رسائل الجامعات العالمية تحاط بالسرية!
الثلاثاء / 30 / ربيع الثاني / 1437 هـ - 20:30 - الثلاثاء 9 فبراير 2016 20:30
لم أكد أصدق عيني عندما بعث إلي أحد الأحبة بصورة لصالة تتم فيها مناقشة رسالة دكتوراه (الرسالة العالمية)، حيث لم يتجاوز عدد الحضور الشخص الواحد، هاتفته مباشرة: هل هذا معقول؟ فأجاب: وأزيدك معلومة أن هذا الشخص الحاضر هو تلميذ للمناقش الخارجي، وأنه حل ضيفا عليه، وحضر من باب المجاملة لأستاذه فقط!
وقد حضرت أخيرا مناقشة لرسالة دكتوراه لأحد الزملاء وكان عدد الحاضرين لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، وبعضهم أخذ بالانصراف قبل انتهاء المناقشة!
وعندما عدت بالذاكرة لبداية هذا الواقع المؤلم، وجدت أنه كان قبل نحو خمسة عشر عاما، حيث تناقل الزملاء خبر مناقشة أحد المسؤولين الكبار في إحدى الجامعات، وكان المدهش هو توقيت المناقشة والقاعة المختارة لذلك، فقد كان عند التاسعة صباحا وفي قاعة صغيرة في كلية من كليات الجامعة.
ويتعجب المرء من مثل هذا الإجراءات، فالرسالة يفترض أن تناقش بشكل علني ليستفيد الحاضرون من محتواها والنقد الذي سيثري به المناقشان الداخلي والخارجي الرسالة.
بحثت لأجد ما ينص على اشتراط حضور عدد معين من الحاضرين للمناقشة فلم أجد، ثم هاتفت بعض الأصدقاء من العارفين بالأنظمة، فبعضهم لم تكن لديه إجابة، وبعضهم الآخر أكد أن الدعوة يجب أن تكون علنية، لكن لا يوجد نص يشير إلى عدد محدد من الحاضرين!
وهنا يتساءل المثقفون والباحثون وذوو الاهتمامات الفكرية عن إقرار مثل هذا التوقيت، وكيف يمكن له أن يثري الحراك الثقافي والفكري!
إن الجامعات يفترض أن تكون منارات معرفية ويناط بها بث الإشعاع الفكري لتمثل منبرا من منابر العلم والثقافة لأي مجتمع تقع في محيطه، فيفيد منها ذلك المجتمع كمحيط أولي، ثم يعم نفعها الأرجاء، من خلال البحوث العلمية التي تثري المكتبات وتغذيها بكل ما هو جديد.
وأذكر أنني كنت ذات مرة بمعية أحد أستاذتي في جامعة الملك عبدالعزيز فأطلعته على عنوان مناقشة رسالة علمية عالمية (دكتوراه) فتبسم ضاحكا وقال: هذه في دول متقدمة لا يمكن أن تجاز بحال، فالدكتوراه يفترض أن تكون إضافة مميزة وذات قيمة عالية جدا للمكتبة.
إذ من المفترض أن يقوم البحث العلمي ـ خاصة التطبيقي منه ـ على حل مشكلة من المشكلات التي تواجه شريحة معينة من المجتمع، أو قطاعا من القطاعات، أو لتطوير الحياة السياسية، أو الاجتماعية، التي تظهر بالمجتمع المحلي، أو الإقليمي، أو الإنساني، وبالتالي سوف يتعرف الحاضرون على ماهية المشكلة، والطرق المختلفة لحلها، والتعامل معها، وأهم أو أفضل الوسائل التي توصَّل إليها الباحث لمعالجتها، وما هي النقاط التي يُوصي بها الباحث لدراستها من قِبَل الباحثين والدارسين في المستقبل، بعد ما انتهى من دراسته الحالية.
وهنا يكمن سبب آخر في عزوف الكثيرين عن حضور مناقشات الرسائل العلمية، ألا وهو عنوان الرسالة وأهميتها، فبعضهم لا يجدون في ذلك العنوان جاذبية للحضور، وخاصة أن بعضها يكون جزئيا ودقيقا للغاية.
وكم أعجبتني جامعة الملك سعود عندما طرحت هذا الموضوع للنقاش في رسالتها الصادرة عنها، وكان هناك إجماع من قبل الأساتذة الذين تم الالتقاء بهم على ضعف الحضور حتى وصل الأمر إلى العزوف التام أحيانا.
وذكر بعضهم أنه منح الطلاب الحاضرين للمناقشات العلمية درجات، تحفيزا لهم على الحضور. والمفترض أن يكون ضمن التقويم العام درجات مخصصة لحضور الأنشطة التي تقام في الجامعة بشكل عام، ومنها مناقشة الرسائل العلمية.
وذكر الطلاب أنهم لا يعلمون عن تلك المناقشات، مما يعني أن الإعلان عنها ضعيف جدا، وهذا واقع لا يمكن إنكاره، فكاتب هذه السطور يعمل في جامعة منذ أكثر من ربع قرن، ويلمس الفرق الواضح بين ما كان وما هو واقع اليوم. وأجزم أن الجميع يتفق مع هذا الطرح، فمنسوبو الجامعة لا يعلمون عن وجود مناقشة لرسالة علمية، وهذا وضع غير صحي يفترض معه التدخل العاجل للنظر فيه وإعادته لسابق عهده.
إن هذا الموضوع في غاية الأهمية لكل أفراد المجتمع، ومن كافة الشرائح، ويحتاج إلى حملة للتوعية والترغيب في دخول الجامعات والكليات والمراكز البحثية، وكسر الحاجز النفسي بين الشارع وقاعات العلم، فلا بد من أن يكون للعلم جمهور، وليس الهدف في الكم، ولكن المهم هو الكيف.
وهي رسالة أبعثها بمزيد من الأسى لمعالي وزير التعليم.
وقد حضرت أخيرا مناقشة لرسالة دكتوراه لأحد الزملاء وكان عدد الحاضرين لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، وبعضهم أخذ بالانصراف قبل انتهاء المناقشة!
وعندما عدت بالذاكرة لبداية هذا الواقع المؤلم، وجدت أنه كان قبل نحو خمسة عشر عاما، حيث تناقل الزملاء خبر مناقشة أحد المسؤولين الكبار في إحدى الجامعات، وكان المدهش هو توقيت المناقشة والقاعة المختارة لذلك، فقد كان عند التاسعة صباحا وفي قاعة صغيرة في كلية من كليات الجامعة.
ويتعجب المرء من مثل هذا الإجراءات، فالرسالة يفترض أن تناقش بشكل علني ليستفيد الحاضرون من محتواها والنقد الذي سيثري به المناقشان الداخلي والخارجي الرسالة.
بحثت لأجد ما ينص على اشتراط حضور عدد معين من الحاضرين للمناقشة فلم أجد، ثم هاتفت بعض الأصدقاء من العارفين بالأنظمة، فبعضهم لم تكن لديه إجابة، وبعضهم الآخر أكد أن الدعوة يجب أن تكون علنية، لكن لا يوجد نص يشير إلى عدد محدد من الحاضرين!
وهنا يتساءل المثقفون والباحثون وذوو الاهتمامات الفكرية عن إقرار مثل هذا التوقيت، وكيف يمكن له أن يثري الحراك الثقافي والفكري!
إن الجامعات يفترض أن تكون منارات معرفية ويناط بها بث الإشعاع الفكري لتمثل منبرا من منابر العلم والثقافة لأي مجتمع تقع في محيطه، فيفيد منها ذلك المجتمع كمحيط أولي، ثم يعم نفعها الأرجاء، من خلال البحوث العلمية التي تثري المكتبات وتغذيها بكل ما هو جديد.
وأذكر أنني كنت ذات مرة بمعية أحد أستاذتي في جامعة الملك عبدالعزيز فأطلعته على عنوان مناقشة رسالة علمية عالمية (دكتوراه) فتبسم ضاحكا وقال: هذه في دول متقدمة لا يمكن أن تجاز بحال، فالدكتوراه يفترض أن تكون إضافة مميزة وذات قيمة عالية جدا للمكتبة.
إذ من المفترض أن يقوم البحث العلمي ـ خاصة التطبيقي منه ـ على حل مشكلة من المشكلات التي تواجه شريحة معينة من المجتمع، أو قطاعا من القطاعات، أو لتطوير الحياة السياسية، أو الاجتماعية، التي تظهر بالمجتمع المحلي، أو الإقليمي، أو الإنساني، وبالتالي سوف يتعرف الحاضرون على ماهية المشكلة، والطرق المختلفة لحلها، والتعامل معها، وأهم أو أفضل الوسائل التي توصَّل إليها الباحث لمعالجتها، وما هي النقاط التي يُوصي بها الباحث لدراستها من قِبَل الباحثين والدارسين في المستقبل، بعد ما انتهى من دراسته الحالية.
وهنا يكمن سبب آخر في عزوف الكثيرين عن حضور مناقشات الرسائل العلمية، ألا وهو عنوان الرسالة وأهميتها، فبعضهم لا يجدون في ذلك العنوان جاذبية للحضور، وخاصة أن بعضها يكون جزئيا ودقيقا للغاية.
وكم أعجبتني جامعة الملك سعود عندما طرحت هذا الموضوع للنقاش في رسالتها الصادرة عنها، وكان هناك إجماع من قبل الأساتذة الذين تم الالتقاء بهم على ضعف الحضور حتى وصل الأمر إلى العزوف التام أحيانا.
وذكر بعضهم أنه منح الطلاب الحاضرين للمناقشات العلمية درجات، تحفيزا لهم على الحضور. والمفترض أن يكون ضمن التقويم العام درجات مخصصة لحضور الأنشطة التي تقام في الجامعة بشكل عام، ومنها مناقشة الرسائل العلمية.
وذكر الطلاب أنهم لا يعلمون عن تلك المناقشات، مما يعني أن الإعلان عنها ضعيف جدا، وهذا واقع لا يمكن إنكاره، فكاتب هذه السطور يعمل في جامعة منذ أكثر من ربع قرن، ويلمس الفرق الواضح بين ما كان وما هو واقع اليوم. وأجزم أن الجميع يتفق مع هذا الطرح، فمنسوبو الجامعة لا يعلمون عن وجود مناقشة لرسالة علمية، وهذا وضع غير صحي يفترض معه التدخل العاجل للنظر فيه وإعادته لسابق عهده.
إن هذا الموضوع في غاية الأهمية لكل أفراد المجتمع، ومن كافة الشرائح، ويحتاج إلى حملة للتوعية والترغيب في دخول الجامعات والكليات والمراكز البحثية، وكسر الحاجز النفسي بين الشارع وقاعات العلم، فلا بد من أن يكون للعلم جمهور، وليس الهدف في الكم، ولكن المهم هو الكيف.
وهي رسالة أبعثها بمزيد من الأسى لمعالي وزير التعليم.