مؤلف صغير، ومن ذلك كتاب الشيخ عبدالحميد قدس المتوفى في 1334هـ، عن شيخه السيد بكري شطا والذي سماه: كنز العطا في ترجمة العلامة السيد بكري شطا.

وكتب الشيخ عبدالله المحجوب الميرغني المتوفى في 1207هـ، مجموعة في المناقب منها المقاصد الفخرى في مناقب السيدة خديجة الكبرى، ومناقب سيدنا عثمان بن عفان، والدرة اليتيمة في بعض مناقب السيدة العظيمة.

وممن كان مشهورا بكثرة مؤلفاته في المناقب من المتأخرين الشيخ جمال بن عبدالله شيخ عمر المتوفى في 1284هـ، ومن مؤلفاته في ذلك: مناقب خالد بن الوليد ومناقب السادة البدريين، ومناقب عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، وغيرها.

وللشيخ صالح كمال المتوفى في 1332هـ كتاب: عقود الدر النضيد في مناقب الحسين الشهيد.

ويعاب على بعض من كتبها، خاصة من كان يكتب عن الأولياء والصالحين، حشوها بالأساطير دون سند تاريخي، والمبالغة في إبراز الكرامات والخوارق، وعدم التأكد من صحة الروايات، والاعتماد على الروايات الشفهية.

makkawi@makkahnp.com