الرأي

حسبي الله عليك يا راقي!

يمين الماء

عبدالحليم البراك
قال لي صاحبي بحرقة: حسبي الله عليه!

قلت له: من؟

قال: الشيخ، الراقي ومفسر الأحلام.

قلت له: استغفر الله يا رجل، لحوم العلماء مسمومة، وسنة الله في هتك منتقصيهم معلومة، فمن تعرض لهم بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

قال لي صاحبي بعنف: ليس من العلماء، بل من الجهلاء!

قلت: يبدو أن الموضوع يستحق البحث والتوقف، أخبرني ما القصة!

قال بحرقة: ظهر ورم صغير في أختي وتم استئصاله، وجد فيه شعر ملتف وأسنان وكأنه فك صغير، فتهورت إحدى أخواتي وسألت الراقي ومفسر الأحلام الجاهل عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي «تويتر» عن حالة أختي المصابة فقال: هذا سحر، ويجدر بكم استعادة الورم من المختبر، وفك السحر بالطرق الشرعية، فجاءت أختي مذعورة إلينا، وألقت الخبر الذي نزل كالصاعقة على أختي المصابة، فصدّقت إصابتها بالسحر، فصارت تبرر إخفاقاتها الدراسية، وإخفاقاتها في زواجها، وكل مصيبة واجهتها بالسحر والعين، وهذا الدليل (يعني جاك يا مهنا ما تتمنى)، فما تركنا بيت راق، ولا أم عبيّد تلك التي تكوي النساء في كل موضع إلا وزرناها، وحدثتنا أنفسنا بالذهاب لبلد يقال إنه يفك السحر، لفك السحر بالسحر (بعض العلماء أجازه!)، ودخلنا بيت مشعوذين وسحرة (اللهم يا كافي)، وأنفقنا أموالاً طائلة بعد أن تدهورت حالتها النفسية.

قال صاحبي بعد أن تنهّد أيضاً: وبمحض الصدفة أو القدر أو من لطف الله تعالى بحالتنا أن قام طفل صغير في البيت، و»قوقل» - وليته «مقوقل» من زمان - هذا المرض، فوجد أنه طبيعي، ويسمى بالورم المسخي واسمه «TERATOMA»، وليتنا استفتينا «الشيخ قوقل» قبل أن نستفتي الراقي الجاهل، فاقتنعت البنت بأنه ورم حميد، وأن الله لطف بنا، فتحسّنت حالتها، وصارت على أتمّ حال، وتفوقت في دراستها، ونجحت في علاقتها الزوجية!

قلت: هذه قصة متخيّلة من حوار حقيقي «تويتري» بين امرأة ومفسر أحلام، ولربما صار «قوقل» أعقل من بعض الجهلة، وقلت تأكيداً اللهم قوقلنا ولا تقوقل علينا، واحفظ لنا صغارنا الذين يرجعون للشيخ قوقل قبل الرجوع لمفسري الأحلام!